الطيوب | متابعة وتصوير : مهنَّد سليمان
احتضن رواق دار الفنون بمدينة طرابلس بالتعاون مع الجمعية الليبية للفنون التشكيلية مساء يوم السبت 20 من يناير الجاري المعرض الشخصي الثالث للفنان التشكيلي الليبي “موسى أبو سبيحة” الذي حمل عنوان (الأسطورة العذراء) يشارك فيه أبو سبيحة باثنتي عشر لوحة وسط حضور كوكبة من الفنانين والإعلاميين والمثقفين والمهتمين بالحركة التشكيلية في ليبيا، وافتتح الفنان الدكتور “محمد الغرياني” المعرض بكلمة توقف فيها عند محطات من السيرة الذاتية للفنان أبو سبيحة فهو من مواليد طرابلس عام 1975م درس بكلية الفنون والإعلام تخصص رسم وتصوير بجامعة طرابلس، كانت له تجربة عمل مع مجلة الأمل للأطفال كرسام امتدت لنحو عشر سنوات، لديه العديد من المشاركات الجماعية في أكثر من مدينة ليبية إضافة لإقامته لمعرضين شخصيين الأول بعنوان (ماء وشجر)عام 2006م والثاني بعنوان (عرائس المروج)عام 2022م، حيث تمتاز أعمال أبو سبيحة بثراء الألوان والقدرة على التعبير بلغة امتلك الرسّام مفرداتها الخاصة التي تفتح له في كل مرّة الأبواب على أفق الأفكار الجديدة، وقد جاء معرضه الثالث الأسطوراء العذراء مُحمَّلا بطرح موضوعي يقتحم به أبو سبيحة بوابة التاريخ القديم، وذلك من خلال استدراج الفكرة إلى لعبة اللون والرهان على تأويل الرمز وماوراءه من أبعاد، والتشكيلي أبو سبيحة يلج متسلحا بقيم الميثولوجية في محاولة التفافية يراقب بواسطتها معطيات الحاضر وهواجس المستقبل.
إعادة تجسيد للأسطورة والخرافة
فيما أشار الفنان “موسى أبو سبيحة” في سياق متصل إلى أن معرضه ينطوي على شيء من الفلسفة الذاتية والشخصية وإن كانت مستقاة من مراجع معينة مع وجود بعض التحوير البسيط والجزئي، موضحا بأنه يعمل على هذا المشروع منذ عام 2017م محاولا إعادة تجسيد وتدوير هذه الأساطير والخرافات الشعبية عبر مجموعة من اللوحات، مؤكدا أن ثيمة الأسطورة في ليبيا لم يتم الاعتناء بها وتناولها فنيا إلا في بعض التجارب الاستثنائية، وأضاف بالقول : علاقتي بالأسطورة بدأت مع مرحلة طفولتي فالأسطورة تمنحني بُعدا آخر مختلفا للحياة ورؤية فنية أكثر نضجا علاوة على أنها منحتني مساحة حرة للتحرك والتعبير داخل حيّز أكبر وتابع بالقول : إن الأسطورة في جوهرها مستوحاة من ميثولوجيا الحضارة الإغريقية كالأوديسا باعتبارها أحد الأفرع الرئيسة للفنون مشيرا كذلك إلى أن الأسطورة صيغت وفق أشكال متباينة فضلا عن ذوبان الأسطورة والخرافة في ثقافتنا المحلية الليبية بصور مختلفة، كما أوضح أنه نتيجة التأثر يقترب بأبجدية ألوانه من مدارس فن عصر النهضة الأوروبية حتى تكون أعماله محط جمال أكثر.
الوداع أكاكوس
كما بيّن لنا أبو سبيحة مضمون لوحة (الوداع أكاكوس) أن الرقعة الجغرافية لمنطقة أكاكوس تمثل حسب تصوره شكلا من أشكال الأسطورة في حد ذاتها بوصفه مكانا أسطوريا متسائلا هل مَن رسموا ونقشوا على جدران كهوف أكاكوس كانوا بالفعل أبناء فعليين لتلكم البيئة أم أنهم قدِموا من مكان آخر؟ مضيفا أنه حاول استحضار حالة ذهنية معينة توحي بأواخر أيام تلك الحقبة ورصد مرحلة رحيلهم من المكان، وخلُص أبو سبيحة لسؤال وجودي مؤاده كيف لحضارة يُقدّر عمرها بما يزيد عن عشرة آلاف عام لا نجد لها أثر لهياكل الحيوانات كالأفيال والزرافات. الجدير بالذكر أن المعرض مستمر حتى مساء يوم الخميس المقبل.