الطيوب : متابعة وتصوير / مهنّد سليمان
أقيم بأكاديمية منارة طرابلس للتدريب بمنطقة حي دمشق مساء يوم الإثنين 25 يوليو الجاري محاضرتان للباحث الليبي “معبد السنوسي” بحضور لفيف من المثقفين والمهتمين بالشأن التراثي الغدامسي، الأولى كانت بعنوان (التصميم الداخلي للبيت الغدامسي..بين الماضي والحاضر) والثانية بعنوان (مزج الأصالة مع الحداثة في التصميم الداخلي التقليدي) ويجيء هذا النشاط في إطار سلسلة من المحاضرات التوعوية الرامية لتسليط الضوء على أهمية المعرفة بالتراث المحلي الليبي وتعزيز قيم الهُوية لمكونات المجتمع الثقافية.
تفرد العمارة الغدامسية
واستهل الباحث السنوسي خلال توطئته بالإشارة لملامح التميز داخل مدينة غدامس وسمعتها العالمية نظرا لتفرد عمارتها وتقاليدها ونمط حياة أهلها واشتهارها بعدد من الأسماء وبلهجتها المحلية القديمة، كذلك تميز المدينة في النمط والطراز العمراني لبيوتها ومنازلها القديمة ما جعل من المدينة نموذجا على المستوى العالمي، وأضاف أيضا بأن المتأمل في منازل مدينة غدامس القديمة من ناحية المزارع أو خارج المدينة يلقى أن الشكل الخارجي لا يظهر عليه شكل البيوت العادية ذات الشرفات أو النوافذ الواسعة، وأوضح الباحث بالصورالمرئية إحدى المداخل الرئيسة للمدينة وتحديدا باب الظهرة، كما أكد أن غدامس أول مدينة في العالم تستخدم نظام المناسيب حيث يعتبر البيت الغدامسي القديم محصلة لعدة عوامل اجتماعية وثقافية ودينية ومناخية نتيجة تلبيته لاحتياجات هامة وضرورية فرضتها ظروف الحياة كالإبداعات والمهارات المختلفة والخبرات والتجارب كونها توفرت جميعها بغية إظهار تصميم المنازل وفق صورتها الحالية وبالتالي جاءت متشابهة في التصميم والجوهر التخطيطي.
نموذجية البيت الغدامسي
واستطرد الباحث السنوسي حول تفاصيل البيت الغدامسي باعتباره أنموذجا نادرا حسب وصفه لعمارة فريدة امتدت لما يقارب الـ1400 عام مبيّنا أنه رغم اختلاف الأساليب والطرق المعمارية ظل البيت الغدامسي محافظا على خصوصية عمارته فلم يتغير ولم يتأثر أو تؤثر فيه تلك الأساليب والتصاميم الحديثة إلا في أضيق حدود، مشيرا إلى أن البيت في مدينة غدامس يعد أهم عناصر المدينة المعمارية بسبب تفرده الجمالي وعمارته الأصيلة وكذلك لغرابة تصميمه مما يصعب وصفه وصفا دقيقا دون الاستعانة بالخريطة المعمارية الخاصة أو زيارته والوقوف عليه، وأردف بأن البيت الغدامسي يتكون من عدة مستويات وطوابق تقسم بين مناطق مغلقة تكون في الممرات والحجرات ودورات المياه.
الأصالة والمعاصرة
من جانب آخر أشار الباحث في محاضرته الثانية لمسألة الأصالة والمعاصرة موضحا أنهما وجهان لقضية واحدة فهي مكمن معانيها تهدف لحوار الماضي مع الحاضر حوار يكون للحاضر فيه زمام المبادرة دون التخلي عن إرث الماضي، وتابع : هذه ظاهرة صحية وضرورية تؤدي للإرتقاء بالموروث الثقافي وتشجع على إعادة توظيفه واستثماره بصيغة تتلائم مع معطيات العصر واحتياجات المجتمع، ويجد الباحث في تصوره أن المعاصرة والحداثة تعني الأخذ بأسباب التطوير للتحسين والتحديث كي لا تتعارض ذلك مع آمال وتطلعات المجتمع وظروف العصر الراهن، لافتا إلى أهمية العودة للتراث لكن بمعنى انفتاحي ووفق قراءة جديدة بعيدة عن الإفراط في التبجيل والتغني بالأمجاد والوقوف على الأطلال داعيا في ذات الوقت للنظر للتراث بنظرة تقدير واحترام والتعامل معه على أنه قيمة حية، واختتم حديثه بضرورة الحفاظ على الموروث الثقافي من الإندثار والضياع وعلى الجميع المساهمة في إبراز جوانبه المضيئة وإعادة إحياءه بكافة الوسائل والطرق.