عادل بشير الصاري
رواية (المهاجرون) للصحفي اللبناني سليم اللوزي (1922ـ 1980م)، وهي سردية تحكي مأساة ثوار البعث والقومية العربية الذين انخدعوا بشعارات الأنظمة الثورية، واختلفوا معها، وبعدما تعرضوا للتعذيب والقمع على أيدي من أوصلوهم للسلطة استفاقوا فكفروا بالثورة والثوار، وآمنوا بالثروة وجمع المال من أي مصدر وبأية طريقة، وأخيرا استقر بهم المقام في بلدان الغرب التي كانوا يصفونها في مسيراتهم وخطاباتهم بالامبريالية والاستعمار.
بطل الرواية هو كاتبها، وهو من أدار شخصياتها واستنطقها بتقنية التداعي والاسترجاع، وتبدأ الرواية بلقاء سليم اللوزي على شواطئ الريڤييرا الفرنسية، ملتقى الأثرياء والمجتمع المخملي بصديق قديم فر هارباً من النظام القمعي في بلاده تاركاً وراءه ماضيه الثوري، ليبدأ حياة جديدة بحثا عن الثروة إلى أن صار من أكبر الأغنياء، يستضيف على مائدته أمير موناكو وزوجته والمليونير اليوناني الشهير أوناسيس.
قرأت فصولا من الرواية التي نشرها اللوزي عام 1972م مسلسلة في أعداد مجلته الأسبوعية (الحوادث)، ولم أتمكن حينها من إكمالها بسبب منع المجلة من الدخول إلى ليبيا بعد أن صدر عدد منها يتصدر غلافه مقال عنوانه (عقدة العقيد)، ولا شي كان يضايق اللوزي العروبي العقيدة سوى الأنظمة الثورية في ليبيا وسوريا واليمن، ومن الغريب أني وجدتُ الرواية في مكتبة الأسد بدمشق، مع أن النظام هناك متهم باختطاف اللوزي وقتله.
لا تزال رواية ( المهاجرون) مجهولة لدى الكثيرين من المهتمين بالسرديات، وقد أشرتُ على بعض الطلاب الباحثين دراستها لوحدها أو ضمن أعمال أخرى، ولكن ـ بحسب علمي، أن الرواية لم تُدرس أكاديميا حتى الآن..