سالم البرغوثي
لديّ قناعة راسخة بأن القمة العربية الاسلامية التي عقدت في الرياض السبت الفائت لم يكن هدفها وقف المجازر الصهيونية على غزة. فقد انعقدت القمة بعد أكثر من ستة وثلاثون يوما من اجتياح غزة وفي صباح دخول الدبابات الاسرائيلية لوسط غزة وعلى بعد عشرين مترا من مستشفى الشفاء.
من هنا لا يسعني إلا القول القمة لم تعقد في الرياض ولا في القاعة الملكية الفخمة بل عقدت على ركام المباني المدمرة والجثث المتفحمة لأطفال غزة.
السؤال المهم ما جدوى انعقاد القمة في هذا التوقيت المتأخر. هل هو لامتصاص الغضب الشعبي أم لإعطاء فرصة لنتنياهو لإنهاء حماس والجهاد الإسلامي قبل المطالبة بهدنة إنسانية لإدخال المساعدات كما جاء في بيان قمة الرياض.
في قمة شرم الشيخ 2003 والتي عقدت في ظروف إقليمية بالغة الأهمية إذ كان الغزو الأمريكي للعراق قد بدأ فعليا. شدد البيان الختامي للقمة على ضرورة احترام سيادة العراق على أراضيه بينما في حقيقة الأمر فإن المشاركة العربية في غزو العراق كانت من بعض دول القمة ذاتها.
في قمة الرياض 2023 كان البيان الختامي يدفع نحو التهدئة والمطالبة بوقف الحرب وإدخال المساعدات الإنسانية وإدانة المجازر الاسرائيلية لكنه افتقد للغة التهديد واستخدام أي وسائل لحماية المدنيين في غزة أو كبح جماح الآلة العسكرية للعدو حتى إن إسرائيل طلب من المجتمعين في الرياض وبكل عجرفة إدانة عملية طوفان الأقصى.
كنت على يقين من أن قمة الرياض لن تختلف على القمم العربية السابقة في ظل استمرار العجز العربي على فعل شيء .خصوصا وأن النظام العربي كان يمرر من خلال الإعلام الرسمي والخطاب الديني بأن حركة حماس والجهاد الإسلامي ارتكبتا خطأ استراتيجي بعملية طوفان الاقصى التي جرت على الفلسطينيين الدمار والنزوح والقتل دون تحقيق أي مكاسب وأن حركة حماس تريد أن تنفصل بالقرار السياسي الفلسطيني عن سلطة الضفة الغربية وكان من الحكمة أن تصمت المقاومة على الظلم والقهر تحت الحصار والتجويع والتضييق وقطع الماء والكهرباء وابتلاع مزيدا من الاراضي الفلسطينية.
في تقديري أن قمة الرياض كان لها أهداف أخرى غير معلنة ربما تمت مناقشتها في كواليس القمة ارتبطت ببيان وزراء خارجية العرب في الجامعة العربية مع بداية الاجتياح الاسرائيلي بتحييد حماس والجاهد الاسلامي وضم غزة لسلطة محمود عباس في الضفة باعتباره الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وقد جاء ذلك من خلال كلمة محمود عباس في القمة بضرورة العودة إلى القرارات الدولية .ومن الاهداف غير المعلنة رفع الضغط الأمريكي على القيادة المصرية بخصوص ترحيل سكان غزة إلى سناء والاهم في هذه الاهداف غير المعلنة إطلاق سراح أسرى إسرائيل لدى المقاومة لفك الضغط السياسي والشعبي على نتنياهو .
قمة الرياض لم تأت بجديد وإن كان جديدها رفع الغطاء على المقاومة وتركها وحيدة دون سند من خلال بيان باهت ركيك مكرر.