أنجبت فلسطين العديد من الشعراء والأدباء الذين حملوا قضيتها ودافعوا عنها بكل عزم وإصرار ورفضوا أن يعيشوا حياتهم بعيداً عن الانغماس في هموم فلسطين وشعبها المناضل.
ومن هؤلاء: الشاعر الفلسطيني موسى الكسواني الذي استقرت عائلته في الأردن بعد النكبة الفلسطينية عام ١٩٤٨م ولم يترك خندقه المدافع عن وطنه المحتل ليشعل في قصائده الهمم ويدافع عن الأمهات والشهداء.
ولد الشاعر موسى الكسواني في عمان عام 1957و هو عضو رابطة الكتاب الأردنيين والاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، صدر له: «يمام القلب» و «طقس النزيف الأخير» ” و ” أسئلة الغيب “وعمل في الدائرة الثقافية بأمانة عمان الكبرى.
و المتأمل في تجربة شاعرنا الكسواني يجد الاشتغال المكثف بالهم الوطني مع الالتزام بالقيم الإسلامية و يكتشف ذلك الاهتمام باللغة العربية الفصيحة و إتقانه الشعر العمودي و شعر التفعيلة فتجد الجزالة و الثروة اللغوية و التمكن و الثقافة الواسعة في شعره العمودي و تظهر في قصيدة التفعيلة البساطة و العذوبة و الاتكاء على الرمز و الأساطير و هو بهذا يمزج في تجربته بين الشعر العمودي و شعر التفعيلة و لا يتبرأ من أحدهما ليخلص للآخر كما فعل غيره من الشعراء كمحمد مهدي الجواهري الذي تخصص بالشعر العمودي و كمحمود درويش الذي تخصص بقصيدة التفعيلة.
أما ثقافة الشاعر الكسواني فهي أيضاً مزيج متوازن بين التراث العربي الإسلامي المشرق والثقافة والأساطير الغربية، فالشاعر يقرأ مقدمة بن خلدون ويقرأ كذلك أساطير جلجامش ليؤثر ذلك كله على قصيدته شكلاً ومضموناً.
يقول في قصيدته ” أمطر ثقالك” مخاطباً المناضل الفلسطيني:
أمطر ثِقالكَ قَطرُكَ الإغضابُ
وارفع جبينكَ سَمْحُكَ الإرهابُ
وادرجْ على نهجِ الذين استعظمتْ
بهمُ الذرى واستعلت الأنسابُ
ترقى بكَ المرقاة دونك غيظهم
والجَمْعُ تحتكَ سقفهم أعتابُ
ما كلُّ ما يأتيك من أغوالهم
إلا لأنكَ كاسرٌ غلابُ
ويقول في قصيدته “حزيران”:
سجى تمهلي يا ومضة الهناء في هذا الفضاءْ
لعلنا نبيعُ كل ما اشترتْ من عُسرنا أوهامُنا
ونستردُّ كلَّ ما قد بِيعَ في وقتِ الضياع
تمهلي يا بُكرةَ الفيض المُضيءِ أوَّلَ الألقْ
ما زال في بقيةٍ منَّا بقيةٌ من الرَّمقْ
سنغسلُ الدماء عن جدار القدس في نواشِر الغسقْ
ونكتبُ التاريخَ مرة أخرى
ونعبرُ النَّفَق