مضى أول العمر
ونحن نطارد
سراب الحضارة !
نحلم بالحب و بالحرية
ونعتنق التمرد
أطلقنا “البيبي هير”
على عواهنه
لبسنا السراويل العريضة
و غنينا على أنغام
مايكل جاكسون ..
مضى أول العمر
ونحن نحلم بالمعرفة
وبالمنح الدراسية
التي تهبها
الجامعات العريقة
لكننا قضينا شبابنا
في مراكز التجنيد
ومعسكرات تأطير العقائد ..
حلمنا كثيرا
ثم أعادتنا خيباتنا المتلاحقة
لنبش مقابر الماضي ..
واستعرنا
كل أوهام التاريخ
وظهرنا برسم منقرض ..
مضى أول العمر
تميعت ولاءاتنا
وتفرقت في مسالك العبث ..
فشلنا في ممارسة الحب
أو إقامة الدولة
ووقفنا بين الأزمنة
كحجر تليد
تقاس به مضارب القبائل ..
مضى أول العمر
وساحت قناعاتنا
على مواقد الكذب البواح
أنقذنا ذات عمر
“عبدالكافي البرعصي”!
وهو يغرد كل ليلة
في الخيم الكئيبة
التي تحتضن أعراسنا ..
وصل صوته المبحوح
المغلف بأسى دفين
إلى المشاعر المضطرمة
التي تلتهمنا
ونعجز أن نقولها
وظل لسنين طويلة
عرّاب أحزاننا ..
مضى أول العمر
وتركنا على حواف مهودنا
مقيدين بمآثر الافتراء
لم نخطُ خطوة واحدة
صوب جديد ..
تساقط شعر الرأس
وانطفأت الأغنيات
وانحسرت بهجة الموسيقى
وصرنا نلوك أعوامنا
بأمنيات مطفأة
و أمل هزيل ..
و ها هو العمر
ينتعل دروب الرحيل
ولم تزل نجمة وحيدة
على مشارف الصباح
تومئ لوحدته الموغلة ..
