1
كيف يُمكن التمييز بأنّ شيء ما أو فعل ما أنّه من عمل الشيطان. أو أنّ شخصاً ما شيطاني في مقابل الشخص المعافى من هذه الشيطنة بطريقة صارمة دون تمحيص لهذا القول ودون التحقق من منابع معانيه وتوفر الدلائل على ذلك، أو نتباهى بأسباب القوة والمناعة من جهة أخرى إلى درجة نقارن ذلك بالذي نؤمن او نعتقد فيه في انفسنا، على أنّنأ لسنا شياطين ولا نتمي لهذه الفصيلة من الخلق مطلقاً، ولسنا من أصحاب الهلكة التي يغذيها مكر الشياطين المشهورة والتي لا ينجو منها أحد؟ ومن باب المعاكسة أو التعارض نجد في انسان آخرمن فصيلة شيطانية في الحقيقة وبالتالي يقف هذا الشيطاني على خلاف مصالحنا ويتعارض مع ما نعتقد فيه يقينياً بأنّ الشيطان عدو كبير للإنسان وينبغي الحرص منه ومن مطباته وشرّ اعماله.
2
إذا كان الشيطان شراً مطلقاً – حسب اعتقادنا اليقيني – فهل لنا الحق المطلق بأنْ نقضي عليه إلى حد تدميره والأخلاص منه بكل الوسائل المتاحة، وإذا كان الأمر غير ذلك فهل لنا عِوضاً عن تدميره وإزالته من الخليقة والاستمرار بمحاربته والمُجاهدة في التصدي له أنْ نعتقد بأنّ التقوى وبرد اليقين كفيلة بطرد الشيطان عنا بالحق وبالصدق؟
3
ولكن كيف لنا إنْ شئنا تدميره، فهل يتسنى لنا نحن البشر ذلك علماً منا أننا ليس في مقدورنا أن نراه وجهاً لوجه في الواقع الملموس حسياً؟ فليس للشطآن جوهر حسيّ حتى ندركه ونراه ومن ندخل في صراع معه لتدميره والقضاء عليه ونجعله عبرة للشياطين الأخرى؟
4
إذن فليس أمامنا إلا الأيمان بأنّ الشيطان أحد مخلوقات الله ووجب علينا أنْ نحاربه كما ينبغي حسب تعليمات الله! ومن ابسط و اسرع وسائل محاربته هي العياذ منه ومن شرّه الرجيم وذلك بالقول الجهر أو في السّرّ ايضاً. ولكن طالما أنه ليس لنا القدرة على مُجابهة الشيطان المُتخبي عن الأنظار البشرية فأنّه يصعب مواجهته بطريقة ناجعة فقد لا ينجح دواء الدعاء وحده إذا كان الدعاء لا يلائم جلال الله وقدره!
5
غير من جهة أخرى أنّ مأساة الشيطان في غالب الأحيان ليس فيما يقوم به أو يفعله أو ما يحدثة من الوسسة في عقول البشر التي اشتهر بها وبرع فيها، لكن فيما يترتب عنه وعن أفعاله من شقاء وعناء للناس أو ضحاياه! فقد تكون المشكلة الرئيسة في الضحية، فقد يكون نسيّ التعوذ من الشيطان ولم يقوَ على محاربته لقلة زاده الأيمانية وقد تكون من عدم قدرته على رؤيته في اللحظ والتو وجها لوجه حتى يتسنى مقارعته كما ينبغي لنا بالفعل الجدير بالتقدير، إذن فلن يتبقى من علاج المتضرّر من كيد اشيطان الرجيم ومن شطارته في النزاع وفي الهدم والوحشية إلا العلاج بطريقة أخرى تصطرع فيها القوى البشرية مع مشكلة الضحية عساها أنْ تفضي بالأمن والسلامة ونترك للشيطان يسوم نفسه التعمق في سبل التهديد!