الشظية الأولى:
فرحةٌ ناقصةٌ، أم فرحةٌ حافلة بأسئلة كثيرة في بلدٍ مدهوش الرأس، وفي مراسم استلام المهام الوزارية والإدارية الجديدة، بعد أن تمّ تسليم السلطة من “حكومة الوفاق” إلى حكومة “الوحدة الوطنية”، تقدم مسؤول جديد للقسم على أنْ يلتزم بالمبادئ الدستورية لخدمة البلد والناس وتابع بزلّةِ لسانه وغياب فطنته بأنْ يحمي ” ُثورة الفاتح”، فتدارك الأمر في عجالة تحت عاصفة من الضحك والإسفاف والتصفيق الهزلي والطرائف المُسلية، فقال في قسمٍ جديد بأنّه سيحمي “ثورة 17 فبراير” وأهدافها، واستمرت المهزلة.
الشظية الثانية:
إذا ما اختفى التمييز بين “الثورتين” والولاء مازال كامنٌ في باطن “اللا الشعور”، فإنّ هذا البلد أمام خيارين لا ثالث لهما: الصدق (دولة القانون) أو الكذب (“دولة الحقراء”).
الشظية الثالثة:
السياسة في عين كلّ فرد تختلف عنها في عينٍ أخرى، والتبصر في هذا البلد وما أصابه من ترهلٍ وتمزقٍ وتشتتٍ وما أصاب حياة الناس من نصب وتعبٍ وغضبٍ وكمدٍ ينبئ بأنّ هذا البلد يبدو أنّه يقف ماثلاٍ أمام حالة من الصراع والاشتباك مع ذاته، فقد كثرت عيونه، ثمّة عيون ماتزال ترنو إلى عين “الجماهيرية”، وعيون ترنو إلى عين “الميليشية” وعيون تحلم بعين “الملكية” علّها تقبض على السراب.. يا لهول هذي العيون التي تتناثر وتتشعب من أجل إحياء الموتى وبعثهم من جديد فهل – بحق العجائز الليبيات الطيبات – فقدت ليبيا نعمة البصر؟
الشظية الرابع:
(1)
في مراسم تسليم السلطة الليبية من حكومةٍ لحكومةٍ أخرى، تمنى رأس الحكومة الأولى للحكومة الجديدة “التوفيق”، وقال آخرٌ وهومن الحكومة الجديدة هدفنا “تكريس السلطة المدنية في البلد” وفي آخر المطاف فزّت كلمات رئيس الحكومة الجديد تمدح طلعة الرئيس السابق قائلةً بتدليسٍ ماحق: “لقد وضعتم الحجر الأساسي للديمقراطية في ليبيا”.
(2)
لا أدري وعلى نحو غريب ومهيب للغاية كلمة “الأساسي” قذفت بي إلى مرحلة الطفولة في حقبة الاستقلال وكأنّي اسمع رنين كلمة “البسباسي” والتي بعدها مباشرة يتبعها جواب الجواب: “آه .. يا راسي”.