الطيوب : متابعة وتصوير / مهنّد سليمان
شهدت قاعة محمد بيزان للفنون ببيت نويجي للثقافة يوم السبت 26 من شهر نوفمبر الجاري إقامة أصبوحة ثقافية نظمتها وأشرفت عليها منظمة مدينة اطرابلس القديمة للتنمية، وتضمنت الأصبوحة معرضا للوثائق الأرشيفية للبحرية ومقتنيات وصور قديمة، ومحاضرة بعنوان (ريّاسة البحرية الطرابلسية…بين الغزو والدفاع والصيد والإرشاد والوطنية) ألقاها الباحث والمترجم الليبي ” عبد المنعم سبيطة” وسط حضور كبير من المثقفين والمهتمين، وبعض منتسبي البحرية الليبية، وتخلل المحاضرة عرض لمجموعة من المحاور التي انطلق منها المحاضر مستهلا حديثه بالقول : إن هنالك مدى للتشابك والتكامل بين بحريات الدول المغاربية خاصة بين تونس والجزائر وطرابلس مردفا : سنبدأ حكايتنا من البداية حين كانت طرابلس مدينة آمنة وادعة مسالمة لا تملك أسطولا بحريا يحمي شواطئها وقلعتها وسكان المدينة، وأوضح سبيطة بأن الهدف من المحاضرة هو تنشيط الذاكرة التاريخية الوطنية، وحث الباحثين على ترجمة ودراسة وثائق أراشيف الدول الأوروبية لاسيما أرشيف الأمريكي والعثماني القديم.
تأسيس البحرية الطرابلسية
وتطرق سبيطة للمحور الأول المكوّن من سؤال عريض لماذا ومتى تأسست البحرية الطرابلسية ؟ مستطردا أن لمحاكم التفتيش والتنصير والتطهير العرقي للمورسكيس الأندلسيين، ودور الأخوين عرّوج وخير الدين بربروسا في إجلاء وإنقاذ الآلاف من سكان طنجة والجزائر وقسطنطينة وتونس وطرابلس دور كبير فضلا عن مذابح الإسبان وفرسان القديس يوحنا لسكان مدينة طرابلس كل هذه عوامل ساهمت بشكل أو بآخر في النهوض بالبحرية الطرابلسية، موضحا بأن مفردة قرصنة تهمة وصفة ألصقت بدول شمال إفريقيا فكلمة قرصان ليس لها أي أصل في اللغة العربية ، وتوقف سبيطة عند تاريخ نشأة البحرية الطرابلسية ومراحل تطورها ونشاطها البحري وصولا إلى إنهيارها الأول في عهد “علي باشا المقرمانلي”، ثم أعيد بناء البحرية مرة أخرى في عهد “يوسف باشا القرمانلي”، وقد عرّج على أنواع السفن وأسلحة الأسطول البحري، والنشاط التجاري للسفن الطرابلسية علاوة على تنظيم وإدارة البحرية وتحصينات الأبراج.
رياسة البحرية الطرابلسية
فيما عرض المحاضر بورتريه تخيلي للرايس زريق، وبورتريه مدروس ليوسف باشا القرمانلي من رسم الفنان “صلاح الشاردة” ولبورتريه تخيلي للوزير “محمد الدغيس” من رسم الفنان “جمال دعوب”، وبورتيه مأخوذ عن صورة قديمة لرايس المرسى “مصطفى قرجي” من رسم الفنان” صلاح الشاردة”، كما أدرج المحاضر لوحة فنية من المجلد الخامس لسلسلة تاريخنا التي أشرف على إعدادها الأديب الراحل “الصادق النيهوم” قائلا : لقد كان النيهوم مدركا لأهمية الرسم التصويري لتعزيز النص التاريخي، ليستعرض مجموعة من المؤلفات والكتب المترجمة عن البحرية الطرابلسية حيث اعتمد عليها كمصدر، إضافة لسرده لقائمة أشهر رياسة البحرية الطرابلسية لعل من أبرزهم : الرايس محمد بن نابي زريق والرايس عمر الشلي قبطان باشا والرايس محمد الدبسكي والرايس مصطفى قرجي رايس المرسى والرايس الشاوش وغيرهم.
أصل كلمة القرصنة
بينما تناول سبيطة مفهوم أصل القرصنة والقراصنة موضحا أن القراصنة في الأصل مرادف لكلمة كورساري نسبة إلى كورسيكا مقر قراصنة الإفرنج المحليين من قبل ملك إسبانيا وممالك البندقية وجنوا، وكانت كورسيكا منبع ومحمية ووكر للمجرمين وقطاع الطرق والقتلة، من جانب آخر أورد المحاضر اقتباس نقله من يوميات حسن الفقيه حسن يحكي فيها عن الرايس قبطان باشا عمر الشلي وسياساته الإجرائية أوان ذاك الزمن، وكذلك تحدث المحاضر بشيء من التفصيل عن فنون الخداع والاستدراج التي كان البحّارة الطرابلسيون يستخدمونها إبّان حصار الكابتن “موري” والكابتن “بينبريدج” مشيرا لمشاركة الرايس “محمد بن نابي” الشهير بزريق مع بحارة آخرين في عملية استدراج وأسر الفرقاطة الأمريكية الشهيرة (فيلادلفيا)، كما أشار المحاضر إلى أن البحّارة الطرابلسيون برغم حدة طباعهم وسلوكهم الخشن نوعا ما بيد أنهم كانوا يؤثرون تسمية مراكبهم على أسماء زوجاتهم وبناتهم وحبيباتها، وتحدث عن قصة السفينة الطرابلسية المسماة (مسعودة) التي حوصرت في منطقة جبل طارق مع قبطانها الرايس مراد برفقة 400 من أفضل البحارة.