الطيوب : متابعة وتصوير/ مهنّد سليمان
أقيمت صباح يوم السبت الأول من أكتوبر الجاري الدورة الثانية من مهرجان البُهلول للمديح النبوي (أذوب اشتياقا) لعام 1444 هجرية، من تنظيم وإشراف المدرسة المستجيرية التابعة لمركز تمعّن للأبحاث والدراسات الإنسانية، وذلك على رُكح مسرح وزارة السياحة بطرابلس، بمشاركة كوكبة معتبرة من الشعراء الأصفياء اللذين ترنموا بمدح الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام، وأطلق على هذه الدورة اسم الشيخ الراحل “علي الهروال” تكريما واحتفاء بمنزلته الدينية والعلمية الجليلة، وقدم وأدار فقرات البرنامج العام للمهرجان الأديب “المكي أحمد المستجير“، إلى جانبه الشيخ “عبد الكريم الموسى” رئيس لجنة التكريم، واستهلت الفعالية بقراءة آيات بينات من الذكر الحكيم تلاها المقرئ الشاب “عبد الحميد زاوية”، وأعقبها كلمة ترحيبية للجنة التحضيرية افتتح بها الدورة الثانية للمهرجان مشيرا إلى أن المهرجان يعد حلقة ثانية من عِقد طوله ما شاء الله وبارك وقدر، نُشنّف فيها أسماعنا بجواهرالبلاغة وسحر البيان وتتزود فيه قلوبنا بصادق المحبة وعميق الإيمان، دورة ثانية تستهل باطلالة دورات قادمة أوسع دائرة وأطول زمنا وأكثر مشاركين.
ثم بدأ الشعراء ينبرون واحدا تلو الآخر يتبارون بقوافيهم المطعّمة بحب الرسول الكريم فكان الشاعر “محمد المزوغي” أولهم قاصدا بحروفه مَن أشرقت لوجهه سماوات الدُنى منشدا(على سمعي مديح محمدٍ فلمدحه عنّا يزول الباسُ ما حاجة للشمس حب محمد شمس ونور محمد نبراسُ، لم تبلغ الأمداح شأوك إنما بجميل وصفك زُيّن القرطاسُ، وفي أبيات أخرى يقول ( وصفوا الذي وصفوا ولكن فاتهم من كنزك الياقوت والألماس أثنى عليك الله جل جلاله هل بعد رب الناس يثني الناسُ).
والقصائد أبياتٌ كانت بمُحمّدٍ فردوسا، فجاءت مشاركة الشاعر “علاء الأسطى” بقصيدة نُظمت دهرا على أوتار المحبة منشدا (كالبيت يرفعه الخليل دعاؤه وابعث فحنّ مُأملا عرفات، يا من هواه يناغي فيّ قافيتي إني أناجيك فجرا عام قد سحرا ناجيت باسمك شعرا لا أبوح به حتى درى الدمع بالنجوى فما صبرا.
وفي سياق متصل أشار الأديب “المكي المستجير” بأن الدواوين الخاصة بمدح النبي الكريم صل الله عليه وسلم في المكتبة الليبية محدودة ومعدودة ولا تتجاوز أصابع اليدين، ليُعلن عن مبادرة البُهلول لإثراء المكتبة الليبية داعيا الشعراء لاسيما من لديهم دواوين خاصة بمدح النبي الكريم متعهدا بتقديم الدعم لهم لطبع دواوينهم ونشرها وتوزيعها خدمة للمكتبة الليبية وحبا في حضرة النبي المصطفى صل الله عليه وسلم.
ومن ضمن تمثلات التجلي الأعظم نقتطف بعض الأبيات التي نثرها الشاعر “إمحمد بالسنون” منشدا (لكم في سويداء الفؤاد تلطف والقلب غيرة هواكمُ لا يعرف يأبى الحنين لغيركم أن يهتديه وتراه مهر هواكمُ يتلهفُ، والعين تشكو من طويل فِراقكم والدمع منها سائلٌ بل ينزفُ ، وينشد في أبيات أخرى ( فإني في هواهم مجحفُ إن الغرام حياة قلبي وليس لي عنه وإن شط الزمان تخلفُ إن الغرام رفيق قلبي وقالبي يسري مع الأنفاس لا يتوقفُ).
ومزيدا من عبادة الله في حب نبيه الأكرم إن المزيد من معين الكوثر مَذهبُ، مشاركة أخرى من الشاعر “إمحمد أبوسطاش” يجزل فيها المعاني ويفتح إزاء فؤاد لغته الأبواب يقول مغردا (قلبي الهوى دق الهوى أوصاله فكأنه ذاق اللظى أوصاله دلفا به متلهفا للقائه يرجو مناداه وقربه ووصاله زادت حرارته لظى مستعرا هل من طبيب في الهوى أوصى له كبد شوى أوما شممت زفيره فلسان حال الصب فاق مقاله جسمي يذوب بذكره ولها به.
السؤال حين يقودنا لحب أشرف خلق الله كلهمِ، إنه لسان حال الشاعر “خالد درويش” حينما أنشد بصوته الرخيم (وسألت عنه الأنبياء جميعهم فأشار بعضهم وبعض أخبروا ذاك الذي في بُرده متزمل فبأي آلاء جبينك يقطرُ واهتز عرش الشِرك حين مجيئه وإذا بأصنام الجحود تكسروا، واشتاقت الأكوان تلهج باسمه وساقطت شهب السماء تتبعثر يا سر هذا الكون أنت محمد سير بها لجج المكارم تفخر)
كما كان للحضور النسوي مقام وزخم خلال هذه الدورة من مهرجان البُهلول مع الشاعرة الشابة “مريم جويلي” فانبرت تنشد (وافى ربيع وملآى كفه نعما ليرتوي من زهرة الأرواح ما سقما، أضاء نوّاره الدنيا بأكملها وصافحت أنواره كونا لها ابتسما وأهدى لنا الحق بيضاء معالمه فسارت في الناس بِشرٌ رافع علما).
وشهد المهرجان مشاركة عدد آخر من الشعراء الصدّاحين بمديح النبي الاكرم وهم : “محمد ابن خليل الزروق” و”أحمد الفاخري” و”منى الساحلي” قرأت بالنيابة عنها الشاعرة “نجاح المبروك” و”حسن إدريس” و”أسامة الرياني” وأخيرا “عمر عبد الدائم“، واختتمت فاعلية الدورة الثانية بتسليم درع المهرجان لشخصية دورة هذا العام الشيخ الراحل “علي الهروال” تسلمها نجله “عبد الحميد الهروال”.