تقع الرواية في 142 صفحة من الحجم المتوسط، وصدرت عن الهيئة المصرية للكتاب عام 2018م.
جمعت الرواية بين الآدب والتاريخ، فاحتوت على ثلاث قصص حب مؤلمة في نهايتها. الأولى قصة الشاعر حسين الفضيل وريم “أبنة الشيخ أبومادي” والتي انتهت بمقتل الحبيبة في هجوم همجي على بادية المرج، والثانية مقتل حبيبته اولفيتي “دانيالا” أثناء تعذيبها، والثالثة مقتل سالم البراني على الحدود الايطالية السويسرية أثناء محاولة هروبه.
تظل رحلة المنفى مليئة بالأسرار والطلاسم، التي لابد لها من أن تتكشف يوم وستظل المنافي قضية معلقة في أعناق الأجيال من الإيطاليين والليبيين للوصول إلى الكشف النهائي عن هذه المآسي بكل جوانبها، فالإنسانية ليس لها وطن معين تنمو به وإنما هي موجودة دائما في صور الرحمة والحب ووطنها قلوب بعض البشر الذين ينسون أنفسهم ويؤدون واجبهم الإنساني حتى على حساب أوطانهم وشعوبهم.
علينا أن نستعيد المشهد في أرض المنفى في تلك الجزر المهجورة والخالية من السكان ومن بين تلك الجزر أوستيكا والتي كانت تدعى استيودس ذكرى للمنفيين من قرطاجة الذين تم نفيهم في القرن الرابع قبل الميلاد ليموتوا جوعا وأطلق عليها الرومان أوستيكا ومعناها اللاتيني الأرض المحروقة لكثرة الأحجار السوداء بها.
وقعت يدي ذات يوم على برقية مرسلة من أحد المنفيين الليبيين في جزيرة أوستيكا الإيطالية لكنها مؤرخة في 1916م يومها لم يصل الفاشيست لحكم روما، كان حاكم جزيرة أوستيكا السنيور كارفيلو، يقول بن كاطو مرسل البرقية إنه كان طيبا مع المنفيين الليبيين.
صالح السنوسي في رواية الهروب من جزيرة أوستيكا كشف لنا النقاب لأول مرة في سرد روائي جميل عن الجانب الإنساني للإيطاليين في زمن الفاشست الذين تضامنوا مع قضية الشعب الليبي في محاربة الغزاة.
رواية الهروب من جزيرة أوستيكا قصة حب مفعمة بالمشاعر الجياشة بين سالم البراني الدرناوي الشاعر والمعلم في درنة والذي نفي إلى تلك الجزيرة النائية الموحشة رفقة عدد من المثقفين والشعراء، ولورينزا الشابة الإيطالية التي كانت مهمتها تسجيل ووزن المنتجات الزراعية التي تنقل من الجزيرة.
بغض النظر عن الحالة العنصرية التي عاشها المنفيون الليبيين في الجزر الإيطالية خاصة زمن العهد الفاشستي إلا إن بعضهم التقوا بعدد من المعارضين الإيطاليين لممارسات الفاشست، وأستطاع هؤلاء السجناء والمنفيون تكوين صورة متبادلة تلتقي في عدائهم للنظام الفاشي.
استوحت الرواية أحداثها المثيرة من قصائد الشعر الشعبي الذي نظمه شعراء مجاهدين تم نفيهم وسجلوا لنا الأحداث اليومية لحياتهم داخل تلك السجون والمنافي.
النهاية كانت مأساوية عندما قتل سالم البراني في أحضان حبيبته وزوجته على الحدود السويسرية، وانتهت الرواية عند هذا المشهد.
الراوي لم يعرفنا على مصير الحبيبة ومصير الأشخاص الذين ساعدوا على هروب البراني؟ والأهم مصير أولئك السجناء المنفيين من رفاق سالم الذين عذبوا بعد اكتشاف السلطات عملية الهروب.
الرواية صفحة من صفحات العدوان الذي مارسته الهمجية المتحضرة على الشعوب التي يرونها متخلفة.
لا أدري لماذا أستخدم الراوي بعض المصطلحات العامية مما جعله يحاول إعادة تلك المصطلحات بالفصحي، الأمر الذي جعل ذهن القارئ يتشتت بين التفكير في معنى المصطلح ومتابعة الرواية.