كادت المدينة تتماثل لإغفاءة الظهيرة، رياح القبلي بدأت تدفن الأرصفة وقد ارتسمت على وجوه المارة علامات التعب والإرهاق والملل، وتشابكت السيارات في منتصف المفترق، وكف الباعة عن عبارات الترويج لبضاعتهم، وانزوت المحال تحت مظلاتها الحاجبة للشمس، حتى وجه السماء بدا شاحبا حزينا، لكن المدينة سرعان ما استفاقت.
توقفت حركة العربات من كل الاتجاهات وأطلت الرؤوس والأيدي الملوحة، وارتفعت أصوات الباعة واصطف على جانبي الطريق حشد من المارة تجمعوا في لحظة واحدة وكأنهم على موعد واحد وفعل واحد تعلو وجوههم الابتسامة وتفيض عيونهم بنظرات إعجاب وقد دب في أجسادهم النشاط، رفعت المحال مظلاتها وغادر شرطي المرور ركنه في الظل وهرع إلى منتصف الطريق غير أبه لسقوط مسدسه على الأرض كانت السيارات قد توقفت لإفساح الطريق وأطلت منها وجوه مبتسمة، رفع الشرطي يده وأشار أن أعبري، توقف كل شيء وعبرت امرأة الطريق.
1994م