بالله يا مولى الجمل ركّبني
في ليبيا، نرى الحب متخفياً في غرة حمراء على جبين عجوز ليبية سمحة، في شقوق أصابعها العابقة بالحنة، وفي أغنياتها التي رصّعتها بحكايات القلب وذكرياته.
عندما تغني الليبيات تنطلق عربات الجرمنت والخيول باتجاه الشمس وينبت السلفيوم على أطراف قورينا. عندما تغني الليبيات يزهر القندول في وادي غان وتزغرد الأمواج في أذن السرايا الحمراء.
الأعراس في ليبيا مواسم للفرح وفسحة للخروج من الأيام الموغلة في الرتابة، مثل كل شيء اختلفت بين الماضي والحاضر لكنها لا نزال تحتفظ بشيء من لذتها العتيقة.
رقص وغناء طقوس وتفاصيل تمتد لأيام وليال عدة، سهر ودربكة وكلام عن الحب يجعله الحدث مباحاً وعادياً، هذا المسخ المتعثر في مثالية الكذب والنفاق يتحول في حناجر البنات إلى فعل إنساني طبيعي، ومن تستحي من نطق اسم رجل لا تتردد في التصريح بمشاعرها بعد أن تدثرها ببيت أو شطر من أغنية تتشاركها مع الأخريات في العرس.
اكتب عالورقة يا القلم
وقول لهُم
عليهم ننشد ونسلّم
هذا مطلع أغنية تنطلق بين سهريات الأعراس واستديوهات التسجيل وبُنيت عليها عشرات الأبيات التي تناجي القلم وتطلب منه نقل مشاعر الحب من ظلام القلب إلى ضوء الورقة في رغبة ملحة بأن تصل إلى حبيب قد يظن أنه لم يعد أهلاً للسؤال و”النشدة” والمحبة.
بالله يا مولى الجمل ركّبني
طريقي طويلة وصاحبي سيّبني
لا شيء هنا إلا اليأس من عودة حبيب غائب، ذهب تاركاً حبيبته في منتصف طريق طويلة تستجدي صاحب جمل علّه يطوي معها المسافات.
غير انا ويّاك يا الغلا
في نار الغيّة والشقا
هذان البيتان حمّالا أوجه، فقد تكون قائلتهما يائسة وقد تكون متلذذة بوجودها وحيدة مع من تحب حتى لو كان المكان ناراً موقدة و”الغَيّة” هنا هي الحب، أي في نار الحب والشقاء.
أحلام المهدي
الاثنين 4 يوليو 202212:00 ص
بالله يا مولى الجمل ركّبني
في ليبيا، نرى الحب متخفياً في غرة حمراء على جبين عجوز ليبية سمحة، في شقوق أصابعها العابقة بالحنة، وفي أغنياتها التي رصّعتها بحكايات القلب وذكرياته.
عندما تغني الليبيات تنطلق عربات الجرمنت والخيول باتجاه الشمس وينبت السلفيوم على أطراف قورينا. عندما تغني الليبيات يزهر القندول في وادي غان وتزغرد الأمواج في أذن السرايا الحمراء.
الأعراس في ليبيا مواسم للفرح وفسحة للخروج من الأيام الموغلة في الرتابة، مثل كل شيء اختلفت بين الماضي والحاضر لكنها لا نزال تحتفظ بشيء من لذتها العتيقة.
رقص وغناء طقوس وتفاصيل تمتد لأيام وليال عدة، سهر ودربكة وكلام عن الحب يجعله الحدث مباحاً وعادياً، هذا المسخ المتعثر في مثالية الكذب والنفاق يتحول في حناجر البنات إلى فعل إنساني طبيعي، ومن تستحي من نطق اسم رجل لا تتردد في التصريح بمشاعرها بعد أن تدثرها ببيت أو شطر من أغنية تتشاركها مع الأخريات في العرس.
سهريّات الأفراح في ليبيا عالم آخر مختلف تماماً عن باقي الأيام، كل شيء نابض بالحياة، هناك ظل الفرح الليبي عصيّاًً عن التماهي مع فكر اللون الواحد وعجزت العباءات السوداء عن إخفاء ألوان الحياة من خطوط الرداء الليبي التقليدي ونصاعة الأبيض في الفرشية، والفرشية هي العباءة الليبية البيضاء التقليدية التي ترتديها النساء.اكتب عالورقة يا القلم
وقول لهُم
عليهم ننشد ونسلّم
هذا مطلع أغنية تنطلق بين سهريات الأعراس واستديوهات التسجيل وبُنيت عليها عشرات الأبيات التي تناجي القلم وتطلب منه نقل مشاعر الحب من ظلام القلب إلى ضوء الورقة في رغبة ملحة بأن تصل إلى حبيب قد يظن أنه لم يعد أهلاً للسؤال و”النشدة” والمحبة.
بالله يا مولى الجمل ركّبني
طريقي طويلة وصاحبي سيّبني
لا شيء هنا إلا اليأس من عودة حبيب غائب، ذهب تاركاً حبيبته في منتصف طريق طويلة تستجدي صاحب جمل علّه يطوي معها المسافات.
غير انا ويّاك يا الغلا
في نار الغيّة والشقا
هذان البيتان حمّالا أوجه، فقد تكون قائلتهما يائسة وقد تكون متلذذة بوجودها وحيدة مع من تحب حتى لو كان المكان ناراً موقدة و”الغَيّة” هنا هي الحب، أي في نار الحب والشقاء.
من تستحي من نطق اسم رجل لا تتردد في التصريح بمشاعرها بعد أن تدثرها ببيت أو شطر من أغنية تتشاركها مع الأخريات في العرس.
في أغنيات الأعراس سكبت الفتيات شيئاً من جنونهن وسذاجتهن أيضاً:
يا ريتني عصفور بجناحاته
نشبح الغالي يبدّل ف خطواته
كيف تغادر عاشقة جسدها لتتحول إلى عصفور فقط كي تراقب خطوات من تحب أو تتحول إلى جماد لا يرى ولا يحس، مجرد وشم على ملابس رجل رماها بوردة عند عبوره الشارع:
خاطم من الشارع حدفلي وردة
يا ريتني وشمة حرير ف جرده
والجرد من ملابس الرجال في ليبيا مثل لمسة أخيرة فوق الفرملة أو الزبون المطرّزَين.
يا مجربين الحب لا تلوموني
ثم ما أبسط الحب الذي ينعقد ويتعقد ويتأجج من مجرد نظرة:
شيّعت عيني رفرفت سوريته
وجاني السهر يا ريتني ما ريته
هي ببساطة رفعت عينيها فلمحت حركة قميصه لتدخل في دوامة الحب والسهر ما جعلها تتمنى عدم رؤيتها ذلك وعدم وقوعها في الحب، في صورة أخرى تستهين الحبيبة بالدمع المنهمر من عينيها وتبرّره لأنه يخصها وحدها، فمن اختبر الحب لن يجرؤ على لومها أبداً:
الدمع دمعي والعيون عيوني
يا مجربين الحب لا تلوموني
أمنيتان متناقضتان تتجلى فيهما روح البنت الليبية البسيطة التي قد تتبع قلبها ليأخذها خارج بيتها مرتع طفولتها إلى حيث تنتظرها ذراعان تطوقانها بحب وقد تتمنى البقاء طفلة تضمها أركان بيتها بفرح شفيف لا يعوضه شيء:
يا ريتني في حوش بوي صبية
روشن على الشارع وقلّالية
بوي هو الأب في اللهجة ليبية والصبية هي الفتاة التي لم تتزوج بعد والروشن هو الشباك والقلّالية هي آنية الفخار أو الجرة ما نسميه في ليبيا “البرّادة” التي يوضع فيها الماء في الهواء الطلق ليبرد، صورة ناعمة رسمتها الكلمات لفتاة تطل من نافذة على الشارع وتتقاسم نسمات الهواء مع القلّالية.
يا ريتني في حوش بوي عروسة
حولي حرير لايد على الكرّوسة
هنا تريد أن تغادر بيت أبيها وتزف منه عروساً في عربة يحيط بها رداء من الحرير، قد تغني الفتاة هذين البيتين بترتيب طلباً للأمنيتين معاً، الصبية ثم العروسة لاحقاً.
أما في المقطع التالي فيظهر المزج بين المستحيل وبين الممكن بشكل لا تخْطئه أذن:
في حوشهم يا ريتني سهّارة
نضوي على الغالي ونسكن داره
نعم لقد تمنت هنا أن تتحول إلى مصباح جامد فقط بشرط أن يكون في دار الحبيب ليسكب الضوء هناك، ولا أعرف الأمنية التالية إذا كانت أكثر إغراء أو أكثر سذاجة:
في حوشهم يا ريتني صونية
وكاشيك في فم العزيز عليا
الصونية هي الصحن أو الطبق والكاشيك الملعقة، فهل هي الوسيلة الوحيدة للوصول إلى فم الحبيب؟
أحلام المهدي
الاثنين 4 يوليو 202212:00 ص
بالله يا مولى الجمل ركّبني
في ليبيا، نرى الحب متخفياً في غرة حمراء على جبين عجوز ليبية سمحة، في شقوق أصابعها العابقة بالحنة، وفي أغنياتها التي رصّعتها بحكايات القلب وذكرياته.
عندما تغني الليبيات تنطلق عربات الجرمنت والخيول باتجاه الشمس وينبت السلفيوم على أطراف قورينا. عندما تغني الليبيات يزهر القندول في وادي غان وتزغرد الأمواج في أذن السرايا الحمراء.
الأعراس في ليبيا مواسم للفرح وفسحة للخروج من الأيام الموغلة في الرتابة، مثل كل شيء اختلفت بين الماضي والحاضر لكنها لا نزال تحتفظ بشيء من لذتها العتيقة.
رقص وغناء طقوس وتفاصيل تمتد لأيام وليال عدة، سهر ودربكة وكلام عن الحب يجعله الحدث مباحاً وعادياً، هذا المسخ المتعثر في مثالية الكذب والنفاق يتحول في حناجر البنات إلى فعل إنساني طبيعي، ومن تستحي من نطق اسم رجل لا تتردد في التصريح بمشاعرها بعد أن تدثرها ببيت أو شطر من أغنية تتشاركها مع الأخريات في العرس.
سهريّات الأفراح في ليبيا عالم آخر مختلف تماماً عن باقي الأيام، كل شيء نابض بالحياة، هناك ظل الفرح الليبي عصيّاًً عن التماهي مع فكر اللون الواحد وعجزت العباءات السوداء عن إخفاء ألوان الحياة من خطوط الرداء الليبي التقليدي ونصاعة الأبيض في الفرشية، والفرشية هي العباءة الليبية البيضاء التقليدية التي ترتديها النساء.اكتب عالورقة يا القلم
وقول لهُم
عليهم ننشد ونسلّم
هذا مطلع أغنية تنطلق بين سهريات الأعراس واستديوهات التسجيل وبُنيت عليها عشرات الأبيات التي تناجي القلم وتطلب منه نقل مشاعر الحب من ظلام القلب إلى ضوء الورقة في رغبة ملحة بأن تصل إلى حبيب قد يظن أنه لم يعد أهلاً للسؤال و”النشدة” والمحبة.
بالله يا مولى الجمل ركّبني
طريقي طويلة وصاحبي سيّبني
لا شيء هنا إلا اليأس من عودة حبيب غائب، ذهب تاركاً حبيبته في منتصف طريق طويلة تستجدي صاحب جمل علّه يطوي معها المسافات.
غير انا ويّاك يا الغلا
في نار الغيّة والشقا
هذان البيتان حمّالا أوجه، فقد تكون قائلتهما يائسة وقد تكون متلذذة بوجودها وحيدة مع من تحب حتى لو كان المكان ناراً موقدة و”الغَيّة” هنا هي الحب، أي في نار الحب والشقاء.
من تستحي من نطق اسم رجل لا تتردد في التصريح بمشاعرها بعد أن تدثرها ببيت أو شطر من أغنية تتشاركها مع الأخريات في العرس
في أغنيات الأعراس سكبت الفتيات شيئاً من جنونهن وسذاجتهن أيضاً:
يا ريتني عصفور بجناحاته
نشبح الغالي يبدّل ف خطواته
كيف تغادر عاشقة جسدها لتتحول إلى عصفور فقط كي تراقب خطوات من تحب أو تتحول إلى جماد لا يرى ولا يحس، مجرد وشم على ملابس رجل رماها بوردة عند عبوره الشارع:
خاطم من الشارع حدفلي وردة
يا ريتني وشمة حرير ف جرده
والجرد من ملابس الرجال في ليبيا مثل لمسة أخيرة فوق الفرملة أو الزبون المطرّزَين.
يا مجربين الحب لا تلوموني
ثم ما أبسط الحب الذي ينعقد ويتعقد ويتأجج من مجرد نظرة:
شيّعت عيني رفرفت سوريته
وجاني السهر يا ريتني ما ريته
هي ببساطة رفعت عينيها فلمحت حركة قميصه لتدخل في دوامة الحب والسهر ما جعلها تتمنى عدم رؤيتها ذلك وعدم وقوعها في الحب، في صورة أخرى تستهين الحبيبة بالدمع المنهمر من عينيها وتبرّره لأنه يخصها وحدها، فمن اختبر الحب لن يجرؤ على لومها أبداً:
الدمع دمعي والعيون عيوني
يا مجربين الحب لا تلوموني
أمنيتان متناقضتان تتجلى فيهما روح البنت الليبية البسيطة التي قد تتبع قلبها ليأخذها خارج بيتها مرتع طفولتها إلى حيث تنتظرها ذراعان تطوقانها بحب وقد تتمنى البقاء طفلة تضمها أركان بيتها بفرح شفيف لا يعوضه شيء:
يا ريتني في حوش بوي صبية
روشن على الشارع وقلّالية
بوي هو الأب في اللهجة ليبية والصبية هي الفتاة التي لم تتزوج بعد والروشن هو الشباك والقلّالية هي آنية الفخار أو الجرة ما نسميه في ليبيا “البرّادة” التي يوضع فيها الماء في الهواء الطلق ليبرد، صورة ناعمة رسمتها الكلمات لفتاة تطل من نافذة على الشارع وتتقاسم نسمات الهواء مع القلّالية.
يا ريتني في حوش بوي عروسة
حولي حرير لايد على الكرّوسة
هنا تريد أن تغادر بيت أبيها وتزف منه عروساً في عربة يحيط بها رداء من الحرير، قد تغني الفتاة هذين البيتين بترتيب طلباً للأمنيتين معاً، الصبية ثم العروسة لاحقاً.
أما في المقطع التالي فيظهر المزج بين المستحيل وبين الممكن بشكل لا تخْطئه أذن:
في حوشهم يا ريتني سهّارة
نضوي على الغالي ونسكن داره
نعم لقد تمنت هنا أن تتحول إلى مصباح جامد فقط بشرط أن يكون في دار الحبيب ليسكب الضوء هناك، ولا أعرف الأمنية التالية إذا كانت أكثر إغراء أو أكثر سذاجة:
في حوشهم يا ريتني صونية
وكاشيك في فم العزيز عليا
الصونية هي الصحن أو الطبق والكاشيك الملعقة، فهل هي الوسيلة الوحيدة للوصول إلى فم الحبيب؟
قد تتفوه الفتيات في خضم الغناء بعبارات وكلمات بعيدة كل البعد عن هالة الأخلاق والمثالية التي يحاول الأهل دائماً وضع بناتهم فيها، فالبنت العاقلة المتزنة قد تقول إنها تقف أمام باب بيتها بكل غنج ودلال لتحصل على حبيبها أو ليجن بها.
وقفت فم الحوش نترشّقله
سوا ناخذه والا نطيّر عقله
ليلة الحنّة
هي ليلة الإيذان بالرحيل ومغادرة العش الذي قضت فيه الفتاة حياتها منذ ولادتها، حدث مفصلي تدخل بعده عالماً آخر يشاركها فيه آخرون لا تعرفهم، فتكون الحنّة التي تغطي قدميها تدشيناً لحياة جديدة ستمشي في دروبها بعد ساعات مع رفيق رحلتها إلى آخر العمر.
لكل هذه الرمزية اكتسبت الليلة خصوصية تليق بها من ملابس وردية ترتديها العروس منذ أول النهار إلى ما يصاحب ذلك من طقوس خاصة في الأكل والغناء وحتى بعض الشعوذات الصغيرة.
في ليلة الحنة تتسابق الطامحات للزواج إلى ارتداء لباس العروس البودري “الوردي” فتكون من ترتديه بعدها مباشرة هي العروس اللاحقة، هو طقس يشبه الطقس الغربي حين تلقي العروس باقة الورد وسط الفتيات الحاضرات فتكون من تحظى بها هي العروس التالية.
من أجمل ما يحدث في ليلة الحنة هو الأغنيات التي تبارك الحدث، أغنيات بعضها حزين يركز على نقطة الرحيل وفعل المغادرة الذي توشك العروس أن تقوم به وبعضها يذكرها بأهلها وبالشوق الذي سيندلع في صدرها عندما تفارقهم، وكل هذا مصحوب ببكاء العروس وضحكاتها مع رفيقاتها أيضا فالمشاعر لا ترسو على شاطئ في ليلة هكذا:
ماني اللي عطيتك بوك اللي عطاك
هَونا في السقيفة يسمع في بكاك
هذا النوع من الغناء يسمى “بوطويل” وتؤديه عادة امرأتان بطريقة تعتمد على إطالة الحروف، ما منحه اسمه منذ زمن بعيد، في البيت السابق تبرئ النساء ذمتهن من ارتكاب فعل جلب الدموع لعيني العروس، أي “لست أنا من وافق على زواجك بل والدك الذي يجلس في سقيفة البيت الآن ويسمع بكاءك”.
من طقوس ليلة الحنة أيضاً “القنديل” الذي يكون مصنوعا، من قماش أبيض يلف على عمود من الخشب يغمس في زيت غزير ليشتعل، وقد يكون هذا القنديل “جريدة”، وهي سعف النخل الذي توقد فيه النار ليقوم بنفس الدور، هذا القنديل نال نصيبه أيضاً من الأغنيات الحزينة والجميلة:
يا نار الجريدة يا دخانها
يا وحش البنية على جيرانها
يا نار الجريدة يا دخاخينها
يا وحش البنية على وخيينها
في اللهجة الليبية نقول “استاحشتك” عندما نقصد “اشتقت لك” وهذا قريب من “وحشتني” في مصر، في الأغنية ناران واحدة تضطرم في القنديل وأخرى في صدر العروس شوقاً لجيرانها وإخوتها “وخيينها” بعد أن تغادر باقتهم الصغيرة.
إلى الأمنيات من جديد وشيء من غزل شفيف بعد شطحات الحزن:
يا نجمة تلالي في قلب السمي
وانتِ يا عروسة يعطيك الهني
من اشتعال النار في قنديل إلى اشتعال الضوء في نجمة، تتلألأ في قلب السماء تبارك أمنية للعروس بالهناء.
وهذه أيضا أمنية أخرى تسير في ركب الأمنيات المنثورة على رداء العروس:
الحنة قابسية جابوها التجار
وانتِ يا عروسة ان شالله بالعمار
ليبيا الجميلة التي لا تُرى من بعيد
رسائل النساء المشفرة حيناً والواضحة أحياناً لا تقف هنا بل تختبئ خلف خيوط المسداة وفي أكوام الدقيق على جانبي الرحى وبجوار البئر أو العين التي يترددن إليها كل يوم، هذه باقة صغيرة من بستان عظيم به من الألوان ما يكفي كل ورود وفراشات الكون، وهذه ليبيا التي تملك وجهاً جميلاً قد لا تراه كل العيون بسبب صبغة اللون الواحد التي يراد لها أن تظهر به.
لكن يد الجغرافيا نحتت ليبيا بعناية ونفخ فيها التاريخ كلماته وتراكميته، فكانت ليبيا الألوان التي تتجسد بعينين لهما لون البحر السماوي تارة ولون الصحراء العسلي تارة أخرى.