حسين بن قرين درمشاكي
منفى..
قذفت به الأيام وراء قضبان الأسى.. حملته خطاه إلى فيافي ذكرياته.. تحسس حافظة العقل لديه شعر بالخجل، حين اجتاحت عاصفة نسيان، كهف محفوظاته فقرر ردم هواجسه، وأغلق أبواب الحلم.
أفق الشهوة..
وقفت مصالبة يديها فوق صدرها المتهدل.. راحت تجيل النظر في أرجاء الغرفة، هائمة، في ضوء القمر، الذي تدفق هائلاً، عبر النافذة..
مط شفتيه، بعد أن قذف بآخر رشفة شاي إلى جوفه ثم سألها.. فيم أنت شاردة؟
قالت: إني أتمعن ضياء القمر ما أجمله!
قال: أترين تلك النجمة هناك؟ كأنها تتودد إليه، أن يغمرها بنوره!
قالت: ألا يغشاكَ النوم؟ قال: ما يزال الليل في أول سفره
قالت: أما أنا، فإني ما عدت أقوى على السهر واستلقت على السرير، بعد أن حررت شعرها وجعلت خصالته تنساب على وسادتها دست جسدها تحت الغطاء..
نظر إليها ابتسمت له..
أسند الكتاب الذي كان يلتهم سطوره إلى الرف صلى ركعتين وأتبعهما باثنتين، ثم تمدد بجانبها طمر أنفاسه في ثغرها غمرته بدفئها جعلت أصابعها تتخلل شعر رأسه تسللت رائحة البخور المنبعثة منها، إلى أوصاله اقفرت رغبة أعماقه حينها، ضمها إليه، وغرقا في لذة نشوتيهما يطوف كل منهما جسد الآخر، مصارعاً أفق شهوته.
سرت 2008
عن مجموعة (أنا وأبي)، دار فنون للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، 2019م.