ملخص لمدخل مبسط: مشقة سؤال التشاؤم والتفاؤل/ الاستلاب بين نيتشه وفاغنر
قد تبدو مقارنة مشيئة كل من فاغنر (1813 ـ 1883م) و نيتشه (1844 ـ 1900م) غير ذات أهمية٬ وذلك بالنظر مستنفرإلى ما يمكن أن تتركه بعض مواطن الأختلاف بينهما مستعرضا عنه فكرا وحياة من إحياء لقيم بأستحالة المقارنة٬ إشارة؛ بين منها المتعالي عنه يحمل فلسفة المشقة ما لا يستطيع له رفعا. إذ قد تكون المقارنة مقبولة لو تمت في حالة استثناء بين فاغنر و (هولدرلن أو هينرش هاينه)٬ هذا الأخير الذي أقتربت بعض تصوراته الفلسفية من أفكار تأويل واشتقاق (فاغنر)٬ وإن أختلافا من نواح أخرى وهي متعددة التعليقات والشروح. لكن بدا للباحثة من خلال دراسة الأوبرا والبالية عند فكر كل من (نيتشه) و (فاغنر) أن المقارنة تكون أكثر أهمية فاضلة ومضاداتها من غيرها٬ ولا سيما من ناحية دور إرادة التفاؤل ـ القوة ـ في بناء الإمكان للإنسان بوصفها حرفية ثبات حكم جدوى الأمم تذكرة استدامتها تحمل الرفعة وزرا٬ قيمة بقاء تفتحها. وذلك راجع إلى العديد من السمات التي جمعت بين ضنك الرجلين سواء من حيث تصوراتهما الفلسفية النقدية٬ أو من خلال بعض تطلعات ممارساتهما الفلسفية. وبما أننا سننكب خلال العرض على الأفكار التي أنتجها صاحبا ” زرادشت” و ” الزورق الشبح” فإنه لا بد من بعض الإشارات للسياقات التي أنجبت كلا من (نيتشه) و (فاغنر) وبعض ملامح مداخل شخصيتهما٬ التي دوما تقرأ بأفكار نقدية جدلية جمالية في غرر فاغنرية ـ نيتشوية٬ أكثر من فتح بعدهما الإنساني الفلسفي والأخلاقي الثقافي المأزوم؛ الذي فتحا هشيما مغلفا٬ وتأملا عميا٬ وآذانا صما٬ لهم لحظات حمل المعرفة؛ في ترسيخ ما يكفي المعرض عنه في الابداع٬ عنه يحمل يوم الجدة والمثابرة٬ لحظة لا تنقضي عجائب العقل٬ ولا يبتكر على الدورة طوال التكرار٬ ما تعاقب الوعي والإدراك؛ حين ترفع الثقافة رفعا؛ مستنفرا بها مشقة الفن؛ لسؤال المشقة في الأوبرا والبالية؛ لمجتمع يعيش معيشة الابداع؛ فكريا فيه جهلائهم ضنكا محشور؛ من حيث يجهلون٬ ما وضع له آخرين به ينبهون استدراجهم؛ لأفكار قيمها قيمة أعمى٬ لهم مثالبها من أعراض الفن والجمال بهذه الذائقة الرفيعة٫ وهو ما ألح علي أن أقدم نظرة للقاريئ العربي الكريم٬ عهدا؛ لما لهذين الحاذقين (فاغنر ونيتشه) برفقة العارفين؛ طوال التفكير الابداعي؛ في الأقبال إليه لمن كان فيه أو له وقفة؛ في فلسفة العطاء للخير وحجة له٬ و ويل مأزوم لمن كان حجة عليه٬ ففي هذا توقر عليهم ينادون من مكان نائي٬ أو تعاظم وعهدهم الابداعي٬ المشاركة في الابداع الفني اعظم وعد فلسفي٬ يشفي أشد الوعيد فيه أكثر؛ منتسبي الثقافة للحرية اليوم في مراكز الفكر؛ استيضاح عن التدبير في الموسيقى٬ وخلقهم الابداعي في الاوبرا والبالية٬ مشاركة يشتغل عليها لمن كان لهم بعد نظر وتمكن يحكم بأصول مكامنها٬ أنتقاء توظيفي بها٬ بل ملتفتين بها؛ تنبه استذكاء المتأدب بأداب الفكر٬ والمتخلق بما فيه من مكارم الثقافة ـ الأخلاق والجمال؛ أشد ألتماس تعال في الزهد ثقلا٬ وأرفع درجة؛ لمن يعملون التفكير الابداعي٬ والعمل بمشقة به٬ ويدعون إليه علما٬ في العاقل الكيس الحكيم٬ المثابر الذي لا يكترث بأنقاد الجاهلين٬ بل اتشالهم من ظلمة أنفسهم .
أما بعد (بتوكيد الضمة) لما بعد: فإنا لما عرفنا إعراض ـ على سبيل الملخص أكثر مقدمة بالموضوع عن ما غلف فيه من وراء ظهرانيته٬ والأهمية في وعده٬ ولفت من عدم إرباك القارئ من وعيده بالموسوم؛ راج علمنا أن ذلك مما يعين على من أعطاه طموحا علما بثقافته أن يجعل همته في خدمة الفكر الإنساني من بيان معانيه٬ وإظهار محاسنه٬ وإزالة الإشكال عما أشكل منه٬ يحق لنا أن ندخل معه إلى ما يجلو إيضاحه بفقرات تتراوح (١ ـ ٦) فقرات٬ تترك في حلقات متصلة٬ تجعل كل واحدة في همتها في تقديم بيان معانيها من عطاء وتترك للقاريء كل ما يليها من رأي وتعليق. وأعلم أن الموضوع كله يندرج في فلسفة الابداع لكل من (الاوبرا والبالية) من بحرهما الزاخر لدى (نيتشه و فاغنر) ايضا؛ وهما يشكلان فكرا وفلسفة تتعالى ما أتى بها من فخر إنساني٫ ناهيكم عنه من أهم المقاصد في ذلك٬ هو المشاركة النقدية الذي نسعى من خلالها للقارئ٬ والمشاركة٬ هنا٬ أعلم من أهم المقصود فيها؛ بمتابعة منهجية أسلوب الطرح التي سنسوغ بها مقالتنا٬ أمران:
أحدهما: إيضاح بيان العلاقة الأثنية للموضوع بالعلاقة لإجماعهما الفلاسفي مع الفلاسفة٬ على أشرف أنواع الجدل والتفسير والتوضيح٬ وأجلها أبداع بالتبيين؛ الاحداث والتطلعات؛ بالأوبرا والباليه؛ بسياق الحياة العامة والحكم؛ على أشرف قيم الإنسان٬ الإرادة المقصود بها٬ إذ لا أحد أعلم؛ بمعنى دهاليز كلام الحركات٬ والتشبيها والجاعلية الفنية٬ والجمالية المتعالية من التروي الموسيقي في جلاه محضا٬ وتعاليه حكما وذوقا في رفعة مقام احكام الإرادة؛ كامنة أم ظاهرة٬ وقد التزمنا أنا لا نبين الموضوع الموسوم إلا بقراءة ووقفات٬ سواء كانت قراءة أخرى في كليهما (الأوبرا والبالية) من تجل رفيع٬ وأخرى المبينة في نفسيهما (نيتشه وفاغنر)٬ أو أية علاقة أخرى غيرها٬ ولا نعتمد على الدراسة أو البيان بالقراءات الشاذة وربما ذكرنا القراءة الشاذة استشهادا بقراءة مستعجلة٬ وقراءة مؤدلجة جاعلة ما لعقالها ضيق خلف ما ليست من الشاذ عندنا ولا عند المحققين من أهل العلم بالقراءات الناقدة.
والثاني: إيضاح الأحكام الفكرية والبعدية؛ في إطار الحقول الابداعية للفنون والفكر الإنساني الشامل٬ المبينة؛ بالفتح لأفاق في هذا المجال٬ فإننا نلحظ ما نبين ما فيها من الأحكام من أنعكاسات٬ حقة ومشرفة٬ وأذلتها ألسن العقل حكمة؛ بالقراءات تتعالى أشدها نقدية٬ وأشد الأطراف مشاركة الفلاسفة والعلماء في ذلك٬ ونرجح ما ظهر لنا الراجح بالدليل؛ من غير مواربة أو تعصب؛ لمذهب /مدرسة فكرية معينة في الفن٬ ما فيها من أحكام٬ ولا لقول قائل معين؛ لأننا ننظر إلى ذات القول في الفن الابداعي ومبدعيه٬ ذات القول لا إلى قائليه٬ لأن كل رأي أو كلام فيه مقبول ومنقود٬ إلا التعالي المتهافت٬ ومعلوم المعرفة أن الحق عافية جدير حقه ولو كان قائله أحمقا. ألا نرى أن الامبراطوريات المعرفية٬ الإبداعات؛ الأفكار المدهشة العظيمة قوادها مبدعيها؛ في حال كونها تثير للعقول من دون مدعيها٬ وهي٬ وثاقفيها٬ لما قالت نبراس الحكمة كلاما حقا صدقتها التجارب فيها٬ ولم يكن لجهلائها مانعا من تصديقها في الحق الذي أثارته٬ وذلك في سماتها فيما ذكر العقل تواريخ أصحابها عنها٬ جعلها عزة أهلها إرادة قوم قال وثبت٬ حقا صدقها فيه.
قد تضمن هذا المقال أمور أضافة على ذلك زائدة ربما٬ كالوقوف على بعض المسائل المتجلية في الفلسفة والإنسان: الفن والجمال والحرية٬ وما يحتاج إليه من صرف إنسية من؛ شك ويقين٬ إعراب مشاركتها في اللغة واشياءها٬ والاستشهاد بمواقف بمنتوجهما٬ مرساة الراجخ الإبداعي الفريد٬ وبمواقف رياح المبدع الفني المميز٬ والإدهاش الموسيقي أو الفكري عموما٬ وتحقق سحاب ما يحتاج إليه فيه؛ من المسائل الفنية أشد المعزة بشيء يقتني٬ ولزوم ما أحاط قيمته؛ هوان الغائصات القبلية الأصولية٬ وتأملات فلسفة الكلام وصراع تفلسف حفريات الإشارة٬ على أشياء لها قبلية؛ من أسانيد الفن التأويلي الإبداعي؛ لدى كل من يقتني فكر ما حمل قيمة الصلة (نيتشه وفاغنر)٬ كما سنراه بمشاركة معا٬ إن شئم.
فوزعت المقالة على عناوين٬ لسلسة من الحلقات٬ تتناول بتسليطها الضوء على:
ـ الحلقة الأولى (والتي ستكون لاحقا): قراءة سياقية مقتضبة: الهيبة المتعالية
ـ الحلقة الثانية: فجوة الأوبرا والبالية بين عناصر الهيبة والأبهة المتعالية
2-1 : الموسيقى والدولة: الإشكالية المتشاطرة
2-2 : الإشكالية المزمنة بين تبادل أبهة الأحكام و نزول هيبة الأرادة الحرة
2-3 : الحفاظ على تهيب وحدة الحكم العملي؛
ـ الحلقة الثالثة:الأوبرا والبالية إرادة التهيب؛
ـ الحلقة الرابعة: الأوبرا والبالية: تعكس إرادة تهيب الدولة/ تهيبة العقل
ـ الحلقة الخامسة استدامة عناصر البحث والتطوير أو الخاتمة.
وأخيرا نشكر إدارة موقع البلد الطيوب٬ على أتاحتها هذه الفرصة٬ في تعميق روح التفتح بالحوار المشترك مع القراء من تلقي الإضافة الفكرية والعلمية النافعة رجاحتها٬ من سلاسة أولويات داعمة للقاريء تأثرها في القاريء مدده الفعال والمستمر للثقافة.
…. يتبع
* كتبت هذه الورقة٬ والتي كان تم تقديمها لمركز نادي أكاديمي ثقافي فرنسي ( …. ) بألمانيا٬ والمشاركة جاءت بدعوة٬ احياء تاريخ ذكرى وفاة الفيلسوف نيتشه 25 أغسطس 1900 ٬ و المنعقدة بتاريخ 25 أغسطس 2019.