المقالة

مسؤوليتنا إزاء الأجيال القادمة

بوابة الوسط

كثيرا ما أجد نفسي مضطرا إلى الحض والإلحاح على التعامل الموضوعي في مناحي الحياة كافة، وعلى الأخص القضايا والشؤون العامة المتعلقة بتاريخنا القومي (أشدِّد: القومي) والوطني.

فعلى المستوى القومي لاحظت هجوما عنيفا على الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، باعتباره منبع البلاء الدكتاتوري والاستبدادي الذي أصاب المنطقة بتدشينه مسلسل الانقلابات العسكرية في البلدان العربية.
والحقيقة أن فاتحة الانقلابات العسكرية في المنطقة وقع في العراق يوم 29 يوليو سنة 1936 بقيادة بكر صدقي، تلاه انقلاب رشيد عالي الكيلاني 1941 في العراق نفسها، لكن غالبا ما يتم اعتبار انقلاب حسني الزعيم في سوريا، مارس 1949، المدشن الحقيقي لسلسلة لانقلابات العسكرية في المنطقة العربية. تبع هذا الانقلاب انقلابان في أغسطس من نفس السنة قام بهما سامي الحناوي.

ولعل السبب الأبرز في عد انقلاب حسني الزعيم أول الانقلابات العسكرية في الوطن العربي يأتي من كونه جاء بعيد تنصيب دولة إسرائيل سنة 1948، وأن الانقلابات التالية له في بلدان عربية أخرى اكتسبت جزءا كبيرا من شعبيتها من خلال رفعها شعار تحرير فلسطين السليبة.
بالنسبة إلى معمر القذافي هناك من يتهمه بالإسهام في تسعير الحرب الأهلية اللبنانية. وأنا أرى أنه لا ينبغي إنكار بعد العداء للاستعمار والحس القومي لدى معمر القذافي (على الأقل إلى فترة احتداد أزمة لوكربي والشروع في برنامج التوريث). وأعتبر أن تدخل معمر القذافي في لبنان إبَّان الحرب الأهلية كان تدخلا إيجابيا. فبغض النظر عن نواياه السياسية ومحاولة اختراق التنظيمات التي تعامل معها وبحثه عن “أتباع” وليس “حلفاء” إلا أنه، في المجمل، قام بدعم تحالف الحركة الوطنية اللبنانية وفصائل حركة التحرير الفلسطينية دعما فعالا.

إن إنكار استبداد جمال عبد الناصر ومعمر القذافي وما نعانيه جراء ذلك من مآسٍ حتى الآن، أمر مناف للعقل والوطنية والأخلاق. كما أن إنكار الحقائق التاريخية والشيطنة التامة لهذين المستبدين، وغيرهما، هو أيضا، موقف مناف للموضوعية والنزاهة والإنصاف وروح العدالة الإنسانية، ولا يفيد على المستوى المعرفي ومسؤوليتنا إزاء الأجيال القادمة.
فالتعامل الموضوعي عموما، ومع مثل هذه القضايا، يمكننا من فهم واقعنا وتبين أنجع الأساليب للتعامل معه وتحديد استراتيجياتنا وتكتيكاتنا.

مقالات ذات علاقة

الفاشية والأوليغارشية وجهان للدكتاتورية

علي بوخريص

أربعةٌ وربع

محمد دربي

الشاعر الكبير مفتاح العمّاري يصفع التوحش

يونس شعبان الفنادي

اترك تعليق