نشرت وكالة رويترز تقريرًا حول آثار مدينة لبدة الكبرى التاريخية، متناولة عملية حماية هذا التراث الإنساني، والذي يتولاه السكان أنفسهم، في ظل ضعف الحماية التي توفرها أجهزة الدولة.
وبدأ التقرير بأنه «كان من الممكن أن تصبح الآثار الحجرية والرخامية في مدينة لبدة الكبرى التاريخية على الساحل الليبي خلية نشاط ومقصدًا سياحيًا كبيرًا»، لكن الصراع جعل واحدة من أعظم المدن الرومانية القديمة على البحر المتوسط معزولة تقريبًا عن العالم الخارجي.
وذهب التقرير إلى أن الحراس لا يحصلون على رواتبهم وأغلب الزوار محليون، باستثناء قلة من الأجانب يأتون بين الحين والآخر منهم سائح أو اثنين امتلكا الجرأة للوصول إلى الموقع.
وفي أيام العمل، يكون الموقع مهجورًا تقريبًا باستثناء مجموعة من المراهقين المحليين الذين ينتشرون في المكان الفسيح، وفق «رويترز».
وقال علي حريبش (60 عامًا) وهو واحد من عشرات الحراس المتطوعين إنه لا يزال يوجد البعض من شرطة السياحة «لكن لا يستطيعون حمايته».
وتابع يقول إنهم يساعدون في مراقبة هذا الموقع «لأجل الله والبلد»، مضيفًا: «نحن نسكن قريبًا من المكان، نحن سكان المنطقة، لا يمكن أي شخص أن يعتدي على المدينة».
زيارات سياحية نادرة
في ساحة انتظار السيارات، تجلس مجموعات صغيرة من الرجال يتناولون القهوة ويشاهدون مباريات كرة القدم على التلفزيون. وتغطي الأتربة البطاقات التذكارية في المتاجر السياحية المغلقة أو المهجورة.
ويقول السكان المحليون إن السياح الأجانب كانوا يترددون على المكان قبل الانتفاضة التي أطاحت معمر القذافي في العام 2011، لكن الزيارات توقفت مع تدهور الوضع الأمني سريعًا في عامي 2013 و2014 حيث تسببت الصراعات في وجود حكومات متنافسة الأمر الذي عرقل جهود الصيانة المحلية والدولية.
كانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) أضافت لبدة الكبرى وأربعة مواقع ليبية أخرى إلى قائمة «التراث العالمي المعرض للخطر» العام الماضي. والمدينة نظيفة في مجملها وتبدو محفوظة بشكل جيد رغم هبوط جزء من أرضية الحمامات في الفترة الأخيرة وانتشار رسم جرافيتي على أحد الحوائط الرخامية.
وقال زكي أصلان ممثل الدول العربية في حفظ التراث المادي والأثري (إكروم) وهي هيئة بين الحكومات تهدف للحفاظ على التراث الثقافي وتنظم برامج تدريبية لليبيين: «نحاول التغلب على الانقسام بين الشرق والغرب (في ليبيا) ونسعى لتشجيع الناس العاديين على حماية التراث الثقافي… إنهم يبذلون قصارى جهدهم لكن في بلد لا يطبق فيه حكم القانون إلى حد ما، توجد أعمال بناء وتجاوزات في بعض المواقع. هذا الفراغ سمح بوقوع بعض أعمال النهب».
في أحد أيام الجمعة مؤخرًا، زار الموقع عشرات من الأسر المحلية. وزار الموقع أيضًا أجنبيان أحدهما من نيوزيلندا والآخر من النمسا ضمن جولة نظمتها شركة سوفيت تورز التي مقرها برلين.
قال مؤسس الشركة وهو الإيطالي جيانلوكا بارديلي إن نحو 60 سائحًا غير عربي سافروا إلى ليبيا في العام الماضي، وإن شركته نقلت ستة أشخاص إلى هناك منذ انطلاقها في مايو.
وتتيح أيضًا شركة لوباين السياحية، التي يقع مقرها في المملكة المتحدة، رحلات إلى ليبيا. وتقدم الشركة «رحلات إلى وجهات فريدة بأسعار اقتصادية» منها إلى كوريا الشمالية وتشيرنوبل.
ويرى بارديلي إمكانات ضخمة في ليبيا منها السياحة للإيطاليين الذين استوطنت أسرهم في ليبيا في السابق لكنه ولدواع أمنية لا ينظم رحلات إلى آثار بمدن صبراتة في غرب ليبيا وقوريني في الشرق أو إلى الصحراء، وفق «رويترز».
وقال إن المشكلة الوحيدة التي تواجه العملاء هي التعطل في مطار طرابلس، موضحًا أن اثنين من السائحين خضعا للاستجواب لساعات بالمطار مؤخرا ففاتتهما الرحلة.
وأوضح قائلًا: «عندما يفحصون الجوازات، في بعض الأحيان نمضي في الإجراءات بسهولة وخلال 30 دقيقة نكون خارج المطار.. وفي بعض الأحيان يستغرق الأمر ساعات».
وأضاف أن الأمر أسهل في العراق وسورية، حيث ينظم رحلات سياحية أيضًا، لأن السائحين يتوجهون فقط إلى الأماكن الخاضعة لسيطرة الحكومة. وقال: «المشكلة في ليبيا أنه لم يتضح بعد من المسيطر، حتى في طرابلس».