هاجر الطيار
ليست لدي فكرة أكتبها وأقدمها لكم على قرطاس فلم يعد لدي قلم، نعم لقد وللا زمان القرطاس ومات القلم.
ولكن دعوني أريكم أصابعي البهلوانية وكيف ترتع في رياض الحرف، ليس مهما إن كانت ستقطف لكم من حقوله زهرا أو تينا شوكي ،ليس مهما إن كانت ستجني عسلا أو تزرع لكم على حواف طريق الحق حنظل؛ فأصابعي تهوى اقتراف الحرف ، لن تكترث إن ثقبت نصا أو بعثرت آخر أو نخزته في خاصرته، أصابعي تحترف السقوط من أعلى النصوص ثم التحليق عاليا فوق القمم.
حتى وإن مات الورق وعاش فضاء الحرف الازرق ،وصرنا في زمن الأصابع ، الاصابع المتورمة التي تأكلها الكلمات.
الأصابع الرشيقه الرقيقة الناعمة الخشنة الطويلة والقصيرة، تلك التي تمتد على رقعة بطول شبر وعرض فتر، ما أن تأخذ بالعزف على المفاتيح؛ حتى تنطلق الحروف و الكلمات والعبارات -الفضية المضيئة المكتوبة بالنور لا بالحبر – محلقة في الفضاء الفسيح بحرية مطلقة، ليس لها سقوف ولاتؤمن بالحدود ، ولا تصدها السدود ، ليس عليها جمارك ، ولا يوقفها شرطي المرور ولا تقف في طوابير التفتيش و تعترف بجوازات السفر.
تحلق في فضاء كل من يرتاده يدمن الملل والبحث عن الجديد فالجديد فيه كثير والكثير مثير ،ما أن تلتقطه حتى يفقس بين يديك الف حرف غيره، و تنبت بأرضه مئات الاشجار من الكلمات تزخرف الاوراق الفضائية الزرقاء التي تسلب الألباب، وتثقب العيون، خاطفة تنمو بسرعة فاصولياء العم سام، العملاق فيها يموت، يموت بسرعة يموت بسقطه و يموت معه الورق ويندلق الحبر وينكسر القلم ويعيش فضاء الحرف الازرق في زمن الاصابع .