الشاعر الراحل صلاح عجينة
طيوب النص

في ذكرى الفتى المربك*

 

الشاعر الراحل صلاح عجينة أرشيفية عن الشبكة
الشاعر الراحل صلاح عجينة
أرشيفية عن الشبكة

صدمتي كانت كبيرة وأنا أتلقى خبر وفاته، ليس لأنه بعد لم يجاوز الثلاثين، لكن لمعرفتي بكم الطاقة التي يسكنه، وأفق أمنياته المفتوح على اللا نهائي، ففي لقائي الأول به، كانت عيناه تشعان حماساً وقلبه يتقد نشاطاً، يتحدث في الأدب والثقافة، ويرسم خططاً لمشاريع ثقافية بحجم الوطن. كانت تلك الليلة قصيرة جداً على هذه الشاب “صلاح عجينة”

أريد لقصيدتي شرف الانضمام للمركب

لكنها رفضت –كعادتها- الصحراويين

حلمها معجزة صغيرة.1

ولد “صلاح محمد مسعود عجينة” بمدينة طرابلس يوم الثلاثاء الموافق: 1979-7-3، عاش طفولته الأولى بمدينة الزاوية. ارتحل مع عائلته في طفولته المبكرة إلى بريطانيا ليلتحق بالمرحلة التمهيدية ما قبل المدرسة، وبعد العودة إلى ليبيا التحق بمدرسة الجيل الجديد بالزاوية عام 85/86، حيث درس بها الابتدائية والإعدادية. أما الثانوية فقد درسها بمدرسة الزاوية الثانوية عام 94/95، في العام 1997 تحصل على الشهادة الثانوية بتقدير ممتاز، مما ضمن له دخول كلية الطب البشري بجامعة طرابلس (جامعة الفاتح سابقاً).

كانت روح المثابرة والنشاط أحد العوامل التي دفعت به للانخراط بالحركة الكشفية، فبدأ مشواره الكشفي من الأشبال في نهاية الثمانينات، وتدرج حتى وصل حلقة المتقدم، ومن بعد تحصّل على دورة إعداد القادة عام 96، هو لم يكمل 18 عاماً. في العام 1997 تحصل على الدورة التمهيدية للشارة الخشبية بغابة الزنتان، فيما تحصل على الشارة الخشبية-عملي عام 1999 بغابة جودائم الكشفية. وأكمل الجانب النظري عام 2001، ليكون من أصغر القادة المتحصّلين على الشارة الخشبية على مستوى ليبيا.

هذه النشاط كان دافعاً للبروز من خلال الأنشطة المدرسية، إذ شارك في النشاطات المدرسية وكتب مجموعة من المسرحيات القصيرة، مثلت على خشبات المسرح المدرسي. خلال مشاركته بمسابقة النشاط الأدبي بمنتدى الشباب بالزاوية عام 96، حيث تحصل على الترتيب الاول في مجال القصة القصيرة، وكذلك كان ضمن الفريق الذي تحصل على المرتبة الأولى في النشاط الرمضاني بالمنتدى لنفس العام.

ساهم في إثراء المشهد الثقافي الليبي من خلال مساهماته في مجالات: الشعر والقصة والمقالة والنقد، والمشاركة الفعلية في المهرجانات والملتقيات الثقافية داخل ليبيا وخارجها.

اهتم بالصحافة، منذ العام 1997، من خلال صحيفة (الراية) التي كانت تصدر عن إعلام الزاوية، وأشرف على صفحة الاستراحة بها، والتي كانت تسمى (فسيفساء الراية). كما وكتب للإذاعة الشبابية المسموعة برنامج (كتاب اليوم) وأعد لقناة الشبابية الفضائية برنامج (المشهد الثقافي)، و(زاوية مضيئة). وانتسب لعديد الجمعيات والإطارات ذات الصلة بالعمل الأهلي.

سنتان من ضياع الذاكرة

مرتا كهتاف هزيل

بيعتا من رحم سؤالٍ نكر

اغتصبتا من العمل إكليلاً.2

أكثر ما ميز الراحل “صلاح عجينة” حماسته ودأبه ونشاطه، فهم لم يقف عند جنس أدبي واحد، بل تعدد كتاباته وتنوعت، وكانت له العديد من الصولات والجولات في الحوارات الأدبية، كان التحدي صفته، وأنه لا وصاية في الأدب شعاراً، وهذا ما ألمح له الناقد “الطيب الجمازي” في كتابه (مغامرة السؤال..حكمة )، إنه الفتى المربك. تحصل على جائزة الدولة التشجيعية للآداب عام 2009، وتم تكريمه ضمن الشباب المثقفين العرب بقطر 2010.

شغل “عجينة” –رحمه الله- العديد من المهام الثقافية:

ـ عضو هيئة تحرير صحيفة الراية، وأشرف على الملحق الثقافي بها.

ـ رئيس تحرير جريدة الثقافي التي صدرت بالزاوية عام 2003.

ـ رئيس فرع الجمعية الوطنية لرعاية الشباب فرع الزاوية.

– رئيس رابطة الأدباء والكتاب بالزاوية.

– مدير تحرير مجلة شعريات الأدبية الشعرية.

– رئيس تحرير مجلة شؤون ثقافية التي كانت تصدر عن وزارة الثقافة.

صدر له:

– كلام البرق 2001 .

– قريباً من ناصية البئر والتحول 2003 .

– مطالعات وهوامش 2004.

– زغاريد أخرى (سلسلة التوثيق الثقافي) 2004.

– من السطر الأول للرواية الليبية (سلسلة التوثيق الثقافي) 2004.

– الكتاب الجوّاني 2006 .

– ربيع النص أم خريفه (قراءات نقدية)  2007.

– أسئلة نصف خطوة (حوارات ولقاءات).

– مسلك كتابي 2008 .

– كتاب الناصية وما بعده 2008.

– ماء الشاعر 2008 .

– يوم في حياتي 2009 .

تناول إنتاجه الأدبي الشاعران “مفتاح العمّاري” في كتابه (عتبة لنثر العالم)، و “أبو القاسم المزداوي” في كتابه (عناقيد قيد الاشتهاء)، و  أعد حول تجربته الشعرية، الناقد التونسي “الطيب الجمازي” كتاباً بعنوان (مغامرة السؤال حكمة الجواب – قراءة في التجربة الشعرية لصلاح عجينة)، كما تناول إنتاجه عبر الصحف والمجلات عدد من النقاد.

في أواخر عام 2010 اكتشفت إصابة الشاعر بمرض السرطان، وتلقى علاجه بين قطر وتونس وألمانيا، وكابد وجاهد معاناة وآلام، حتى وافته المنية صبيحة الأربعاء الموافق 19-9-2012 بالعاصمة التونسية، حيث كان في رحلة علاجية، لتنتهي مسيرة هذا الإنسان الشاعر، المتقد نشاطاً وحماساً.

__________________

1- نص: هذه المرة.

2- نص: سيرة التعب والكلام.

* الشكر للقاص “عمر عبود” رفيق الراحل “صلاح عجينة” الذي أمدني بالكثير من المعلومات.

 

مقالات ذات علاقة

لست على ما يرام

تهاني دربي

آخر الخراب

عبدالسلام سنان

عَنِ الأَفْكَارِ وَالقِرَاءَةِ وَالْكِتَابَةِ.. (1/3)

جمعة الفاخري

اترك تعليق