شعر

حطّاب الأرض الوعرة

لأني من نسغ الأرض الوعرة

أبي حطّاب أحلام

وأمي نسّاجة وعدٍ

وولاّدة مغزى

لن أنوي الهجرة

إلى لغة أخرى

لأطير مثل رمادٍ مخدوع

تتخاطفه طواحين هواء

فوق بروجٍ من دخان

مغمراً بمباهج وهمٍ

وثرثرة نزوات نزقة

ومهما تشرّدت لغتي

لن تأفل أغنيتي

عن سماء منازلنا

ومزارع ألفتنا

ومهما أخطأت أمي

لن أنشر غسيل أيامي

على حبل جارتنا

وستظلّ أمي رغم جراحي النازفة

تتربّع على عرش مخيّلتي

كما لو أنها ملكة

ورغم لدغة الزمان الوضيع

سأظلّ كلّ صباح

أشرب من قهوتها المرّة

ومهما يكن

سأبقى هنا

فوق هذه الأرض الوعرة

أضرب فأس خيالي قوياً

أقتلع الأشعار من عروق حجارتها

أمنحها من روحي وهج الروح

ومن قلبي

أهبها أجنحة الجدوى.

هنا سأعتّق خمرة حدسي

وأشرب كأسي

فيسكر قمري

ويرقص ظلّ جلاّسي

وحين تسهو أذن الليل

أسبر غور جدراني

وأغافلُ حرّاسي

وأدقّ أوتادي عميقاً

في كبد المعنى

فتهتزّ عروش الكواكب

وتسقط قبّعات النجوم

وتطلق الشمس في حقول قصائدي

قطعان خيولها المرحة

ولأني جندي

تحمله خفّة عيونٍ

كحّلتها التجارب بلون مفازات عطشى

بلون ساعات رمل

مكسورة بهزائم شتى

بلون مطرٍ من غربان

وأصداء جيفٍ تأكلها هبة السهو

بلون هتاف جماعي لغابات القتلة

مهما يكن

لن أهجر عشّ أطفالي

وخلوة الظلّ الفقير

وكرمة الندى

سأبقى هنا

حدّ الوارفة مثل نافورة من هداهد حكمةٍ

تصدح بنداء التمر

توأم النحاس الأصيل

أظفر المديح للأنثى

أميرة الشجر

محرّضاً معرفتي أن تأخذ عراجين الكشف

وتكنس أوساخ الحواة

وشباك العنكبوت

لتتعرى العورات

وتسقط أوراق التوت

أوّاهٍ ما أجملَ هذا الموت

حين تكون القبضة ظافرة بالطير

وعصير الأسرار

وتصبح أروقة الشعر

ثريّة بالرؤى

ومناجم الملح والآبار

حين تخمد في عجينة الطين

جمرة يدي

وأموت هنا

وتبقى كأسي مترعة بالنشيد

وكلماتي أسراب غيوم

ترعى فوق الأرض الوعرة.

مقالات ذات علاقة

رقصٌ على شفاه الجمر

مفتاح البركي

أكتوبر

سميرة البوزيدي

انفلاتة ضوء !

مهند سليمان

اترك تعليق