في الصباحات البعيدة، وأيام العُطل، لطالما أحببتُ الاستيقاظ باكرًا لأشاهد الشروق من نافذتي، وأراقب خيوط الشمس وهي تغزلُ بعضها، أجلس أمام التلفاز بلهفة طفولية، أتابع أفلام الكرتون بشغف، رغم أنني تجاوزتُ حدَّ سنين الطفولة.
أُقلِّد رقصات بارني، وأنتظر إيميلي فتاة الرمال بفارغ الصبر، ثم أستعد لمتابعة مُفضلتي “فتاة الياقة الزرقاء.” أُغني مع روبانزل، وأفتح مذكرةً عليها صورة “بيل” كلما بدأ فيلم الجميلة والوحش. أتنقل بين كواكب سبيستون، وتستمر رحلتي حتى يأتي أبي ليقول لي جملته المعتادة بعد صباح الخير:
“عيب يا بابا مزلتي اتفرجي أنتِ، معش لك الرسومات هذين.. قريب نلبس كاط”
لطالما أثارت فضولي تلك العبارة الأخيرة “نلبس كاط”، وما سر ارتباطها العجيب بالكرتونات الصباحية. لكنني كنتُ أخجل من السؤال في كل مرة.
سألت أمي ذات يوم: “ماما، شنو الكاط؟”
فأجابت بأنه جزء لا يتجزأ من الجلابية العربية.
ومع ذلك، لم أفهم المقصد، فقد كان أبي يرتدي الجلابية بشكل دائم، فما الذي ينتظره من هذه القطعة المسمّاة “كاط”، وهو يمتلك منها الكثير؟
أمضيت صباحاتي على نفس الحال، وكان أبي بدوره ينصحني كلما رآني بنفس الروتين عن: الثباتِ والتمسك بالدينِ والخُلق، اجتنابِ الشُبهات والمعاملةِ بالمعروف وغيرها..
لم أكن أفهم سبب كل تلك التوصيات، إلا أنه كان يهيئني لحياة الكبار، ويلبسني ثوب النُضج دون أن أشعر.
ويستخدمُ عبارات ورموزًا مبهمة مثل عبارته تلك، ليزرع في نفسي الشعور بالمسؤولية.
ذهبت الأيام وأتت الأيام، وكبرت حتى أصبحت عروسًا، “قطعة من القمر” كما وصفني الكثيرون.
وبينما قدَّم أهل زوجي الهدايا لأسرتي، كان هناك “كاط مظلم في ركنة وحده.” نظرتُ إليه نظرة أسى وانكسارٍ بملء الكون، وأدرتُ وجهي.
اكتشفت السر الذي لطالما أثار فضولي وحمسني، أردت أن أقول لك: “عرفت توا كلمتك في شن جت، تبيني نعقل ونشقى بسيور حالي.”
كبرتُ اليوم وعملت بتوصياتك جميعها، غير أنني مازلتُ أحب مشاهدة أفلام ديزني وأنميّات سبيستون..
لكنني في النهاية “نضجت، وتأهلتُ للزواج وجلبتُ ما كنت تنتظره، ولكن سؤالي:
أنت وين تفرح بيا وبجيبته لك؟