طيوب النص

رسالة حب إلى شاعر ليبيا الأستاذ الدكتور عبد المولى البغدادي

الشاعر عبدالمولى البغدادي.
الشاعر عبدالمولى البغدادي. (الصورة: عن الشبكة)

إلى أستاذنا ووالدنا وشاعرنا: د.عبد المولى البغدادي.

سلامي عليك سلام من أسلم وجهه لله، وصباحي عليك جورية مبللة بالندى.

أيها الشاعر المغرد على ضفاف شط الهنشير، والعاشق لمدينة تدغدغ أصابع قدميها مياه البحر المتوسط.

سيدي.. أعلم علم اليقين كم يعاني الشاعر من وجع حمل القصيدة ومن عسر ولادتها، وكم يتمنى أن يراها حلوة ينام فوق شاطئ عينيها الحالمون والمتعَبون…

قرأت لك هذا الصباح أنك تحتفظ بقصيدة طويلة جدا، تتدلى من صدورها وأعجازها عناقيد غضب ملتهب على ما يحدث في هذه البلاد، والواقع أني لم أعجب لغضبك هذا، فأنت مع حبك للدعابة والظرف لا بد أنك ترى الشعر رسالة ورؤيا وفيضا شعوريا هادئا حينا وحينا هادرا ، وتراه كما رآه صديقك وحبيبك نزار قباني يوم أعلن من الموصل:

كلُّ شعرٍ معاصرٍ ليس فيه غضبُ العصرِ نملةٌ عرجاءُ

سيدي …أتمنى أن أرى هذه القصيدة الملتهبة التي تفضلت مشكورا بنشر مقطع قصير منها منشورة على الملأ، وأنتظر منك أن تضمني تحت عباءتك وتبوح لي بشكواك وآلامك، فبي مثل ما بك أيها القُمري المغرد في سويعات الأصيل.

سيدي.. أذِعْ هذه القصيدةَ، وألِعْ بحروفها القلب الليبي المعنَّى لظىً وحرقة…

  لا تُلجمْ غضبك الساطع على ما يحدث في طول البلاد وعرضها …

 دع غضبك الهادر ينطلق ليسمعه ولاة الأمر، وليصكَّ آذان القتلة والمجرمين والفوضويين والرعاع الذين يعيثون في البلاد إجراما وفسادا وطغيانا، فلعل بعضهم يخفف من شروره أو يكف عنها…

سيدي.. في كل مكان من ليبيا الحبيبة تحاصرنا كالطاعون والكورونا ألف عصابة ومليشيا، الهواية المفضلة لمجرميها هي سفك الدم والسلب والنهب وإشاعة الرعب في قلوب الطيبين والطيبات.

سيدي …أيها الشيخ التسعيني الأشقر والمدثِّر في عباءة طرابلسية …

يا فِضْيَّ الشَّعرِ ويا لوزيَّ العينين…

تطالبك مآذن أحمد باشا وميزران وحواري المدينة القديمة والمتربعون حول (كوشة الصفار) أن تغضب لأجل ليبيا كلها غضبة مضرية تهتك حجاب الشمس.

سيدي.. أيها الشيخ التسعيني الناسك في خلوات المساجد والمستظل بأفياء جنائن الحنة ومزارع التين والرمان ..

 تناديك اليوم ليبيا بأن تكون صوتها الصارخ في وجه من شوَّه وجهها واغتصب فرحتها.

 أيها الشاعر الذي يمتشق الحروف والقوافي ويرقص بها على مقامات الخليل…

اجلبْ عليهم بصواعق قوافيك، واقذفهم بحِمم روِّيك، فإن الزمن في ليبيا قد تناثرت ذراته والأرضَ قد توقفت، لكأنها تخلت عن جاذبيتها …

أيها الشيخ التسعيني الذي يرتل في الصباح (السبع المثاني)، وفي المساء يترنم بسورة (الرحمن) ..

 لك الله أيها الشيخ…. وأنت ترى أولاد شارعك تتدانىَ حِرابهم وتتناءى أفكارهم …

لك الله أيها الشيخ …. وأنت ترى أبناء قبيلتك يتقاتلون على بقايا تمرة دقلة…

 أيها الشاعر الغاضب ها هي الحنايا الليبية عليلة … كدمات وضلوع مكسورة، وفي الأفئدة أوجاع تصيح آناء الليل وأطراف النهار، فقد بِيعَ التُّقىَ في بلد القرآن والهدى، وبِيعَ معه العقل والسلام، وتوارى البهاء والحسن خجلا عن شواطئ وصحارى ليبيا.

أيها الشاعر الغاضب ها أنت ذا ترى تقهقر كثير من الشيوخ والشعراء والكتَّاب والمفكرين والإعلاميين وتخليهم عن وطنهم وعن أبنائه ورفات أجداده، بل ترى منهم من شاطر المجرم في جرائمه.

أيها الشاعر الذي يجمع الحروف ليرجم بها الوجوه الشائهة والعقول التي يتكدس في تلافيفها البغي والإجرام …

آن آوان الصدع، فاصدعْ بما تشعر.

فِضْيَّ الشَّعر وفيروزَ الشِّعر …لقد جاوز الظالمون المدى، وأرى اليوم موعدنا لا الغدا ..

آن آوان الصدع، فاصدعْ بما تشعر.

اعذرني سيدي وارفق بي وبوجعي .. فبمن يلوذ التعساء والمظلومون والموجوعون ؟

 سيلوذون حتما بالله جل جلاله، وبمن يدمغ الباطل بقوافيه ورويِّه.

حينها …  قد تعود في القريب لشط الهنشير زرقته..

وقد يزهر اللوز وينضج اليوسفي من جديد..

والسلام عليك، والحب والتقدير لك ولشِّعرك، ما غرد هزار على عود البان، وما ترنم مرنم بآي القرآن

مقالات ذات علاقة

لحظة حرية

إدريس ابن الطيب

سأجرب

ميسون صالح

هالات سوداء

المشرف العام

اترك تعليق