المقالة

عصر الكهف الرقمي .. الحرية في زمن كورونا

الإنسانية الرقمية
الإنسانية الرقمية

منذ أن ورث الإنسان الأرض و هو يبحث عن الحرية، في الترحال، و التعبير بالفن، و اللعب، و الرياضة، ظهر العديد من الفلاسفة عبر قرون ينشدونها، تغنى بها الكتّاب و الشعراء و الفنانون، و قد وصل الإنسان في رحلة بحثه عن الحرية إلى محاولة اكتشاف كواكب أخرى قد تكون صالحة للعيش، و البحث عن أماكن للسياحة و التنزه غير اعتيادية، كالقمر و قاع البحر، حاكى الطيور بها و الأسماك، لم يكف عن اكتشاف مواطن أخرى لتلبية نداء جريه وراء الحرية، صاغ لها الدساتير التي تضمنها و وضع القوانين التي تحميها، خاض من أجلها حروبا كلامية، و كتابية، و مسلّحة عبر ثورات خلّدها التاريخ، أقام لها تماثيل في الميادين العامة تمجيدا لها، كتمثال الحرية في نيويورك. عانى من أجلها، و لا يزال يعاني. ولكل وجهة نظره حولها، فحرية الفرد واستقلاليته تقع في دائرة حقه كإنسان له رأي لا يجب أن تتعدى عليه أي سلطة خارجه سواء كانت سلطة سياسية أو دينية أو مجتمعية، ما لم يتعدَّ على حرية الأخرين.

اقترنت الحرية بالمسؤولية عند العديد من المفكرين، مما دعا المجتمعات إلى صياغة قوانين تحمي حرية الفرد دون السماح له بالاعتداء على الآخر، سواء كان هذا الآخر إنسانا مثله أو حيوانا أو مكانا، أو غيره، إلى أن حلّ زمن كوفيد 19، حيث ارتهن الإنسان نفسه للحظر المنزلي، و باتت حركته تقل خارجه، فلا منتزهات و لا حدائق و لا زيارات، فهل إنسان القرن الواحد و العشرين الذي يعيش عصر الثورات الرقمية يعود لحياة الكهف، لا يخرج إلا لشراء الحاجات الضرورية من أجل البقاء و الذي يقابله الخروج للصيد زمن الكهوف، هل صارت الأوبئة تحل محل مخاوف الإنسان القديم من المجهول المتمثل في كل لغز لم يتوصل إلى تفسيره (إنسان الكهف) ، و من ثم هل سندخل في عصر جديد يمكن تسميته بعصر الكهف الرقمي . حيث لا خروج إلا عن طريق شبكة الانترنت للاطلاع على كل جديد في هذا العالم، ولا تعليم أو عمل إلا بمساعدتها، ولا تسلية أو ترفيه أيضا إلا باستخدامها، ولا معايدات أو تعازي إلا عبرها، هل نتحول إلى كائنات افتراضية تسبح في فلك فضاء الكهوف الرقمية.

مقالات ذات علاقة

أبو سفـيان بيـته ليـس آمن

محمد المغبوب

أجمل ما في شط الحرية

المشرف العام

مناقشات خيالية .. صناعة الأكاذيب

يوسف القويري

اترك تعليق