اختُتم خلال اليومين الماضيين بفندق دار السلام بطبرق مؤتمر «ابن جني الدولي الأول» الذي أشرف عليه قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة طبرق تحت عنوان تطوّر علوم العربية بين الأصالة والحداثة.
افتتح المؤتمر بتلاوة آيات من الذكر الحكيم , و بالنشيد الوطني , و بكلمات اللجنة المنظمة و بعض مسؤولي مدينة طبرق , ثم توالت فعاليات المؤتمر حسب الجدول الملحق بالمؤتمر , حيث خصصت قاعة المسرح للحلقات العلمية الخاصة باللغة العربية و النحو و الصرف و البلاغة , وخصصت القاعة الثانية للبحوث التي تهتم بالجانب الأدبي و تقنيات الكتابة عموما.
حيث شارك في هذا المؤتمر عشرات العلماء و الأكاديميين وأعضاء هيئات التدريس من مختلف الجامعات الليبية و العربية .
وقد تركّز المؤتمر حول محاور أساسية، وهي تطور علوم العربية في العصور الأولى، وفي العصر الحديث، وتأثر اللغة العربية بالعلوم والثقافة، وسوق العمل وأثره في مدى تعلم العربية.
حيث تناول المشاركون إعادة قراءة لأصول العربية بين الأصالة والحداثة ومحاولة تفسير كثير من الظواهر المحيطة باللغة وعلومها، والنظر في التمازج الحضاري وأثره في علوم اللغة العربية، ومحاولة النظر في الجانب الشمولي المعرفي للغة العربية، والكشف عن أثر التقدم التكنولوجي في العربية، وإعادة هيكلة بعض علوم العربية التي تمازجت مصطلحاتها ببعض.
وكان عدد الأوراق البحثية المشاركة حوالي 64 مشاركاً من داخل وخارج ليبيا حيث نوقشت هذه البحوث خلال ثلاثة أيام, وعلى فترتين صباحية ومسائية.
كما عقد على هامش المؤتمر “ابن جنى” اجتماع لأقسام اللغة العربية على مختلف الجامعات الليبية، نُوقش خلال هذا الاجتماع عدة قضايا كان من أهمها , امكانية توحيد المناهج على مستوى الأقسام بالجامعات، وكذلك توحيد نظام الدراسة الفصلية أو النظامية بهذه الأقسام سواء.
وتخلل مؤتمر ابن جني الدولي الأول لتطور علوم اللغة العربية , مناشط أدبية و ترويحية أشرفت عليها اللجنة المنظمة, حيث أقيمت أمسيتين, الأولى شعرية, أحياها الشاعر الكبير عمر عبد الدائم و أدارها الأديب علي أحمد سالم , و الأمسية الثانية كانت مفتوحة شارك فيها القصاص عبدالرحمن سلامة و القاص عوض الشاعري و بعض من الحضور.
كما نظم القائمون على المؤتمر جولة لمعالم مدينة طبرق , زار خلالها المشاركون بعض المواقع الأثرية في المدينة و التي من بينها القلعة الألمانية و مقابر الحرب العالمية الثانية , واختتمت الجولة برحلة بحرية في حوض طبرق البحري, على القارب (إنقاذ) و التي نالت اعجاب المشاركين .
ومن أهم التوصيات التي توصل إليها المؤتمر:
1- إعادة قراءة التراث اللغويِّ والأدبيِّ الذي تركه لنا الأسلاف، وفق المناهج المعاصرة والنظريات الحديثة، قراءة واعية مبعثها الرغبة في تطوير الموروث العربيِّ، وتحري الصواب والبحث عن الحقيقة، وما دامت الحقيقة موجودة عند الأسلاف فالأولى الرجوع إليها، وإلا فالحكمة ضالة المؤمن!
2- ضرورة نشر الوعي بالعناية باللغة العربيَّة في مختلف الوسائل الإعلامية، ووضع سياسة لغوية واضحة ومنسجمة تشمل مختلف مجالات السيادة الوطنية (التعليم، الإعلام، الإدارة)، والعمل على دعم المشاريع الجادَّة في العناية بالعربيَّة وحمايتها، والدعوة إلى مواكبة مستجدات التربية، وخلق دورات تكوينية تمكن الدارس من الإلمام بكل ما استجد في مجال التربية والتعليم.
3- العمل على وضع إطار عامٍّ مرجعيٍّ عربيٍّ موحَّد لتعليم اللغة العربيَّة بوصفها لغة أجنبية أو لغة ثانية؛ من أجل توجيه بناء المناهج الدراسية وإعداد اختبارات الكفاية اللغوية للناطقين بغير العربيَّة.
4- الدعوة إلى إيجاد مركز لغوي عربي موحد للترجمة، وتأهيله بكل ما يحتاج إليه من كوادر وإمكانات؛ لترجمة ما نحتاج إليه في حينه؛ للخروج من الترجمة الركيكة الموغلة في الغموض، ونتجنب ترجمة ما لا حاجة لنا به مما هو بعيد عن العربيَّة وأصولها وطبيعتها.
5- توحيد المصطلح اللغوي العربي الحديث لفظا ومضمونًا، للخروج من فوضى المصطلحات العارمة التي تجتاح الدرسين اللغويَّ والأدبيَّ اليوم المترجم والمؤلف على حد سواء.
6- توجيه الجامعات الليبية إلى إعطاء الدرس الصوتي ما هو جدير به من عناية في مناهجها وخططها الدراسية، وإيلاء البحوث الصوتية التجريبية القائمة على التطبيقات الحاسوبية عناية خاصة، والعمل على إنشاء مختبرات صوتية في أقسام اللغة العربيَّة.
7- تعميق التواصل بين الباحثين في العربيَّة ومؤسساتها لتبادل الخبرات والمعارف، وعقدُ المزيد من اللقاءات الهادفة من مؤتمرات وندوات وورش عمل تصب في خدمة اللغة العربيَّة.