أنا ممثل جيد
كاذب بارع
اكتشفت هذه الموهبة منذ زمن بعيد
لذلك صرت أكتب بروح الكثيرين
صرت أتقمص أي شيء
وأُمثل كل الأدوار
حتى أنه يمكنني أن أمثل فيلما كاملا بمفردي
يمكنني أن أكتب بلسان أي شاعر كان
أن أستعمل قاموسه وألعابه الخاصة
أن أكتب بلسان نيرودا مثلا
وأقول
أيتها البلابل الحزينة
لاتلتقطي الحَب قرب الضفة
إنها لم تعد كسابق عهدها
صارت ماكرة وغادرة كثعلبة برية
حلقي صوب المحيط
إنه أكثر صدقا الآن
كل شيء مخادع هنا
كل شيء ملطخ بالدم
قشتالة كلها ملطخة بالدم
أن أكتب بلسان المتنبي حتى
أقسم أنكم لن تُميزوا بين أبياتي وأبياته
سأقول مثلا
أنا من نزعتُ عن الطبيعة ثوبها
قسرا.. فخافت وجهيَ الغيلانُ
النار عذراءٌ لمستُ يقينها
ورأيتُ منها مايراهُ الجانُ
أسْجدتُها للطينِ في محرابهِ
حتّى تعوَّذ منّيَ الشيطانُ
حتى تخوّفَ أنْ أردَّ لآدمٍ
حقّ السجود فيقلبَ الميزانُ
في نص قديم
لعبتُ دور مراهقة تفاجئها دورتها الشهرية لأول مرة
كنت أتلوى من الألم
كنت أتخبط وأقفز كالكنغر
كان الدم ينزف من بين فخذيّ
غزيرا وجارفا
كنت أظن انه لن يتوقف
أنه سيستمر في التدفق حتى أموت
أنتم لا تعلمون
وقع تلك اللحظات التي مرت عليّ
قبل أن أُعلم أمي بالأمر
وفي نص آخر
كنت عاهرة مُسنّة
كنت أقف كل ليلة عند المرآة
وأخلع ملابسي قطعة قطعة
كنت أبكي بحسرة وألم
وأنا أعاين جسدي المترهل والقبيح
كنت أمسك ثديّي المتهدلين
وأتذكر مئات الأيدي وهي تتلهف للمسهما
كنت أستجمع مئات الوجوه الحزينة والسعيدة
المشرقة والمتجهمة
وأتذكر مئات الرجال وهم يتعرون أمامي
الخاصة والعامة
القادة والجنود
الأبطال والسفلة
الفحول والذين لم يضاجعوا من قبل
أتذكر زفراتهم وآباطهم النتنة
وحين أمرر يدي علي تجاعيدي الغائرة
أتحسس مئات اللحى والذقون
وفي نص آخر
جسدت دور بعوضة
تخيلوا بعوضة
كنت ضئيلة لدرجة سخيفة
حتى أنني لم أنتبه أنني أطير
كان جسمي أقل من أن أشعر بشيء
كنت أظن أنني اسبح في فراغ أبيض
وحين تشدني الحاجة للدم
لذاك السائل الملون
كنت أقع على اللحم المتكشّف
كنت أقف قرب المسامات الفاغرة
وأتساءل في كل مرة عن مغزى هذه الحفر الكبيرة والعميقة
وعن ماهية هذه المخلوقات المجوفة
هذه المخلوقات الشهية والساذجة
وفي نص آخر كنت دجاجة
دجاجة حزينة وحالمة
كانت الديكة تتنافس عليّ
وكنت أستسلم بخوف ولذة
كنت أفكر في كل مرة أن أقاوم وأنفض جناحيّ
كنت واثقة بأنني أستطيع أن أسقط أي ديك عن ظهري
لكنني كنت اريد أن أستسلم
كنت في حاجة لأن أستسلم
كنت أذرع هذه الحظيرة دون توقف
كنت أحلم بسفح أخضر وبيدر كبير من القمح
كنت اتخيل أنني أتخطى السنابل الوارفة
وأهوي على الحبوب دون أن أضرب الأرض بمنقاري
وحين يضرب رأسي أحد جدران الحضيرة
أضع بيضة
وأستسلم لديك آخر
المنشور السابق
المنشور التالي
مقالات ذات علاقة
- تعليقات
- تعليقات فيسبوك