القاص عوض الشاعري.
حوارات

عوض الشاعر ي لــ (نبض العرب): ”الكاتب المحترف نادرا ما يتحصل على استراحة“

نبض العرب (حوار/ ريم العبدلي)

القاص عوض الشاعري.
القاص عوض الشاعري.

 

صحفي وقاص وشاعر معروف مطلع جيد على كتاباته يرسم لنا انعكاسات الواقع ليحي فينا الثقافة العربية بقلمة المبدع. عند استضافته في هذه المساحة تزاحمت الأسئلة لكي نصل معه في أعماق الثقافة فكان لابد لنا في البداية أن نعرج من خلاله عن سيرته الذاتية فا:

عوض عبدالھادي الشاعري صحفي وقاص وشاعر. ترأس تحرير صحف (أخبار البطنان ـ الديوان ـ طبرق الحرة ـ الملتقى).. مدير ومنسق تحرير (الركح ـ المختار ـ الفصول الأربعة ـ موقع الصياد).. مدير ومؤسس بيت طبرق الثقافي.

صدر له: (طقوس العتمة) مجموعة قصصية يونيو (2005) عن مجلة المؤتمر، (سطوة الكلاب) مجموعة قصصية 2015 عن دار تانيت للنشر والتوزيع، (إلى لا طريق) مجموعة شعرية دار كتابات جديدة 2016.

له: مخطوط ق ق ج (اشتعال)، مخطوط شعري (قبل الوداع)، مخطوط روائي: فوبيا النباح، مخطوط روائي (أصوات)، مخطوط (وجوه من مدينتي)، مخطوط (الطريق إلى كمبالا) رواية.

ترجمت بعض نصوصه للسويدية والانجليزية والفرنسية والعبرية.. مسرحت قصته (طقوس العتمة) بمعرفة المخرج المسرحي محمد المسماري ومجموعة من نصوصه بمعرفة المخرج رمزي العزومي
ونص (التماسيح) بمعرفة المخرج (حافظ عطية).

شارك في العديد من المهرجانات والمعارض الدولية والمحلية والندوات الأدبية والثقافية. ترأس العديد من اللجان الثقافية وأدار العديد من الندوات النقدية والأمسيات الأدبية داخل ليبيا وخارجها.. تحصل على العديد من الجوائز وشهادات التكريم والتقدير.. قام بالإشراف على العديد من الندوات والأمسيات المحلية والعربية.

كتب العديد من النقاد دراسات ورؤى نقدية في أدبه مثل: د. عبدالجواد عباس، د. الصديق بودوارة، أ. عبدالقادر مطول بندابة، أ. حسين نصيب المالكي، أ. انتصار عبدالمنعم، د. شوكت المصري، د. فوزي الحداد، د. محمد سيد الدمشاوي، أ. سالم مصطفى العالم، أ. محمد عطية محمود، أ. شوقي بدر، أ. محمد السنوسي الغزالي وغيرهم.

– أستاذ عوض حدثنا عن تجربتك الاولي في الكتابة؟

● بداية أرحب بكم وبقراء صحيفتكم الكرام. كانت بدايتي مع الكتابة في سن مبكرة، في رحاب جدتي الحاجة المرحومة “فاطمة الشاعري، هناك على أعتاب الغربة، عندما كنا نتحلق حول موقد النار في ليالي الشتاء، وكان الحكي ينساب من فمها كينبوع متجدد، عندما تتحدث عن نجعها الذي ضاع ذات غزوة، وعن بطولات جدي المطلوب جناية للطليان، وعن حنينها إلى مضارب أهلها، فغرست جدتي أولى بذور الحكي وعشق الوطن في كياني، ورسمت فضاء مخيلتي بطريقة أثيرية، لازلت إلى الآن أحتفظ في ذاكرتي بمعظم ما روته لي، وأعتبر نفسي مسؤولاً عن ذلك الإرث الشفاهي الذي حملتني به دون أن تدري، ثم جاء دور والدي رحمه الله في توجيهي نحو عالم الكتاب و القراءة، حيث خصص لي مبلغاً من المال إضافة لمصروفي المدرسي وذلك لشراء ما يناسبني من الكتب ومجلات الأطفال، ومع الوقت أصبحت قارئاً نهماً، أقتني ما تقع عليه عيناي من كتب زهيدة الثمن في تلك الفترة، والتي كان لها الفضل في تكويني الثقافي المبكر، وبفضل أحد معلمي المرحلة الاعدادية، والذي تنبأ لي بمستقبل مميز في عالم الكتابة، بعد نجاحي في اختبار بمادتي التعبير والإنشاء وبعد أن اطلع على خربشاتي الأولى، نصحني بمراسلة احدى الصحف التي نشرت محاولتي الأولى في مكان بارز ببريد القراء، إيذانا بدخولي هذا العالم المدهش الذي تراءى لي ذات مساء، كنت حينها صبياً قلقاً، تنتابني هواجس وخيالات وأحلام، وكانت جوانحي تضطرم بأحاسيس متباينة، بدأت بالنظر إلى الأشياء والتركيز فيها ثم تحولت تدريجياً إلى حالة من الشرود، ثم الضيق والاستسلام لحالة عجيبة أعتقد أنها بين الوعي واللاوعي، ربما تتعطل فيه بعض الحواس ظاهرياً لتنشط أكثر بطريقة سرية قد تكون في أروع تجلياتها.

– كيف يكون للقصة القصيرة الأثر السحري لدى المتلقي؟

● القصة القصيرة بطبيعة الحال كأي جنس أدبي لها مقومات، وعندما تتكامل هذه العناصر تكون القصة مشوقة ومشحونة بالسحر الذي يستحوذ على المتلقي. ومن بين هذه العناصر كما هو معلوم، اختيار الحدث وجزالة الأسلوب وجمال اللغة والخط الدرامي الذي يتنامى معه الحدث وحركة الشخصيات وتطورها وكذلك الحوار واللحظة المأزومة وانفراجها ونهاية القصة التي لا يشترط أن تقدم وعظاً أو حكمة أو درساً.. وقد تكون الخاتمة مفتوحة ليشارك القراء في النص ذهنياً ويتصور كل منهم النهاية التي تروق له من زاويته الخاصة. وطبعاً هذا يختلف بعض الشيء مقارنة بالكتابة التجريبية الحداثوية التي تداخلت فيها كل هذه العناصر مع الشعر والفن وفضاءات الخيال. وأهم أثر يتركه أي نص أدبي لدى القارئ هو المشاركة الوجدانية أولاً، بمعنى أن القارئ يتأثر ويتفاعل مع الشخصيات. يفرح لفرح البطل مثلاً، ويحزن عندما يمر هذا البطل بأزمة ما، وكذلك يكره الشخصيات الشريرة، وطبعا هذا يتوقف على براعة الكاتب في ايصال الفكرة وكيفية التعبير عنها، وعلى مهارته أيضاً في رسم عوالم تستدرج المتلقي وتأسره لبعض الوقت، وربما تترك لديه مفهوما مغايرا لما كان ينتهجه قبل قراءة النص، قد يكون أملاً جديداً، أو رؤية مختلفة لعالم أفضل على سبيل المثال.

– ماهي اهم الاصدارات؟

● لقد صدر لي حتى الآن ثلاثة كتب، أولها المجموعة القصصية” طقوس العتمة” والتي صدرت عن مجلة المؤتمر الليبية عام 2005م، ثم مجموعتي القصصية الثانية ”سطوة الكتاب” والتي صدرت عام 2015م عن مجلة المستقل ودار تانيت للنشر والتوزيع، ثم ديواني الشعري الأول ”إلى لا طريق” عن دار كتابات جديدة للنشر الإلكتروني، ويسعدني أن هذه الاصدارات قد لاقت اعجاب الكثير من النقاد الذين كتبوا عنها العديد من الدراسات النقدية، كما أسعدني تفاعل القراء مع كتاباتي بصورة لم أكن أحلم بها.

– لديك العديد من المشاركات حدثتني عنها؟

● أعتقد أنني نلت نصيباً من المشاركات التي كان لها الأثر الإيجابي على تجربتي الإبداعية، ومن أهمها حضوري لمعظم المهرجانات والمعارض في كثير من المدن الليبية خلال الفترة الماضية، وكذلك مشاركاتي في بعض المهرجانات العربية والدولة والتي من بينها على سبيل المثال معرض القاهرة الدولي للكتاب والذي تشرفت بإدارة العديد من الندوات النقدية والأدبية، وشاركت في فعالياته على مدى خمس عشرة دورة متتالية تقريباً، وكذلك معرض تونس الدولي للكتاب لدورتين متتاليتين، ومعرض الدار البيضاء، وكذلك بعض الجولات الأدبية تلبية لدعوات ثقافية بمدينتي أسفي وطنجة المغربيتين والإسكندرية ومطروح بمصر .وغيرها من المشاركات التي أشرعت أمامي أبواباً جديدة للحلم والإبداع والالتقاء بالأصدقاء والزملاء في تلك المدن الجميلة.

– هل لابد من محطة استراحة بين الكاتب والقلم؟

● تختلف هذه العملية من كاتب لآخر، فالكاتب المحترف مثلاً، والذي يعتمد على الكتابة كمصدر رئيس للحصول على رزقه، نادراً ما يتحصل على استراحة، وإن تحصل على فترة ما أو إجازة فهو يقوم خلالها بالاستعداد من جديد للكتابة بطريقة أفضل أو أكثر عمقاً، أما بالنسبة لي فأنا أعتبر أن تجربتي مع الكتابة هي محاولات ومشاكسات يفرضها علي قلمي بين فترات متباعدة أحاول فيها أن استدرج قريحتي وتدوين ما أقدر عليه من أفكار أو تداعيات أرى أنها جديرة بالتوثيق أو بالكتابة، أرى ان الكتابة حلم جميل أحاول أن أراه كل مساء رغم عناده، وعلى الرغم من محاولة اقتناصه باستمرار وتوفير معظم الفخاخ الجميلة للحصول عليه، إلا أنه كثيراً ما يهرب مثل عصفور مشاكس.

– هل ثمة طقوس للكتابة لديك؟

● في بداياتي كنت أحاول أن تكون لي طقوسي الخاصة عند الكتابة، بدءً من توفير الكثير من الورق، والعديد من الأقلام المتنوعة، والابتعاد عن الضوضاء والأضواء المبهرة، وكانت تبدأ من ساعات متأخرة من المساء إلى ساعات الفجر أو ما بعد الفجر وأحيانا تمتد إلى الصباح، ثم تغيرت عاداتي فأصبحت أستثمر أي لحظة أرى فيها أنني قادر على تدوين فكرة ما أو تكملة نص تحت الانجاز، بمعنى أنني الآن لا أستطيع تخصيص الوقت المناسب لفرض أسلوب نمطي معين على قلمي، فأصبحت الكتابة عملية اقتناص لأوقات قد تكون غير مناسبة في الواقع، ولكن في المجمل عندما تداهمني حمى الكتابة أجدني مستسلماً لها عن طيب خاطر، ولا يستطيع أن يسرقني منها سوى سلطان النوم الجائر الذي يصرع كل الكائنات بمخاتلاته اللذيذة.

إصدارات القاص عوض الشاعري.
إصدارات القاص عوض الشاعري.

– ماهي العوائق التي تواجهك؟

● كثيرة هي العوائق التي تواجهني وتواجه معظم الكتَّاب في بلادنا، لعل من أبرزها ما تمر به البلاد من حالة انقسام وعدم استقرار سياسي ونزاعات مسلحة يروح ضحيتها كل يوم الأبرياء من أبناء شعبنا، تواجهني مشاكل جمة، منها عدم القدرة على ملاحقة الأحداث الجسام التي نعيشها والتي ستكون لها آثار خطيرة على تاريخ أمتنا و بلادنا وعلى الأجيال القادمة من أبناء شعبنا، أشياء كثيرة تعيق تقدمنا ـ وهذا قدر كل المثقفين ـ على درب التفرغ للإبداع ومحاولة التأثير في الحياة الثقافية والمنظومة الأدبية التي تحتاج اسهامات الجميع، لتخطي العقبات والنكبات والمحن التي يمر بها وطننا العربي هذه الآونة، وكذلك تعيق مسيرتنا العديد من المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي طرأت على مجتمعنا واستدرجته للكمون في زوايا شبه مظلمة، لن يتمكن من التعافي منها بسرعة وقد تحتاج إلى وقت طويل وجهود كبيرة. تواجهنا مشاكل الطباعة والنشر والغياب شبه التام لمؤسسات الدولة عن رعاية المبدعين وعدم دعمهم كشريحة مهمة يجب التعويل عليها في هذه المرحلة.

– هل يوجد ارتباط بين المكان والكاتب؟

● الكاتب ابن بيئته كما يقال، ولا يستطيع بأي حال من الأحوال أن ينسلخ عن محيطه، حتى وأن حاول التحليق في عوالم الخيال والفنتازيا، فلابد أن يشرئب المكان بعنقه من بين سطوره ولو على استحياء أو عن طريق التلميح، ولابد للقاريء أن يشم رائحة المكان من خلال الصور أو الكلمات أو عبر مسامات نسغ النص بطريقة ما، حتى وإن حاول الكاتب بأسلوبه مواربة ذلك أو تمويهه، إلا أن المكان كأحد العناصر في القصة يظل موجوداً وأن كان باهتاً ومشوشاً لدى كثير من الكتاب، وأن كان أطلالاً أو وهماً أو حلما أو عالماً يختلقه المبدع، ويتمنى أن يبني مدينته الفاضلة.

– كلمة نختم بها الحوار؟

● في الختام لا يسعني سوى أن أشكر صحيفتكم الجميلة على اتاحتها لي هذه الفرصة، وهذه الاطلالة، وأحيي جهودكم في الاهتمام بالأدب الليبي والثقافة العربية عموما.

– ونحن بدورنا ضيفنا الملم نحيك على اعطاءنا من وقتك الثمين لإجراء هذا الحوار مع سيادتكم ودامت رمزا للثقافة والمثقف.

مقالات ذات علاقة

الأوجلي: تركونا نتشاجر كأطفال في مخزن خزف

محمد الأصفر

لقاء وحوار مع عميد الأدب العربي طه حسين

علي مصطفى المصراتي

الدكتور محمد المبروك الدويب : من الطبيعي أن تكون للمؤرخ وجهة نظر

مهند سليمان

اترك تعليق