المقالة

انطـباع محـتمـل

ما الذي يجعل من الجيلاني طريبشان الشاعر العصامي, الذي يحلم بقصيدة لم يكتبها بعد, أن يكون نقطة إجماع لدى الكثير من المثقفين والمهتمين للاحتفاء به ؟
وما الذي يجعل متلقيه ينتظر بفارغ الصبر قصيدة لم يكتبها الجيلاني بعد؟..
لابد ثمة من سرٍ غير غامض يحوم حول الجيلاني الشاعر..
سرٌّ جعل من الجيلاني شاعرا عظيما رغم أنف الكلاسيكيين المتعبين بهموم العقائد والايدولوجيا, ورغم اللغة كقواعد وجلابيب, ورغم المؤسسة منذ القديم..
والإجابة ترد في رسالة صغيرة موجهة إليه من الشاعر عبد الوهاب البياتي بالصيغة التالية:
[المهم في كل ما نكتب هو الصدق, أما التجويد الفني فاعتقد أنه يجئ لاحقا لا سابقا, وبعد ذلك يتداخل اللاحق والسابق ليكونا الوجود الجديد..فاكتب وعبّر عن كل ما يدور في قلبك من خوالج, وأحلام ورغبات مكبوتة, فإنك ستصل إلى الواحة..وهذه ليست نبوءة بقدر ما هي معرفة واعية بالناس من خلال ميلادهم وبحثهم عن النور, وفي كل كلماتك أرى مثل هذا النور ومثل هذا الميلاد…1970].

البياتي شاعر خبر معنى أن يكون الشعر صافيا, ومعنى أن يكون الشعر ارتزاقيا, لقد إنهمّ البياتي كثيرا بهذا المضمون عبر معالجاته الشعرية المتعددة له.
والأستاذ عبد الله القويري في كلمته المذيلة على غلاف المجموعة الشعرية الأولى للشاعر المعنونة بـ [رؤيا ممر] يؤكد ما ألمحت إليه بقوله:
[ كان يوما يعاني, كانت الكلمة في أعماقه, وبعد سنوات العذاب أصبحت كلمته شعر.. الجيلاني احتراق وعناء, هل استطعتم يوما أن تعيشوا العناء والاحتراق؟!..].
الجيلاني روح..
وكلمة ليبية متفتحة في أفق إنساني عظيم.
الجيلاني..
عرّاف له سمة التعريف بالرجبان والجبل..
وصيغة مقروءة لدماء الشهداء الذين عشقوا ليبيا كوطن..
الجيلاني كلمة تخصنا جميعا نحن الذين نزعم الاهتمام بالإنسان الليبي ثقافة وتاريخا
الجيلاني كلمة تخصنا جميعا..
نحن شباب ليبيا الذين نتوثب لغد يقول بكل شئ في ليبيا.

____________________________________________________________
كلمة ألقيت في احتفالية الجيلاني طريبشان/ بالرجبان, بتاريخ:14/7/2005

مقالات ذات علاقة

بين أربعة جدران ..!

سالم الهنداوي

من ذاكرة سبها المدينة

رمضان كرنفودة

التحفظ الاجتماعي

المشرف العام

اترك تعليق