استطلاعات

تحت طائلة التحقيق الصحفي … المهرجانات بين نشاط إفتراضي وفوضى عارمة … دوره فى المشهد الليبي

تحقيق / هند علي الهوني

ان جميع المهرجانات بمختلف تخصصاتها ساهمت في تنشيط الحياة الثقافية للمجتمع …خليل العريبي

إقامة مهرجان في وقتنا الحاضر لا يحتاج لأكثر من رغبة عند أي مؤسسة لإنجازه…طارق الشرع

لا يجب تعيين حضور معين للمهرجانات و لكن يجب الانتقاء….سليمان زيدان

تشكل المهرجانات بصفة عامة جزئية معينة لها ثقلها في خارطة الحياة الثقافية في المجتمع ….محمد الأحمر

مؤسسات الدولة أثبتت براءتها من نجاح المهرجانات فيما تمكَّنت المهرجانات الأهلية من مقاومة التصحُّر والاستمرار….جمعة الفاخرى

المهرجانات التى تقام في بلادنا لاتخلو من السلبيات ….عادل بوجلدين

أي مهرجان لم يتخطى الدور المرسوم له سلفاً….زياد العيساوي

ينبغي ان لا نتسرع ونرمي بلييبا في ميزان المقارنات …الحبيب الأمين

 *

ثمة حقيقة راسخة ، ومطلب موضوعي يدركه المسؤولين والمهتمين بالشأن الإبداعي وهو ضرورة ترسيخ استراتيجية للمشروع الثقافي الذي يواكب النهوض بالمجتمع ، حيث تكون هناك خطط ومستهدفات شاملة لكافة الاحتفالات والتظاهرات والفعاليات والمهرجانات الثقافية الأدبية والفنية التي تهدف الى الرفع من الذائقة الجمالية للمواطن وكذلك الاهتمام بالنخب الثقافية للمنتج الثقافي .

إن وضع تواريخ وتحديد مواسم وتكريس جداول زمنية لأبرز وأهم التظاهرات الثقافية كالمهرجانات المسرحية والغنائية يخلق نوع من التواصل بين المبدع والمتلقي ويتيح لكليهما نوعا من التآلف والتصالح والتفاعل المثمر من خلال وضع آليات تنفيذية محكمة وغير خاضعة لأهواء وأمزجة وتقلبات المسؤولين الطارئة والمستحدثة حيث نلاحظ التخبط والتدني في هذا الشأن نظرا لعدم تبني خطة واضحة واستراتيجية طموحه يُساهم فيها المتخصصون في الحقل الثقافي العام .

ما تقدمت به آنفاً يجعل تدخل من هم واكبوا وتابعوا وحضروا معظم المهرجانات ومن هم كانوا مسؤولين أو مشرفين على بعض منها ذا أهمية ليشاركونا في …

ـ هل أستطاعت المهرجانات أن تسمو بالحياة الثقافية فى المجتمع و تستحدث قنوات تواصل جديدة بين ثقافات مختلفة ؟

ـ لماذا كانت المهرجانات متخصصة ((مهرجان ثقافي – مهرجان غنائي – مهرجان مسرحي …ـ و هل يعني ذلك تحديد حضور معين لكل منها ..؟

ـ هل هناك فائدة من المهرجانات ؟ وما هي اهم سلبياتها ..؟

*

الشاعر جمعة الفاخري
الشاعر جمعة الفاخري

البداية كانت مع رئيس تحرير صحيفة المأثور الشعبي وأمين رابطة الصحفيين والإعلاميين باجدابيا وكذلك رئيس تحرير موقع الإجدابي الإلكتروني – الأستاذ جمعة الفاخري – الذي يؤكد ” ليس ثمَّة مهرجانات بلا فائدة ، لا سيَّما الثقافيَّة منها .. لكن هذه الفوائد نسبيَّة في جلِّ مهرجاناتنا المحلية .. ذلك لافتقار أغلبها للتخطيط الجيَّد والإعداد المدروس الذي لا يترك أمرًا ما للصدفة .. فإن نجح مهرجان ما في جانبه الثقافي ، نسف الفشل جوانب أخرى كالاستضافة ، أو الزمان والمكان ، أو الجوانب الإعلامية المختلفة ، الدعاية الجيِّدة والتغطية المناسبة ، أو التسكين أو الإعاشة ، أو سوء التنظيم ، وغيرها ، فكل هذه الجوانب مجتمعة هي المهرجان نفسه ، وهي عوامل متضافرة تأخذ برقاب بعض لتكوِّن مهرجانًا ناجحًا، وأي قصور في أحدها سيُلق بظلال الإخفاق والفشل على وجه المهرجان عامةً.

ويضيف ” ثمَّة هوَّة كبيرة بين المجتمع نصف الأمِّي ، والأنشطة الثقافية عامَّة ، لم تستطع نتيجة لغياب الوعي ، وعجز المؤسَّسات الثقافية عن أداء رسالتها ، فنحن شعبٌ لا نقرأ .. ولا نتثقف .. ولا نتثاقف .. و لا نتابع .. ولا نغار على وطننا كالآخرين .. والنجاح عندنا مجرَّد كلمة جوفاء أو مطمح كسيح …لا نعمل لنحققه ، كما أننا نتوجَّس دائمًا خوفًا من اللاشيء .. حتى من الثقافة باسمها ووجهها الناصع ، وأدواتِها الآمنة البريئة ، والعجيب أننا نحسن النقد في جانبه السلبي فقط .. النقد العجول المريب المحمول على الجهل المزمن والكره والحسد والجهوية .. ونحن بهذا نتأثر ولا نؤثر في الآخرين ..!

سأسأل سؤالاً بسيطًا .. ( أي توصيات ختامية لندوة أو مؤتمر أو مهرجان .. وجدت قلوبًا مصغية .. من مسؤول أو حتى من مواطن واعٍ ..!؟

ماذا طبع من أعمال مؤتمراتنا وندواتنا ومناشطنا الأخرى …!؟

وأي منشط تابعه الناس بوعي واهتمام ، عدا بعض مهرجانات الشعر الشعبي الكلاسيكية التي لا تقدِّم ثقافة عادةً ، ولا حسنة لها غير ربطنا بتراثنا الوفير الثري.

كما أن إعلامنا يغلق عينيه ـ غالبًا ـ عن المناشط الإبداعيَّة ، وهو أما آخر من يعلم ، وأما آخر من يعنيه أن يعلم فيعلن .. وتلكم مشكلة كبيرة جدًّ تتعلق بالوعي بكل صوره والمتعاطين معه..

وعن مدى إستحداث المهرجانات لقنوات تواصل جديدة يرى الأستاذ الفاخري ” أنها مدَّت جسور تواصل بين ثقافات مختلفة .. وإن كنت أتحفَّظ على المضيِّ قدمًا في التفاؤل من هذا الجانب .. ذلك يحدث في المهرجانات الدولية .. وخارطة مهرجاناتنا محلية جدًّا .. لا تخلو من الانكفاء على النفس ، والتقوقع السلبي ، أعني أنها محليَّة جدًّا تلتقطُ بلا صحون .. وأقمار فضائيَّة .. هل وصلت الفكرة !؟

كما أني مع المهرجانات المتخصِّصة التي تُعنى بجانب إبداعي معين .. شعر أو قصة أو مسرح أو تشكيل وما إلى ذلك .. من أجل النجاح يجب التركيز على جانب واحدٍ وذلك بتكثيف الجهود وتوحيد الإمكانيات ومن خلال حضوري للكثير من المحافل الإبداعيَّة الكبيرة خارج الوطن لاحظت مدى دقة وعلميَّة تلك المهرجانات في كل شيء بدءًا من الاستقبال ، مرورًا بالإقامة والإعاشة والنقل والجلسات العلمية والفكرية والزيارات ، حتى الاستيقاظ والإفطار الصباحي يتدخَّلون فيه منعًا للإرباك وحفاظًا على الوقت ، على غير العادة كرماء جدًّا في إهدار الوقت ..!؟

كما ألفت الانتباه إلى شيء فائق الأهميَّة وهو الاستمرار .. ليس لدينا مهرجان قارُّ.. كل مهرجاناتنا تموت بعد مهرجان أو اثنين .. بقي مهرجان المسرح الوطني يجاهد على البقاء بدعم أمانة الثقافة .. لكنه يشهد أسوء تنظيم مهرجانات في التاريخ .. فضلاً عن المستويات المتواضعة جدًّا لأغلب الفرق .. وهي إفرازات المجاملة التي لا تنتهي بالتقادم أو تغيير الوجوه والأسماء لدى لجان المشاهدة.

 ***

الأستاذ خليل عريبي
الأستاذ خليل عريبي

في حين يرى الأمين العام المساعد لرابطة الفنانيين الليبيين – الأستاذ خليل العريبي ” أن أهم وأبرز أهداف المهرجانات هوتسليط الضوء على المجال الفني أو الثقافي موضوع المهرجان وتقييم تجربته وصولا إلى معرفة مدى تطور هذا النشاط والتعرف على تجارب وأبداعات المشاركين فيه لإفساح المجال أمام النقاد والبحاث لرصد هذه التجربة ودراسة سبل تطورها وفعاليتها إتجاه المجتمع إضافة الى الفوائد الثقافية لهذه المهرجانات من تنمية الوعي وتقديم المعرفة وتهذيب السلوك وبالنظر الى المهرجانات الدولية نجدها تخلق نوع من التواصل بين ثقافات الشعوب المختلفة من خلال المشاركين فيها وذلك بإتاحة الفرصة للإطلاع على نتاجهم الأدبي والتعرف كذلك على معالم الدولة المضيفة للمهرجان سواء كانت معالم تاريخية أو ثقافية ، كما أن هذا التواصل من خلال المهرجانات يخلق نوع من التنافس لتقديم الأفضل من أنتاج أدبي أو فني بُغية رصد الحركة الثقافية والتعرف على التجارب الجديده واتاحت الفرص للأجيال القادمة للأستفادة والإيفادة من تجاربهم وعليه فأن حضور ومتابعة المهرجانات يجب أن تكون متاحه للجميع لخلق وعي ثقافي وأدبي وفني

ويتفق الخبير في مجال إدارة المهرجانات الأستاذ خليل العريبي على أنه لا يخلو مهرجان من السلبيات ويستشهد بالمثل القائل ” من لايعمل لا يخطئ” ويضيف ” ستكون هفوات بسيطة وغير مقصودة سواء فى التنظيم أو الأستقبال أو التحكيم ولكن الأهم من كل ذلك هو الخروج بدراسة وبحث عن أهم هذه السلبيات حتى لا تتكرر فى الدورات التالية والاستعانة بذوي الخبرة والأختصاص في المهرجانات القادمة

ويجد الأستاذ العريبي أنه من الطبيعي أن تكون المهرجانات مقسمه بحسب مجالها الأدبي كان أم الفني فهناك مهرجان للمسرح وآخر للأغنية وغيره للسينما ومهرجان للشعر والقصة وهكذا …فلكل مهرجان رواده ومتخصصيه الذين يتنافسون لتقديم أفضل ما لديهم من تجارب وإبداعات

وعن ما إذا كانت المهرجانات تسمو بالحياة الثقافية للمجتمع ..يؤكد ذلك ويضيف ” إضافة إلى نشر الوعي والمعرفة لدى الناس وإفساح المجال أمام المبدعين للقاء والتعارف والتحاور وإيصال إبداعاتهم للمتلقي”

 ***

الناقد طارق الشرع
الناقد طارق الشرع

الكاتب والناقد الأستاذ طارق الشرع يُعلن ” ينقصنا الكثير ” ويوضح ذلك قائلاً ” إقامة مهرجان في وقتنا الحاضر لا يحتاج لأكثر من رغبة عند أي مؤسسة لإنجازه ، ولن نناقش في الدافع الحقيقي من وراء هذه الرغبة لأنها وللأسف تتحدد وفق رغبات وأمزجة وربما مصالح شخصية وهي بطبيعة الحال غير كافية لأن نتائج العمل المقام وحدها تحدد المقياس الذي وفقه سنقول بأن هذا المهرجان ناجح أو غير ذلك ، فوفق رؤية المؤسسة المشرفة قد يكون فاشل ويحدث العكس بالنسبة للأفراد والمؤسسات المشاركة وهنا تكون الاستفادة غير مشروطة.

وفق متابعتي الشخصية نقول أحياناً بأن هذا المهرجان لم يتعدى كونه ملتقى أو كرنفال ……إلخ وهو ما لا يتعارض حسب وجهة نظري مع الاحتياج لإقامته فأنا مع الاستمرار في خلق مناخ ثقافي حتى لو اقتصر على إقامة الكرنفالات ، وربما نحتاج فعلاً إلى دراسة جادة لإقامة مهرجان كرنفالي ، فالمهم هنا أن نُقدم على العمل ونحن نعلم جيداً ماذا نريد .

بالنسبة للمهرجانات الدائمة يجب أن نقول بأكثر حزم أنها لن تصل لمستوى التقييم ولو الانطباعي منه ما لم تحافظ على مصداقيتها اتجاه الجمهور والمستهدف وذلك بوضع أجندة عمل ثابتة سيكون على رأسها تحديد دقيق لمواعيده السنوية أو الموسمية وهو ما لا يتحقق بعيداً عن المسؤولية اتجاه هذا العمل ، بالإضافة إلى الاستمرارية فأغلب المهرجانات التي أعلنت عن نفسها بأنها دائمة ماتت في دورتها الثانية والأطول عمراُ استمرت للرابعة ومنها ما يقدم لنا بأنه سنوي ويقام بعد ثلاثة فأربع فخمس سنوات وهو ما لا يتيح للمنظمين فرصة تطوير إمكانياتهم .

لا أرى أنه حان الأوان بعد وللأسف للحديث عن سلبيات المهرجانات ، فذاك لن يحدث بعيداً عن إيجاد مقارنة بالناجح منها ومقياسي في هذا الحكم سيكون المهرجان العربي على أقل تقدير وهو نفس المقياس الذي يستحيل استدعائه عند حديثنا عن سائر المهرجانات المحلية وذلك لتفاوت الإمكانيات بين المحلي والعربي ، وبالطبع لا أتحدث هنا عن الإمكانيات المادية فقط بل سنتجاوزها لنتحدث عن الجوانب الفنية والكوادر والخبرات القائمة على إنجاحه .

ويبقى الجمهور هو المتضرر الوحيد من هذه العاصفة بغض النظر عن مسؤوليته اتجاه هذه الأعمال وعن نوعه والذي يتحكم فيه بنسبة عالية نوعية المادة المقدمة ، وسيقوم الجمهور بما عليه بمجرد إحساسه بأنه مستهدف حقيقي من إقامة أي برنامج ، فالجمهور هو أحد العناصر التي لا يستطيع المهرجان المحلي أن يتجاوزها بوصفه معيار قائم في نجاح المهرجان من فشله .

أخيراً لا يمكنني تحديد غايات محددة من وراء تنظيم مهرجان أو ملتقى ثقافي فالغايات شتى والأهداف متعددة ، قد يظن منظميها بتوفرها والقبض عليها بمجرد وضعها في أجندة أعمالهم السنوية أو الشهرية وربما حتى الأسبوعية.

 ***

الشاعر عادل بوجلدين
الشاعر عادل بوجلدين

الزميل عادل بوجلدين محرر بصحيفة الجماهيرية لملحق كل الفنون والمتتبع لحركة المهرجانات بحضوره ُيشارك بالتأكيد على إن ” المهرجانات في مجملها تعمل على الدفع بالحركة الثقافية وتعتبر احدى الفعاليات المهمة لأثراء النشاط الإبداعي عموما والسمو به وهي فرصة سانحة لألتقاء المثقفين الذي سيخلق بطبيعة الحال فرصة للتعارف المثمر والتعاون المجدي بين الأدباء والمثقفين والفنانيين كما ان الفرصة تصبح أجدى من حيث تبادل افكارهم والاطلاع على تجاربهم وابداعاتهم

والمهرجانات التى تقام بين الحين والآخر في بلادنا لاتخلو من السلبيات حيث أنها قد تجمع الكثيرون ممن ليس لهم علاقة كما انها تفتقر الى حس التنظيم والاعداد ومشاكل الاقامة وغيرها … كما أنها لاتخرج في العادة بتوصيات مهمة اوخطط مستقبلية واضحة فيغلب عليها الجانب الاحتفالي لكننا لن نغفل اهميتها في تشكيل ملتقى لهؤلاء الادباء والمثقفين لمطالعة الوضع الآني للثقافة ومن ثم فاننا نتوقع مستقبلاً ان تصبح هذه المهرجانات والاحتفاليات أكثر جدوى وفعالية اذا اعدت الخطط والترتيبات اللازمة لاستثمار هذه الفعاليات فيما يعود بالنفع على مسيرة الثقافة ككل”

 ***

الأستاذ إبراهيم العريبي
الأستاذ إبراهيم العريبي

“التواصل بين الفنون والآداب في كافة أنحاء العالم موجود فالفن والأدب ليس لهما مكان بعينة لانه تراث إنساني يولد مع الإنسان فى أي مكان ” قول أورده الخبير الأعلامي ومؤسس المهرجان الوطني للمسرح الأستاذ إبراهيم مفتاح العريبي واستكمل ” المهرجانات لها دور فعال في المجتمع من كل النواحي الثقافية والفنية والإجتماعية وذلك بتقديم الأفضل من الفئات المشاركة والأطلاع عليها من قبل المتلقي وتقييمها من النقاد وذوي الاختصاص .

ويعتبر الأستاذ ابراهيم أن لكل مهرجان عناصره وغايته وأهدافه ومضمونه وقواعده الاساسية التى يجب ان يستند عليها والتى من ضمنها التخصص فكل مهرجان فني أو ثقافي يجب أن يقام على حدا

السلبيات من وجهة نظره تكمن فى أسلوب إدارة هذه المهرجانات من حيث المكان والزمان والاقامة ويستطرد قائلاً ” المهرجات الليبية مثل ( مهرجان المسرح – مهرجان الأغنية – مهرجان الفنون الشعبية ) أصبحت ظواهر عامة أكثر من كونها مهرجان وذلك لعدم توفر المكان لها ولا زمن محدد ولاإدارة مستقرة مع العلم أنها حققت نجاح كبير ولكنها لم تستمر بحجة عدم توفر الأمكانيات .

أما فيما يخص جمهور المهرجانات أعتقد بأن نوعية المهرجان ومكانه وزمانه هي التى تحدد نوعيته مُريدية وفي المجمل يعود المهرجان بالفائدة للمشاركين والحضور ما عدا تلك التى تُقام بإدارات غير متخصصه وفي مكان وزمان غير مناسبين مما يجعلها عرضه للفشل .

 ***

الناقد د.سليمان زيدان
الناقد د.سليمان زيدان

النَّاقد ، والكاتب ، والروائي الأستاذ سليمان زيدان يُخالف الجميع بالقول ” لم تستطع المهرجانات أن تسمو بالحياة الثَّقافية في المجتمع ، وذلك لسببين . أولهما : الفجوة بين المجتمع ، والمؤسسات الرَّاعية لهذه المهرجانات . ثانيهما: انعدام عنصر القابلية للتَّثقيف والتَّطوِّر لدى أبناء المجتمع العربي” فالفائدة التي ينبغي أن يحصدها أي مهرجان هي خلق حراك فكري ثقافي مؤسس على منهجيَّة علميَّة ولكن هناك مهرجانات تُخلق بدون فائدة ، وللأسف هي الأعلى نسبة ، ومرجع ذلك : سوء الوسيلة ، وغياب الغاية النَّبيلة.

وعن تقسيم المهرجانات عند أقامتها كالمهرجان الفني والمهرجان الثقافي …ألخ يذكر الأستاذ زيدان أن السبب في ذلك ” لفقرنا في سواها ، وليسر تنظيمها ؛ إذ لا تترتب عليها مطارحات ، ومداولات قد تخترق المحظورات . وكذلك للفراغ القيمي عند الجمهور العربي “

ويشير في ختام حديثه إلى أهم سلبيات المهرجانات والتي حصرها فى الأتي …

*إسناد إدارتها إلى غير أهلها ، ممن تعوزهم الخبرة ، والتَّخصص.

* تحكُّم جهة ما – بحكم السُّلطة – في توجيه المهرجان.

* فوضى التَّنظيم.

* الوقت غير الملائم.

* الارتجالية في اتخاذ القرار.

* المشاركات المفتوحة.

* غير الهدف من إقامة المشروع ، الذي قد ينحصر في المباهاة ، أو أداء مهمة وحسب. أو أشياء أُخر.

 ***

· عضوا اللجنة الدائمة لمهرجان زلطن وأحد المؤسسين له – الشاعرة حليمة والأستاذ محمد الأحمر بخبرة وتجربة يذكران ” أن تأسيس المهرجانات لم يأتِ عبثاً وإنما عن وعي كامل بأهميتها ، فهذه الملتقيات تصل الماضي بالحاضر ، وتسعى للوقوف والاطلاع على الإرث الثقافي مع محاولة النهوض به للأفضل ، ولكي تسموالمهرجانات بالحياة الثقافية للمجتمع لابد من تكاثف كلي تقريباً يشمل عدة جهات وأنشطة متنوعة كأنشطة المنتديات الثقافية ودور العرض ، ودور الفنون وغيرها ، فوسائل الإعلام لها الدور الأكبر لتكثيف حركة التواصل بين هذه الدوائر الثقافية وتفعيل دورها من أجل أدب وفن يخدم قضايا الإنسان ويسمو به .. ولا يخفى علينا ما يمنحه المهرجان من فتح جسور التواصل ،واللقاءات الأدبية المثمرة من خلال الحوارات والندوات ، والاطلاع على نتاج الآخر عن قرب ،وكذلك تنمية قدرات المواهب في المجالات المختلفة والدفع بها إلى الأمام .

اما فيما يخص تقسيم المهرجانات ” لقد جاءت تسمية المهرجان بالثقافي ويعللان ذلك ” إن الثقافة مفهوم متسع المدلول وهي التي تمنحه سمة الشمول ، فهو لم يتخصص في الشعر فقط أو القصة أو المسرح أو غيره ، بل هو قابل لاحتواء كل الأنشطة الثقافية .

ويحددان عدم إلتزام المشاركين بالحضور فى الموعد المحدد لإقامة المهرجان كأهم عامل سلبي يواجه أي مهرجان كما ان التواصل وتبادل الثقافات التى من المفترض ان يحدثها المهرجان تبقى على المستوى المحلي محدوده وبشكل نسبي .

 ***

الكاتب زياد العيساوي
الكاتب زياد العيساوي

الكاتب الأستاذ زياد العيساوي يرى أن الأمور تُقاس بنتائجها الملموسة وما لاحظه دفعه للقول ” لم تحقق المهرجانات المرجو منها بعد أو انها حققت ذلك على احتشام مرجعية ذلك بحسب ما أحسب ، راجعة إلى خلل تنظيمي اتسمت به ، فالأصل أو الغاية من المهرجانات هو الرقي بالمستوى الثقافي خصوصاً لدى الدولة المستضيفة لها ، كما يحدث في المجالات العلمية ( الطبية و الهندسية ) مثلاً للسمو بمستوى التعليمي و كسب الخبرات لدى الكوادر الفاعلة في المجتمعات و معرفة أخر التجارب العلمية التي وصلت إليها الدول المتقدمة وقد يحدث ذلك على نطاق ضيق فى المهرجانات ، فثمة عديد الثقافات ، لم نلقِ على تجربتها أية نظرة بعد ، فقد تركّز فتح هذه القنوات على جهات معينة من العالم كما أن انتفاء التنظيم و التركيز على أن تكون حاضرة أسماء بذاتها ، كأنها حجزت لذواتها مقاعد دائمة العضوية في كل مهرجان تقيمه بلادنا ، من شأنه أن يذهب بالفائدة المرتجاة من إقامتها ، أي بقصد إتاحة الفرصة للمثقفين كلهم من دون استثناء ، و أن تكون هذه الدعوة لمثل هذه المهرجانات بصفة دورية ، و عدم التركيز على أسماء و أصوات معينة ، طالما أن لدينا العديد من الأسماء التي يجب أن نسمعها ، كلٌ بحسب المجال الذي يجد نفسه فيه ، فكل ما يمكن التفوّه به ها هنا ، إنه لم يحدث في أي مهرجان أن تخطى الدور المرسوم له سلفاً ، و هو الاهتمام بمجالي الشعر و القصة ( أدبياً ) و المسرح من دون سواه من مجالات ( فنياً ) أي أنها لم تراعِ صنوف كل مجال إبداعي ، و لم تقم لها جميعاً العناية ذاتها .

ما يعود من المهرجانات هي كثيرة قطعاً ، إذا ما أحسنا الإعداد لها ، بحيث نعرف ما نريد منها أساساً ، و صممنا على أن نخرج بهدف معين منها ، يعود على المشهد الثقافي في بلادنا بالفائدة العامة من خلال الانخراط بالثقافات الأخرى ممثلة في رموزها و أعلامها ، و استفدنا من تجاربنا الفاشلة في المهرجانات السابقات ، التي اكتسى أغلبها الأعم صفة الاجتماعات و اللقاءات و حفلات التعارف ،و ذلك إذا راعينا فيها اشتراطات إقامة المهرجانات المثالية ، التي منها إتاحة الفرصة للمثققفين بلا استثناء و لا إقصاء .

 ***

الحبيب الأمينبداية أقول – الشاعر والكاتب الحبيب الأمين – هناك من يرى في المهرجانات مواسم لجني الشهادات والمكافات والربحية المادية ( مشروع تكسبي عكاظي الطراز) لا أكثر ولا أقل ولتذهب الثقافة والفنون إلى الجحيم…المهم ما يرسو بالجيوب وما تلتهمه البطون…وغيرهم يرى فيها فرصة للسفر والسياحة ليس إلا وهذا ليس عيبا في حد ذاته ولكن العيب فيه ان يكون هدف رئيسا وحيدا للانتقال الى هذا المهرجان او ذاك دون فاعلية تذكر بل ويكبد القائمين عليه مصاريف ومتاعب هم في غنى عنها وهذا يقود للقول أن الكثير من المثقفين وهم عارفون بأحوال البلاد وبما ينفق على الثقافة وكيف يجهد منظموا بعض المهرجات خاصة تلك ذات الطابع الأهلي أنفسهم لجمع الاموال والتبرعات وتجهيز الأدوات والتسهيلات ليأت بعضهم وفي داخله تصورات غريبة فيتوقع من هذا المهرجان أو ذاك وكل ما فيها ان تكون على مقاس ودقة وجودة وكأننا في منتجع سياحي فخم في بلاد اخرى شاغلنا الشاغل الاقامة والطعام والموصلات…

نحن بالفعل نعيش في الآونة الأخيرة مد مهرجاني وفي كل الاتجاهات,ربما يفسر هذا حالة انفلات من قفص الركود ولعله ايضا علاج متأخر لأزمة الشلل الثقافي والفني المزمن الذي يضرب تروس الحراك الثقافي الذي لم يؤسس بعد أسوة بما تعرفه بلدان أخرى راكمت فيه التقاليد وأعطت لمفهمومه معان وأبعاد لم نراها بعد في قاموس التعاطي البيني بين المثقف والمثقف وبين المثقف والمؤسسة وبين المثقف وظهيره الثقافي.. ولكن ومع كل هذا التشاؤم المباح اراهن على أن أي انفراجة وأي خطوة وإن كانت ترواح مكانها لابد وأن تحدث الحركة مفاعيلها في وقت ما وفي مكان ما… الكم سيفرز الكيف بالضرورة والتوسع في العرض الأفقي على مافيه من غث ورخيص وتخبط وارتجال علينا قبوله وتوقعه بتدعيم داخلي للثقة في المستقبل وما سنراكمه إن اجتهدنا.. حتما سيحقق الكيف الذي نريد وسيبقى التجويد عمليا نتاج ممارسة تنشده وخلاصة تجارب تروم النجاح…

وما ينتج من سلبيات لأي مسيرة أو تجربة ليست هي المشكلة بقدر ما تمثله كهنوتية الاستحواذ وشللية التوجيه وأيضا حروبات المثقفيين من أثر سيء لأي فاعلية ثقافية ابداعية , فكثير ممن يرودون الساحة ويتمترسون وراء حساسيات وشخصانية لا تتفق والدور الثقافي المناط بمثلهم من حملة الوعي الجمعي والهم الإبداعي المنزه عن اي ضيمية فردية مفتعلة أو مطلبية ذاتية,مثل هؤلاء يفسدون جداول الابداع بما يلقونه من شرفات التنظير من أراء راكدة وما يعتمل في بواطنهم من صراعات مع الآخرين يتربصون بهم…بلا شك ثمة من يعاني قصور في النظر وتهالك في الحس والحدس النقدي ، لذلك لن تسمو المهرجانات بالحياة الثقافية إلا بالممارسة والتراكم ولكن بعد استبدال الذهنية التنظمية السائدة من زواية النظرة الحكومية للمناشط الثقافية وايضا بدعم الجمعيات والمؤسسات الأهلية ذات العلاقة وتشجيع المبادرات الفردية وبتغيير السلوك والأداء والتعاطي الثقافي من المثقف ذاته حيال هكذا ملتقيات وبرامج ومهرجانات

ولا ينكر أحد أن المهرجانات الداخلية وعلى مستوى الافراد كالمثقفين الليبيين أحدثت نوع من التعارف ومد جسور الصداقة المهمة في ربط الذهنيات وتفعيل الذوقية المباشرة للنصوص والأفكار.. ولكن هذا الأمر على مستوى الثقافات منتجات حضارية لازلنا بعيدين عنه تماما فهو يحتاج للولوج فيه الى تجهيز وترميم البنى الثقافية الداخلية وترويج نتاجنا الابداعي ونشر الاسماء الليبية كونيا حتى يتحقق لنا حضور مقنع لدعوة الآخرين بثقة وملاحقتهم بندية. كما أننا نفتقد للحرفية التنظيمية لهكذا ملتقيات عالية الجودة راقية المستوى, ربما اعتدنا الفشل والقصور في برامجنا الداخلية وهذا أمر له مبرارته ولكن عند تصدير صورة الوطن ورسمه للآخرين ينبغي ان لا نتسرع ونرمي بلييبا في ميزان المقارنات والذي لن يكون لصالحنا في مقارعة الناجحين من حولنا… تظل الفكرة هاجسا يحتاج الكثير من الوقت والجهد والمال والرقي للبوح به قرارا.

مقالات ذات علاقة

يوم الأرض احتفال أم دعوة للتوعية ؟

مهند سليمان

الأخطاء مسؤولية الكاتب أم الناشر

منى بن هيبة

المدونات نهضت بالإعلام البديل فخسرت أمام مواقع التواصل

خلود الفلاح

اترك تعليق