شعر

بانوراما

(الكرسي) من أعمال التشكيلي الليبي عبدالجواد المغربي
(الكرسي) من أعمال التشكشيلي الليبي عبدالجواد المغربي

في البدء كنا
اصدقاء للغةٍ أخرى لا تُنْجبُ التعساء
ثم انزلقنا في التماهي رويدًا رويدًا
ولأنكَ يا رفيقي مُذْ كنا أصدقاء للظلال
أصابنا مساس المجازات الفظيعة
فبتنا نعبثُ بحقل البُنْ ونوتاتِ الكلام
عند مساءات الأفول، نقتفي حدس الخُرافة
نجلس في المقهى نُحدقُ في الباب
نُحصي الغياب ونقطفُ غفلة الصمت
عند أنين الملح وطين المحوِ نُفْشي سِرَّنا الكبير
نحن الخارجون عن الحظ
نحو جبهات الزوايا والجدران
نتصدى فيها للعزلة والليل
وشتاء الرصيف نكتبُ نثرنا الميمون
نهرب من الموت إليه
حيث الموت
احتضاننا الأنيق.
عند ذُرْوةِ الندى
يقطُرُ الصبح ضوءه
شُيّع زعفران المحوِ
إلى ضوعِهِ الأخير
كنايٍّ مخنوق الحفيف
ينتحبُ ليلاً غائرًا في الجرح
كالخصبِ الذي يُدندنُ في بصيرة الصرح
يترقرقُ في خاصِرةِ النّدْه المُعولُ عليه
وخشوعِ الزُرقة الطاعنُ في نشازهِ
مؤتلفٌ عن غُربة المرايا
شاعرة لها قداسة النثر
شاهدة على هذيان الريح
تنفثُ في ذاكرةِ الماء غُرْبة الألوان
تُزهرُ بدلالاتِ البياض كحزنٍ خريفي
تحرسُ خراب العالم
كلّما استنبأها لحن
رقصت على رُكحِ الفجيعة
تستنكفُ الأفول ترنو إلى مفازة الوجد الغديق
تكتبُ على حيطان باهتة الظل
كينونة الصمت تضمّخُ مراتع الغفلة
كلمات تسافر إلى الأبدية
تستصرخُ زيف البداهة
تبتلع خواء أزرق الوهم
توسوس للأرض من روح المعنى
ذاكَ السّرابُ الذي يهطلُ
في خاطرِ المطرِ وجلجلةِ المدينة البائسة.

مقالات ذات علاقة

ما يسمونه قصيدة

جمعة عبدالعليم

الصمت في قدر الرمل

صابر الفيتوري

ضجر النرد

حنان كابو

اترك تعليق