المقالة

أفَلا نخجل

من أعمال التشكيلي الليبي_عبدالمنعم بن ناجي (الصورة: عن عدنان معيتيق)
من أعمال التشكيلي الليبي_عبدالمنعم بن ناجي (الصورة: عن عدنان معيتيق)

في نهاية الثمانينات عاد من (ساحل العاج) لاعبُ كرة قدم واعدٌ، موهوب حتى النخاع صغير السنّ، من تمثيل منتخب بلاده، وهو يحمل داخل دمه طفيليات الملاريا، تشخيصه كان يجب أن يكون في منتهى السهولة بالنظر الى انتشارها في البلد التي عاد لتوه منها، لكن أحمد البوسيفي أسلم الروح بطريقة حزينة على عتبة سُلّم طائرة الإسعاف الطائر في مطار طرابلس.

تذكرت ذلك يوم وفاة الرجل الشجاع واللاعب الفذّ (الهاشمي البهلول) الذي حتى في مرضه كانت الأنفة والكبرياء تكسو وجهه، لقد رحل رقد بُترت يده التي حملت شارة القيادة عشرات المرات، وكادت أن تُبتر رجله في حادثة معروفة وهو يدافع عن ألوان المنتخب الليبي.!

أيّ صبرٍ جعله يحتمل كل هذا الألم والمعاناة، سنواتٍ بعزةّ نفس خصلة يجمع القاصي والداني أنه فُطم عليها خارج وداخل المستطيل الأخضر، ملاقياً ربّه دون أن يفقد ايمانه بقضاء الله وقدره.

ومازالت تونس تفتخر وتتذكر (علي الطرابلسي) كما يُطلق عليه أول لاعب كرة قدم احترف خارج ليبيا، ولعب سنة 1958 (حديقة الأمراء) بباريس، وصاحب فضل على كثير من نجوم الكرة الذين نعرفهم، لم يلقَ في بلاده التكريم الذي يستحق وقد بلغ به العُمر والمرض مبلغاً سوى برحلة عُمرة.

قبله توفى (مختار الساكالي) لاعب الأهلي في الخمسينات والستينات داخل دكانه الذي يعيش فيه داخل المدينة القديمة..

ثعلب الكرة الليبية ومهاجمها الفذّ أحمد الأحول عاش يغطي مصاريف علاج سرطان الحنجرة من دخل مباريات وديّة وحسنات البعض الآخر وعندما تمّ تكريمه وقد نهشه المرض اللعين ومنعه من الكلام فقد أهديت له رحلة للعمرة لا يقوى حتى على أداء فروضها.

أمّا أخيه رجب الأحول وهو أول لاعب كرة قدم ليبي يتحصل على جائزة أفضل لاعب في دورة عربية ويهديه ملك المغرب جائزة الدورة، فقد توفاه الله وحيداً وهو في حالة من العوز المادي والمعنوي والصحي يصعب وصفها…

أمّا كيف قضى (على البسكي) المهاجم الفذّ، وأول لاعب ليبي يسجل 7 أهداف للمنتخب الليبي سنوات شيخوخته ومرضه حتى وفاته فأمرٌ يجب أن يُشعرنا بالخجل..

وكيف قضى (محمود عوض) لاعب وسط الأهلي الكبير سنوات عمره ومرضه ووفاته الأخيرة فأمرٌ لا يُصدّق…

فماذا فعلنا لمجيد عبد الله، وعلي إبراهيم، وسعيد الشوشان، وسليمان عمر لاعبوا الاتحاد، ومصطفى المستيري لاعب الظهرة والشرطة، وحمودة حبيل لاعب الوحدة، إبراهيم المعداني لاعب الأهلي..

وبالأمس القريب لاعب الأجيال مسعود الرابطي، لاعب الشباب الليبي، والمدينة والنصر والمنتخب الليبي.!

الأمر بالطبع لا ينطبق على منطقة معينة من ليبيا، أو رياضة محددة، فأفضل لاعب سلة ليبي (فرج السنوسي) يكاد يفقد بصره بسببِ إصابة تعرّض لها وهو يقود منتخب ليبيا ضد السنغال.

و (محمد الزلاوي) أفضل ملاكمي ليبيا قضى أفضل سنوات عمره ملازماً لكرسي متحرك حتى توفاه الله.

وغيرهم كثيرون ممن أعرف ولا أعرف…

لا يجب أن يكون معاناة هولاء وأمثالهم مناسبة دعائية رمضانية، ولا يجب أن يتركوا لذوي الإحسان، فهم من أحسن الينا لا نحن، انهم محتاجون الى أن تفيق وزارة الرياضة، واللجنة الأولمبية، والاتحادات الرياضية والأنديّة من سباتها، وتخرج من شرنقتها، الى اتخاذ قرارات/اصدار قوانين تلامس ماضي وحاضر ومستقبل الرياضة، بالتعاون مع المؤسسات المختلفة، الأمر لا يحتاج الى ذكاء خارق، بقدر ما يحتاج الى إرادة ومعرفة ومسؤولية المنصب، وحتى يمكن تنظيم وتقنين هذا القطاع،  اليكم بعضاً من أفكار هذه المرحلة:

– بطاقة تأمين طبي مجانية مدى الحياة

– اشتراك مجاني سنوي في مراكز العلاج الطبيعي كل حسب مكانه

– اعفاء الأبناء من رسوم الدراسة.

– بطاقة تخفيض 50٪ عن المواد التموينية الأساسية من مراكز تسوق قريب منهم

 أسبوعين مجانيين سنوياً في قُرى سياحية داخلية

– تحمل 50٪ من ايجار السكن.

– وسائل ركوب مجانية مناسبة

– تذكرة سفر مجانية سنوية  

– ……….. الخ

ترى ماذا كان سيُقال على كلّ هولاء إذا رفضوا وهُم في أوجّ عطاءهم اللعب باسم ليبيا أو حتى ناديهم؟

ليس أقلّ من ناكري جميل أو خائني الأمانة!!!!!

أفلا نخجل ….

مقالات ذات علاقة

محطات حول المسألة الأمازيغية..!!!

عطية الأوجلي

في ذكرى رحيله: وقفة صادقة مع الصادق

المشرف العام

سؤال نهاية العام؟

فتحي محمد مسعود

اترك تعليق