الطيوب : متابعة وتصوير / مهنّد سليمان
نُظمت مساء يوم الثلاثاء 5 من شهر سبتمبر الجاري ندوة حوارية تكريمية للمصور الفنان “محمد كرازة”، وذلك بفضاء محمود بي للثقافة بالمدينة القديمة طرابلس وسط حضور لافت ضمن فعاليات ليالي المدينة الموسم الصيفي لعام 2023م، وقد أدار وقدم الحوارية الشاعر “محمد الدنقلي” فيما استهلت الندوة ببث شريط مصور رصد أبرز المحطات في سيرة المصور كرازة وما واجهه من تحديات وصعاب أثناء مسيرته المهنية مع التصوير، من جانبه تحدث كرازة عن مسقط رأسه في بلدة يفرن الجبلية عام 1944م ثم انتقال عائلته إلى بلدة جادو بسبب ظروف عمل والده الذي كان يشغل إدارة محطتيّ الكهرباء والمياه بالمنطقة، وذكر كرازة بأن والدته كانت مُحمّلة بالعديد من الحكايات والقصص حيث كان سكّان الجبل يستأجرون النخيل حين ينزلون على إحدى مناطق الساحل لقاء محصول التين المجفف وزيت الزيتون والشعير وما نحوه فيقضون مدة الثلاثة أشهر لموسم التمور، وأردف بالقول : كانت والدتي تسرد لي عن البحر وجمالياته ووقتذاك لم أر في حياتي البحر بعد فما أعرفه هي بحيرة (العين الزرقاء) العذبة وبحديث والدتي عن البحر تشوّقت لرؤيته، وأشار كرازة في سياق حديثه المطول بأن أول كاميرا الـ(Box)قام باقتنائها عقب استقرار مقامه بمدينة طرابلس وتحديدا من شارع الأربع عرصات وأخذت أتلمس بها مساري المهني لاحقا، وحققت خطوات أكثر تطورا حتى وصلت لمرحلة استخدام الـ( Digital).
الإرهاصات الأولى
وأضاف كرازة قائلا : في جادوا تلقيت علومي الأولى بمعهد المعلمين بواسطة الشيخ الراحل “علي يحيي معمر” وكانت فرصة أرى فيها المسرح وقتذاك أو ما كان يسمى حينها (تياتروا)، والشيخ معمر كان ممن حفزوني وشجعوني إذ أسست إذاعة مدرسية بدعم من المركز الثقافي البريطاني، كما تحدث كرازة عن تجربته المسرحية والتمثيل، وتطرّق كرازة إلى أول معمل أنشأه بإحدى حجرات بيت عائلته بمعدات بدائية جدا الذي عمل من خلاله بدأب وجهد كبيرين على مراحل إنجازالصورة الفوتوغرافية بدءا من الطبع والتحميض وتركيباته، وعرّج كرازة على مرحلة التحاقه القصير بقسم الموسيقى الكائن بشارع الزاوية وتعرّفه على الشاعر “أحمد الحريري”، والمطرب”خالد سعيد”، والفنان “بشير فحيمة”، وكان لمحل المصور “علي الرياني” (فوتو فلم) دورا كبيرا في صقل مهارة كرازة على التصوير والاحتراف المهني مما أهّله لاحقا لاقتحام بلاط صاحبة الجلالة الصحافة من خلال صحيفة (طرابلس الغرب) برئاسة تحرير “محمد فخر الدين”، وتوال عمله في مجموعة من الصحف الأخرى مثل (الرائد)، و(البلاغ)، و(الميدان)، و(الثورة) التي كان ينشر فيها زواية أسبوعية مصورة تحت عنوان (لقطات طريفة) بالتعاون مع الشاعر “أحمد الحريري”.
تحديات مهنية
بينما أشار كرازة إلى فترة توليه قسم التصوير بالإدارة العامة للمطبوعات والنشر، حيث استثمر فيها الفرصة لتدريب بعض العناصر النسائية لاسيما اللواتي كن يعملن في مجلة (المرأة) التي كانت ترأس تحريرها الصحفية “خديجة الجهمي”، كما تناول كرازة تجربة تعرفه على المطربة الراحلة “أم كلثوم” واهدائه لها صورة بحجم باب عند زيارتها لليبيا عام 1969م، فضلا عن تطرقه لتجربة مشاركته في تصوير وقائع حرب عبور خط بارليف الإسرائيلي عام 1973م، وذكر تغطيته الصحفية المصورة لجنازة الرئيس الفرنسي “جورج لومبيدو” في عام 1974م متوقفا عند أهم المواقف الصعبة والطريفة في بعض الأحيان التي واجهته أثناء تغطيته لمراسم الجنازة، وفي ختام الندوة مُنح المصور “محمد كرازة” درعا خاصا تقديرا لمسيرته الطويلة في عالم التصوير .