حوارات

أسماء القرقني: كنت شغوفة بالروايات أكثر، لم أتجه للقصة القصيرة إلا مؤخراً!!!

حاورها: رامز رمضان النويصري

القاصة الليبية (أسماء القرقني)

ارتبطت المرأة بفعل الحكي، فكانت سيدة الحكايات، وكانت الحكاية أنثى! وفي ليبيا للقصة القصيرة تجربة مهمة في لمس مناطق المجتمع الليبي الحساسة، والغوص في المناطق المظلمة فيه، ومحاولة التوجيه. ومنذ بداية تجربة القصة في ليبيا لازالت تجد في الواقع المادة الثرية للاستمرار!

القاصة أسماء القرقني، تكتب القصة القصيرة من خلال رؤيتها الشخصية للواقع، فهي لا تتأثر بالمحيط، بقدر ما تعول على قراءتها للحدث، وإعادة إنتاج هذا الحدث في شكل قصة قصيرة.

هنا نحاول الاقتراب من تجربة القاصة أسماء القرقني، والتعرف عليها أكثر! وهي التي أثرت موقع الطيوب بمجموعة من نصوصها القصصية الماتعة!!

علاقتي بالقصة القصيرة ليست طويلة

بداية؛ من هي أسماء القرقني؟ وكيف بدأت علاقتك بالقصة القصيرة؟

أنا بكل بساطة إنسانة ذات حساسية عالية تجاه كل ما يدور حولي من مواقف واحداث، لا يمر أي حدث أمامي مرور الكرام مهما كان صغيراً، يشغل حيزاً من تفكيري، يلازمني ليلاً ونهاراً ولا يخلصني منه سوى انهماره على الورق، أفرغ على بياضه كل ما بداخلي، مساحاته الصبورة تستوعب كل الصور التي تتزاحم في مخيلتي وتنوء بها ذاكرتي العامرة.

علاقتي بالقصة القصيرة ليست طويلة عهد، كنت شغوفة بالروايات أكثر، لم أتجه للقصة القصيرة إلا مؤخراً وكتبت محاولتي البسيطة الأولى في سنة 2019، كانت بعنوان (دروب مغلقة) ولاقت تشجيعاً لا بأس به من القراء، حاولت بعدها أن أنمي قدراتي السردية واتجهت إلى (واحة القصة القصيرة) التي نصحني بها بعض الزملاء، وهي ورشة نقدية (على الفيسبوك) تضم كبار النقاد والكتاب على مستوى الوطن العربي. أكثر ما أعجبني في هذه الورشة إنها لا تجامل ولا تقدم إطراءً مجاني.

بفضلهم تكونت لدي تدريجياً خبرة في الكتابة والقراءة الانطباعية ومعرفة عيوب ومحاسن النصوص من تعليقات الأساتذة وتوجيهاتهم وعلى رأسهم الناقد المصري الكبير محسن الطوخي، بعد فترة قصيرة من وجودي بينهم سُعدت جداً بثقتهم واختيارهم لي كمسؤولة معهم عن الورشة، ومن خلال هذه المجموعة الرائعة استهوتني كتابة القصة القصيرة ووقعت في غرامها، على الرغم إنها من أصعب الأنواع الأدبية في نظري، فليس من السهل أن تقدم فكرة وحدث وحبكة وشخوص في سطور قليلة.

دعينا هنا نسأل؛ ماذا عن علاقة الرياضيات بالقصة؟
دائماً عندما أقول لأحدهم أن تخصصي رياضيات وأكتب القصة يتساءل مبتسماً: وما علاقة هذا بذاك!!؟

العلاقة بينهما والشيء المشترك في نظري هو (الدقة) التي أعتقد أنني أتميز بها، فمن عادتي ألا أقوم بأي عمل دون أن يصحبه الكثير من الدقة والتركيز، الرياضيات تتطلب الدقة في ترتيب الخطوات حتى تصل الى حل صحيح، كذلك القصة تتطلب دقة في ترتيب الافكار حتى تنجز قصة جميلة ومقنعة.

يقال إن المرأة حكاءة بطبعها، وإنه الحكاية أحد أسلحتها؛ كيف يمكن للقصة القصيرة أن تكون سلاح؟
القصة بالنسبة للمرأة سلاح يناسب إمكانياتها، فهي كشاف ضوء قوي تسلطه على بعض العادات والقناعات الخاطئة التي تنهش مفاصل مجتمعنا ببطء كالصدأ، جرس ينبه لشرائح معينة يتم تهميشها أو ظلمها، صرخة مدوية تطلقها لعلها تصل وتعري السلبيات التي قد يرتكبها البعض دون أن يدرك تبعاتها وآثارها على الآخرين.

المبدع هو من يكتبها من زاوية تختلف عن الآخرين

القارئ لقصصك، يجدها قصص قريبة جداً من الواقع! على مستوى الشخوص والأحداث
فهل يمكن للكاتب أن يجد في الواقع مادة خصبة للكتابة؟

الواقع مادة خصبة جداً للكتابة، الكثير من الكتاب يكتبون من الواقع وينهلون منه كل يوم قصص وحكايا.

البعض يقول إن قصص الواقع تكررت واهترأت لكثرة ما تناولتها الأقلام، وربما تكون كذلك ولكن الكاتب المبدع هو من يكتبها من زاوية تختلف عن الآخرين، وببساطة وصدق فني يتميز عن غيره.

كيف تختارين موضوعات قصصك؟ وهل تعتقدين إن الخيال هروب من الواقع؟

غالب الأحيان أختار قصصي من مشهد رأيته، موقف مررت به، حوار تم تبادله أمامي، ألتقط الفكرة وأضيف إليها بالطبع بعض المنكهات من خيال وشخصيات ووصف للمكان وما إلى ذلك.

فيما يخص الخيال؛ لا مفر من الهروب الى الخيال أحياناً.  في الخيال حياة أخرى تنقلنا إليها أقلامنا ونعيش فيها كما نشتهي، لا كما يمليه علينا الواقع.

تنتمين لمدينة درنة الزاهرة! ما هو تأثير البيئة على الكاتب؟ على المستويين: الجغرافي، والاجتماعي!

درنة مدينة جميلة، لا تستطيع أن تكتب عنها دون أن تتطرق الى خصوصية موقعها الجغرافي المميز، وطبيعتها الخلابة، وقد كتبت عن ذلك في عدة قصص أبرزها (حتى إشعار آخر)، و(الساقية).

كما تملك مدينتي خصوصية في مكونها الاجتماعي، الذي يجمع فئات مختلفة ومتنوعة.

عصفت بها كما نعرف تيارات كثيرة منذ زمن طويل، مما عرضها في النهاية لهدم بعض أهم معالمها للأسف؛ كالمدينة القديمة، وسوق الظلام، وقد كتبت عن ذلك في إحدى قصصي بعنوان (فريدة)، وهي من ضمن مجموعتي القصصية الأولى (عندما تتداعى الأشياء)، التي ستصدر قريباً إن شاء الله.

هذه العبارة شعاري للتسامح والغفران

تعرفين نفسك على الفيسبوك: لم أغلق الأبواب كلها، تركت لك دائما بابا موارباً! ما هذه الأبواب؟ وما هو هذه الباب الموارب؟ ولماذا؟

أعتبر هذه العبارة شعاري للتسامح والغفران، الأبواب هي صلة الوصل بالآخرين من حولي، قد أغلقها عند غضبي لكنني أترك باباً موارباً وهو علامة لمنحي فرصة جديدة لمن يريد العودة مهما كان مخطئاً في حقي.

كيف تقيمين علاقة النقد بنتاجك الإبداعي؟

بعض قصصي تناولها النقاد في واحة القصة القصيرة وكتبوا عنها كلاماً أسعدني كثيراً مثل (عندما تتداعى الاشياء، وهزيمة وعاصفة) وكلهم نقاد غير ليبيين، كما تناولوا العيوب والهنات في بعض قصصي الأخرى واستفدت من ملاحظاتهم وتوجيهاتهم الشيء الكثير، (التقيته هناك) القصة الوحيدة التي كتب عنها دراسة انطباعية الكاتب الليبي مفتاح الشاعري الذي أوجه له التحية والشكر.

أرحب جداً بالنقد على أن يكون هادفاً وموضوعياً وألا يتناول شخصي بل النص ثم النص. وأتمنى أن أرى قريباً حركة نقدية جادة في ليبيا شعارها الالتزام والبعد عن المجاملات.

نشرت نصوصك من خلال المنصات والمواقع! ما الذي أضافه النشر الإلكتروني لك ككاتبة، على المستويين: الشخصي، والإبداعي؟

أنا ممتنة جداً للنشر الإلكتروني وللمنصات والمواقع وعلى رأسها بلد الطيوب، ثم السقيفة الليبية ومنبر الأدب الليبي والعربي والعالمي، وصحيفة فسانيا، وبعض المواقع العربية التي قدمتني إلى القراء ولم تبخل بالنشر والدعم، فلولاها لما تمكنت من النشر ولا عرفني أحد فأنا حتى الآن لم تصدر لي كتب ورقية، وبفضل هذه المنصات أصبح لي اسم لن أقول مشهوراً ولكن يعرفه جمهور لا بأس به من عشاق القصة والأدب.

وكيف تقيمين ردود الفعل على ما تنشرين من قصص؟

ردود الفعل على ما أنشر مطمئنة جداً ومشجعة، وهي ما تجعلني قادرة على العطاء والاستمرار.

ما هي مشاريعك القادمة؟
مشاريعي القادمة نشر مجوعتي القصصية الأولى (عندما تتداعى الأشياء) في أقرب وقت بإذن الله، ومشروعي الذي تم تأجيله مرات ومرات بسبب بعض الظروف، وهي رواية طويلة عن درنة سأقوم باستئناف الكتابة فيها وتكملتها بعد تفرغي أخيراً من مجموعتي القصصية الأولى.


كلمة أخيرة…

من القلب أقدم شكري وامتناني لموقع بلد الطيوب للاهتمام والدعم ولإثرائكم الحركة الأدبية والثقافية في ليبيا بصفة عامة.

مقالات ذات علاقة

الشاعرة/ ليلى النيهوم لـ السقيفة: الشعر يلبد لي في المنعطفات.. يلون رؤيتي للعالم وتعاملي معه

حنان كابو

الشاعرة: خلود الفلاح/ العالم مازال يؤمن بالكلمات

المشرف العام

إبراهيم الكوني: أبحث عن الأسطورة لكي تخلقني

المشرف العام

اترك تعليق