شعر

دفاتر الأيام

عبدالسميع المشهور

ودَفاتِرُ الْماضِي تَمَزَّقَ خَلْفَها هَجْسُ الصُّوَرْ
مَنْ كانَ فِيهَا زاعِمًا أَلَّا يُخالِجَهُ خَطَرْ
أَمْسى إِلَيْها رَاكِنًا، سَطْرًا يُحاكِيهِ الْبَشَرْ
لَا يَعْلَمُونَ حُرُوفَهُ، والْحِبْرُ أَوَّلُهُ مَفَرّْ
عُنْوَانِيَ الْحَاكِي اصْطَفانِي فَوْقَ تَرْنِيمِ الْقَدَرْ
؛ لِأَظَلَّ ذَاكِرَةً يُرَتِّلُهَا أَناسِيُّ الشَّرَرْ
لَا السَّيْفُ لِي لَا الْخِنْجَرُ الْفَاشِيُّ لَا حُزْنُ انْدَثَرْ
أُرْسِلْتُ حَوْلَ الْمُنْتَهَى؛ لِأَكُونَ زَادًا مُدَّخَرْ
لَامَسْتُنِي السَّبْعَ الطِّبَاقَ، وخَطْوِيَ الْفَانِي عَبَرْ
وفَتَحْتُ آفَاقِي أَمامَ الْحُلْمِ فِي رَسْمِ انْتَظَرْ
حِينًا حَيِيتُ، فَكُنْتُهَا أُنْشُودَتِي أَزَلَ الْأَثَرْ
لَمْ أَلْتَفِتْ لِي دُونَهَا، مُنْذُ ابْتَكَرْتُ لِيَ السَّفَرْ
وكَثِيرَةٌ خَيْبَاتُنَا تَقْتَاتُهَا رُوحُ الْأَمَرّْ
تَجْتاحُ فِينا سُدْسَها، فَإِذَا أَتَمَّتْ لا تَقَرّْ
وتَزِيدُ فِيهِ النِّصْفَ،
ثُمَّ الْبَاقِيَ الْمُبْقِي الْعِبَرْ
مُرْتَـــاحَةٌ أَرْواحُنَا، فِعْلًا إِلَيْهَا الْمُسْتَقَرّْ
فَكَأَنَّ ثَالِثَنَا لَدَى الثَّانِي عَلَيْنَا مَا انْتَصَرْ
وكَأَنَّ أَوَّلَنَا مَلَأْنَـــا مِسْكَ عَنبَرِهِ بِشَرّْ
رُدَّتْ إِلَيْنَــا تِلْكُمُ الصَّفَحـــاتُ مَلْأَيٰ بِالضَّرَرْ
وكَذَٰلِكَ امْتَزَجَتْ بِهَا لَوْعَــاتُنَا فِيــمَنْ أَسَرّْ
هَــٰذَا اتِّخاذِي مُبْتَغَــايَ لِمَنْ طَغَىٰ ولِمَنْ شَكَرْ
لَنْ تَسْتَبِيحَ مَدايَ أُنْثَىٰ فَوْقَ زَعْزَعَةِ الْقَمَرْ
أَوْلَىٰ بِيَ الْأَشْعَــارُ والْأَوْلَىٰ مُغَــازَلَةُ الْحَجَرْ
ولِذاكَ هَزَّتْــنِي إِلَىٰ بَوْحِي اجْتِياحَــاتٌ أُخَرْ
مَنْ هَمَّ يَعْلَمُهَا ولَيْسَ لِذَاتِهَا فِيــهَا أَثَرْ
هَيْمَــانَةٌ إِلَّا عَلَيَّ، فَإِنْ هَمَتْ لَىْسَتْ تَذَرْ

كَمْ شَــادَها الطُّغْيَــانُ بُنْيَــانَ الْمَعاصِي والْكَدَرْ
لَا شَيْءَ أَوَّلَهَا ولا شَيْءَ احْتَوَىٰ فِيهَا الْبَطَرْ
لَمَّا أَتَيْتُ مَدَارَهَا كُنْتُ اعْتَرَفْتُ بِكُلِّ فَرّْ
ولِبُرْهَةٍ أُخْرَىٰ سَكَنْتُ، فَإِذْ بِيَ اجْتَحْتُ الْخَطَرْ
أَسْكَنْتُهَا راحِــي، فَكَانَتْ لِلْمَدَىٰ حُكْمِي الْأَغَرّْ

السَّــابِقُونَ الْأَوَّلُونَ ومَنْ تَلاهُمْ، إِذْ عَثَرْ
والْعَــازِفُونَ لِذاتِهِمْ لَحْنًا يُبَعْثِرُهُ وَتَرْ
والتَّارِكُونَ الْحُلْمَ مَمْزُوجًا بِزَخَّــاتِ الْمَطَرْ
والْمُدْرِكُونَ يَقِيــنَهُمْ خَلْفَ انْصِرافَــاتِ الْوَطَرْ
ُأَنا لَسْتُ مِنْهُمْ هَــٰؤُلاءِ الضَّائِعِيـــنَ لَدى الْقَدَرْ
الْمُنْصِفيــنَ نُفوسَهُمْ إِنْ قِيـــلَ هَــٰذَا مَنْ أَصَرّْ

أَنا لَسْتُ مِنْهُمْ، اۤخِذٌ بِمَشِيــئَتِي مِمَّنْ أَمَرْ
لَوْ زَادَكَ الْحَرْفَــانِ فِيــكَ صَلابَةً، قّلْتَ انْكَسَرْ
ولَكُنْتَ زِدْتَ لِذاكَ كَافًا، كُنتَ فِي ذاكَ الْإِبَرْ
ولَوِ اتَّسَمْتَ الشِّعْرَ أَلْفَ قَصِيــدَةٍ واثْنَيْ عَشَرْ
، لَارْتَــاحَ فِيكَ الْقَائِلُونَ وعَانَقُوا فِيكَ الْغِيَرْ
هُمْ مَثَّلُوكَ وخَالَفُــوكَ وفِي يَدَيْهِمْ مُدَّكَرْ
وتَحَاكَمُوا لِلْقَوْلِ فِيــكَ بِأَنَّكَ الصَّافِي الْبَصَرْ
خَالَفْتُنِي فِيــمَا أُحَاكِيــنِي لَدَىٰ ذاتِ السَّمَرْ
زُمَّ الرِّكَــابُ وغَادَرُونِـي صَامِتًا أَتْلُو السَّهَرْ
وأَمُرُّ عَابِرًا السَّبِيــلَ مُسائِلًا عَمَّنْ عَبَرْ
هِيَ أُمَّةٌ تَاهَتْ جَمِيــعُ دُروبِهَا حَوْلَ الْحُفَرْ
لا فِي يَدَيَّ أَكُونُ إِلَّا هَــٰكَذَا بَعْضَ الْبَشَرْ
لَـٰكِنْ لَدَيَّ الْهَمْسُ، كَانَ الْأَمْسُ والْيَوْمَ انْدَثَرْ
ودَفَـــاتِرُ الْمَاضِي تَمَزَّقَ خَلْفَهَا هَجْسُ الصُّوَرْ
لا لَنْ أَعُــودَ مُحَلِّقًا بِجَناحِهَا فَوْقَ الشَّجَرْ
إِلَّا مَضَيْتُ وهَـــٰكَذَا كُنتُ الْأَخِيــرَ لِمَنْ غَدَرْ
بِمَشِيـــئَتِي زُفَّتْ إِلَى الْاۤفَــاقِ رايَاتُ افْتَخَرْ
وإِذَا أَرَدْتُ حَرَقْتُهَا؛ لِتَكُــونَ نِيــرانَ احْتَقَرْ
فَأَنَا نَسَجْتُ خُيُوطَهَا ورَفَعْتُها نَحْوَ الْقَمَرْ
سَتَدُوسُها قَدَمِي إِذا شاءَتْ كَرامَتِيَ الظَّفَرْ
ولِكَوْنِيَ الْأَوْفَىٰ عُهُــودًا وابْنُ مَنْ سُمِّي عُــمَــرْ
سَأَظَلُّ ذَاكَ الشَّــاعِرَ الْمَشْــهُــورَ أَقْوَىٰ مَنْ أَصَــرّْ

مقالات ذات علاقة

محارة

حنان محفوظ

عن العزلة وأشياء أخرى

عاشور الطويبي

كاريزما مبهرة

آية الوشيش

اترك تعليق