بادر سيف | الجزائر
تسللت بين أصابعي كسمكة متملصة من لغة المسافات
والروح والنظرات
عرجت نحو المراغ وإشارات البياض
زنزانة الصمت نارها من رمل، تخور تجوش
رخيمية الظل والعثرات
تتنفس هوى الأشجان وخطى القبرات
قالت: الورد للموتى لينعش مجالاتهم
والدعوات
وقفت أمام مرآتها مهشمة الحواف
فر ثغرها إلى كم بنفسجة توسد وجهها حافة
الغيب
أما الجسد فمنذور للبوار والألم
…سمك يطلع من شهوة العافية
مشنقة العيد تجسد لي مدارج أنوثة يافعة
والقافية…
من عاداتي ألا أفرح بعصف الخريف وضيم النديف
تعتقلني الكلمات في مسارب جافية
تنفتح سماوات اللا شئ لتسألني عن هوية الضفادع
في فصل النقيق
والنفس ترنمت هذا اليوم، لكنها أمارة بالبوح
جراح النوارس مثلي محملة بنشيد الغروب
فكيف لي يا أخانا من الرضاعة
أن أسب حروف الرضوب؟
وكيف لجلفتنا أن تهيم بحقق الهم حين الهبوب
لذاك الجنوبي المهيأ لتفاحة من سهوب؟
استرد مارد الأمسيات العجيبة مؤخرة الطيلسان
عفى عن زمان كان حلوا وعذبا وحتى
البيان آخذته مزالق الصمت
منحته حرية الكشف أخشاب قبر وماء زلال
كنا نرقب هلال الوداع
وخطى السندان مبعثرة بين البسيط وبين الخبب
ليتسع غدير الوشاح لأنشودة من خشب
بحجم الثغر وملوحة الضباب الهائم بجذر السوسن، كانت معركتي الأخيرة مع التفكير في عيد ميلادها الممزوج بالعاج وأبنوس الجنوب، عيوني كسرت التراب وقبرات النبيذ، لم أعد أملك خارطة تتسع كلما ضاق الجبين، لا شاي لا ماء لا هواء، هذه مساحتي أعدها للوراثة القيصرية، بقربي عصا سحرية
وملعقة – كريستوفر إكسبرايت – ملعقة فضية
وكأس ضوء وحشائش الفاوانيا، أما الشحارير فأمواج تحط متراصة على شجرة –بابلو نيرودا –المفضلة، يميني يعشق عمر الخيام وبعض الشراب الساحر المثير، أما يساري فقد تشقق من ذكريات الغدر، وقصائد النادل المنهمك بالقهوة بالحليب والمحيطات المنهزمة، حتى علب الطبشور الملونة، أما قوامات الأبنوس فلقد رضخت قسرا لقطط الحارة والدروب الوعرة، تبني الوجود من رفل البؤس
والنعام وتواريخ الحرائق…يوميات شقراء شقراء، تحتوي ما ينمو حولها من عشب الشفاه المتعبة من صلات النأي في دقائق وشقائق النعمان،
أنتظر بريد تعودته متخم بأناشيد الصبيان وهم يودعون مدارسهم، تجاوزت الأسماء
والأشكال والحقائق، رحلت مسرعا مع الحضارة – البونيقية – وانحطاط المماليك، أما انهيار الإتحاد السوفييتي فقد كرست له الكثير من الفراشات المحترقة بفعل صعقة الضوء المتوهج في إبريز النجاة ومحابق عشتار، فجاءت البشارة محملة بحكمة الزمان الأسير في تنهيدة المضائق، فيا خلجان قلبي النائم في سديم الذكريات لا ترقبي انفجار الزوابع لما تثور البيد بضيمها المعهود، فأنا ضيف شرف عابر في مقهى المجانين، أين يمكنني تبادل أطراف العشق الصوفي مع أبي حيان التوحيدي وحافظ الشيرازي …بأعين باردة
وفرح استباح مقامات الوجوه النازلة من أديمها، وبصوت مبحوح، أيقنت هذا الصباح أن – منى واصف- لا تريد مني تحيتي العابرة، أضاف لي الموقف المتشنج بعض الشيء من الحياء البربري، فكيف وأنا القادم من عاديات الحنين، أحمل لها علبة ريح وحروف تتوجس عرض كتاب
وخصلات تسأل الياسمين: متى نقاتل الوحش؟
تطوي مسافات عجاف، تهوي بلطف زائد حمامة شامية لا تميز بين برج خالي وقصر الشوق …
ولأنها غجرية تعانق الحقيقة كابنة عشق مثالي
كانت الرفيقة والطريقة
والطليقة …
لترحل مع أبي حيان التوحيدي ممتطية صهوة الشفق
مدوخة اشتقاق القبرات لمعادلة مهضومة الحقوق
والدروب قاسية حداسة
نسمة منعوفة من ربيع مخاتل بخيل
لذا لن أنسحب من ساح اللهو والخربشات
لأواريها سحاب الليلك، فجة تتمرس بين اللوز
والبلوط…
لا شليطة ولا درب يعمر أفاقها
لا شبث أهديه شوط من البسمة المريبة الرخوة
لن تنهزم شطآني.. نوارسي متعبة
أقدام تغوص في الرمل يغتالها النفط كل عام هجري
ليحييها في التقويم الميلادي
كصرة داجية شهدت أول الخلق
أشجار تنزل، ثم تصعد مع كل موعد – لجون بول سارتر-
و –سيمون دي بوفوار-في مقهى الورد
كنت أسترق الشروع في الفاكهة
يوقدون شمعة
يذرفون دمعة
وجمجمتي ممزقة بين أربع جدران
ليشب الحب وعذابات الكتب والألوان
يتبادلان كلمات باردة
كانت –سيمون-سيمفونية بنية هائجة
وكان –سارتر- فارس متهور
يقطع مسافات الثواني مزودا بجلال
في أدوار متتالية كشريط عتيق
ليربط المسافات بـ – مايا أنجيلو –
كمن يبحث عن زمن ضائع في قمامة
مادامت القيامة قال الرجل الصالح للأقوى خيرا
من هوة الرجم انصاعت – سيمون –لرغائب أمة الموت
1 سيمون – جميلة جدا
عشقها مدوخ
متلبدة، تسبق السياف
لنفترض جدلا أن مجموع القوى يساوي الصفر
وأن الكتلة والتسارع استقلا مركبة فضائية
نجاة الصغيرة – تنعشني – ارجع إلي إلي –
لتندلع حرب الشفاه المقشرة
فكيف أسوي شعث المسافات وأضاجع بالوعة الماء
قلبان مندفعان، متحدان بجاذبية الهيولى
باركهما – إخوان الصفا – والمعتزلة
وأهل العشيرة أجمعين
كانا معدن ينتظر الانصهار
بداية السهر مع كوكب دري غير خاضع لقوانين المجتمع
الدولي…
رسم مدينته الأخيرة، ترجل عن ضاعن من تراب
خضب صحائف الجواب
ولما رآها جالسة قرب القبر لمن انتحر ذات فصل
تسأل قطر الندى عن ليلها الرابض في مخ الفجاج
تسأل عن ذكريات الماء وهو يجول واحة الهوى
وعن لهب القصيدة الموشاة برحلة – تولستوي-
يا راحة المسافة يا لهفة العمر المضمر في نون الكناية
هل حدثك الإدريسي عن مروج الذهب
لتكوني – موزيات – توزع الحب والأمنيات
حينما أضغط الأثلام البرتقالية
المخبئة في حقة النوء والشعور
أتذكر الأسماء والعناوين القصية وسبائب الرجوع
للمعلمة – سافو- تتغزل بتلميذاتها وشرم النواح
أقلم أظافر الأرصفة
تأخذني يداي نحو صهيل الخيل ولوث الجنون
…فإن شئت أخلع كهولتي لأكون نيرون العاشق
أسبح في سذاجة النار
أجعل من خنجر الغدر عجينة يقتتاتها الحزن
أرحل إلى قصص الأطفال
واكتشاف العادي…
بعد حين أعود إلى مملكة الرمل
أبعثر ذراتها، أسوي منها قبرا لا تدركه الظلمات
أجعل من تلك الغجرية المتمردة قطة مدللة
تجيد مضغ الغيث وحلب النوق في جادة الضمير
لتنتقل من الروض إلى الحيض
وعبق السفرجل والنساء العاريات
أعاند عود الثقاب ليخبرني كيف أقشر تفاحة الزمان
الخارجة من شدق الآهات
تتودد لشحوب النجمات وليلة بدرية
ولأنها آهلة بالعشق، فهي لا تخجل بلون عينيها
حين تصدع كيمياء الموج، منبثقة من جذر اللوز
موالا صوفيا ترنو إليه زرقة البحر اللابق
أرمم صدع الغجرية اللاهثة خلف القصائد المعبئة في دنان النفط.. نافورة تهمي ولا تهذي، خدوش في أوعية الطليعة المتصدرة لذؤابة الأمل المشنوق، لذا سأنتصر لخضول الأحرف الجسورة، أرسم بالماء فصولا من عطش الدماء المعفرة بهيولى السابقين، وأخطاء من مروا على سوق النخاسة، أمحي صدأ تراكم البسمة المخاتلة، أجفل في ارتداد الصمت ناحية اكتناز الحلم والعمر المعلب…في كل الاتجاهات،
غريبة هذه الوجوه عن مدن الصهيل، غريبة هذي الفصول كمشاتل من حبيبات تحترق في مخابر الأموات، ليست أمنية، إنما أيقونة من مدن الهند، جاءت حاملة توابل وبخور وهدير العوالم الزاحفة نحو التصحر
…غجرية في تخوم التثاؤب والانعطاف، مسافرة ممدة على نعش الحلم الرابض في تأوهات المجرات، الحلم ليس عيب الغريب، لكنه كتاب مفتوح لكل الاحتمالات
…لما أنهيت عبادتي المفضلة، بدأت تودع عرين العشق، امتشقت دمعة النوء كجندي عثماني، واقتفت أثر الصحو، شكلت حبلا من شراييني ومن خميلتي غزلت عباءة،
انثال عنها غنج البجع وشهقة الرقص في انصهار المجيء صوب بداية شرود السحاب
ومن معانقة القمر أعلنت بداية شعور ونصف أمنية مجنحة.