زينب الحسيني | لبنان
قصة جميلة ممتعة السرد بأسلوب شاعري شفيف التعابير والصور.. نجح الكاتب وعلى لسان السارد/ البطل، في توصيف رحلة عائلة والموت غرقاً في البحر، بسبب هجرتها وخوفها من غائلة الجوع والتشرد والمرض…
رحلة في “قوارب الموت” التي يقودها المهربون و”تجار الموت” في كل زمان وأوان.. توصيف “شمس” هو توصيف لبراءة طفولة تحلم بـ “أقواس قزحية” وسفن ورقية تبحر في مياه المطر…
الحبكة ذكية، نسجها الأستاذ المسلاتي بخيوط متينة وحياكة شفافة، وما أن انتهى الحدث الأول للقصة بموت الاب والأخ المريض والاخت” شمس” حتى توالدت قصة جديدة من تداعيات هلاك العائلة غرقاً.. ونشأت عقدة ثانية، سببها موت “شمس” التي وصفها القاص بدقة مع تفاصيلها أن الطفل كبر، لكن الصدمة كبرت في نفسه…
التقنية تشبه ما يسمى بالتقنية “الميتاسردية”، تقنية تنسج قصة جديدة أو قصص، تتوالد احداثها من تداعيات ما سبقها…
القصة الجديدة هي قصة لا تقل صعوبة من الموت نفسه، وتوصيف السارد/ البطل يدل على أنه أصيب بعقدة نفسية حادة، أخذ على أثرها إلى “مكان أسواره عالية” يبدو أنه مصحة عقلية، فهو مهووس دائماً بالسفن والمراكب، وبـ”القارب الحوت يشق أحلامه بأمواجه“…
القفلة مؤثرة جداً لأن الأم تموت ويبقى البطل وحيداً مع وساوسه التي لا تنفك تلاحقه باستمرار. وتترك مجالا فسيحاً للمتلقي لتأويلات وتساؤلات مفتوحة…
الأسلوب جذاب عاطفي ولغة قاربت أحياناً الشاعرية برقتها ورهافتها، أودع القاص فيها أفكاره ورسالته، التي ينادي فيها بنبذ الحروب وتداعياتها من إفقار وتشريد وتهجير، كما أن فيها إسقاطات واقعية على عالمنا العربي الذي يعيش أقسى ويلاته وتشرذمه وعجزه عن الوصول إلى حلول تؤمن للإنسان الأمن والعيش الكريم في أتعس الأحوال، حتى لا يموت متسكعاً في الطرقات أو مستعطياً مذلولا على أبواب الفجار الطغاة…
أخيراً تحيات تقدير لقلم القاص المبدع الأستاذ محمد المسلاتي.