المقالة

هل مواقع التواصل الاجتماعي نصبت لنا فخا ؟

مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت

إن تصفحك لـ(ستوريهات) الفيسبوك هو مثل تصفحك كتيب عائلة، ما يبعث الحرج والخجل حد الفظاعة أحيانا، يا إلهى كيف تحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى وسائل تعرية الإنسان من غموضه وخصوصيته وأسراره ودفعته بشكل يومي ومجنون لنشر صوره الشخصية وأدق طقوسه وتقاليد يومه لكل الناس وبكل الأوضاع وفي كل مكان يذهب إليه حتى يحترق وجهه من ضوء الكاميرات أو يتعلم أن الحياة الخاصة ليست عرضة للتداول في المساحات المشتركة كوسائل التواصل الاجتماعي أو يتعلم على الأقل اللا إفراط في تداول شؤونه الخاصة.

ولأنه بالطبع ليس كل ماتكونه أو تفعله يهم أو يعني الأخرين ولأن هناك نقطة دقيقة لإلتقاط الخيط الذي يربطك بالأخرين ويؤسس لحظة اجتماعك بالعالم الخارجي، هذه النقطة تم هدمها بفعل وسائل التواصل “أو بسب سلوك استخدامها السلبي” وأصبح الأخرين معك في كل مكان وأصبح الإنسان مثل القطط يفعل أكثر الأمور خصوصية في العراء وأمام أعين الجميع، وربما أصبحت مواقع كالفيسبوك وتويتر وتيك توك وغيرها من وسائط التفاعل المباشرة فخا ممنهجا لم ينجو منه إلا القليل فهو يكاد يجر معظم أو أغلب مرتادي هذه المواقع لورطة استباحة الشأن الخاص والخاص جدا للأفراد بما فيهم مشاهير الأضواء في عالم الفن والرياضة تحت يافطة (مشاركة طقوس يومي مع الأصدقاء) وبرأينا هذا شعار ملغم بانتهاك حقوقك كفرد، وبالتالي اعتدنا رؤية إحدى الفنانات تخرج وهي تذرف بحر دموعها من بديهيات هذا الانتهاك الصارخ للخصوصيات الفردية أو متابعة الخلافات الزوجية وتبادل الاتهامات وتنابز بالألقاب كل ذلك ليس بمستغرب والأريحية التي يمارس بها متعاطو هذه المواقع تبدو جزء من لعبة قذرة لاريب .

ما نريد قوله في هذا الصدد إن هذه المنصات أفسدت حيوات الكثيرين ونالت من سمعتهم فهي قد ساهمت في تغذية نوازع حب الظهور والشهرة بأي شكل كان مثل الذي كان مهووسا بطلب الشهرة فدفعه هوسه لإرتكاب جريمة قتل حتى تنتشر صورته على صفحات الجرائد ويحقق ما يصبو إليه، ولعل هذه مقاربة جائزة إزاء تجربة ارتياد تلكم المواقع، هذا من ناحية أما من ناحية أخرى نلقى بأن القائمون على إدارة الفيسبوك يستغلون إدراج المستخدمين لوجوه متعددة من خصوصياتهم لمآرب وأغراض أخرى مثل ما حدث على خلفية الإنتخابات الأمريكية عام 2017 عندما وجهّت السلطات المختصة في أمريكا اتهامات مباشرة لمؤسس فيسبوك “مارك زوكربرج” باستغلال بيانات مستخدمي الموقع الشخصية لدعم حملة المرشح للانتخابات الرئاسية أنذاك دونالد ترامب.

على أية حال يتضح لنا أن مشروع عولمة المجتمعات تشوبه الكثير من نقاط العسف والاجحاف فليس من المعقول أبدا إلغاء ومحاربة الثقافات المحلية للشعوب والمجتمعات بغية تحويل عالم بأسره لقرية صغيرة ! فلكل مجتمع ميراثه الحضاري الذي يتفاوت ويختلف بالبداهة مع الآخرين والإصرار على الدفع بهذا المشروع قدما سيجيء بنتائج عكسية ومشوهة، وإنما تغلغل هذه الأدوات والمنصات التقنية الحديثة يصب في هذا الإطار ما يستدعي منا طرح التساؤل الذي وضعناها كعنوان لهذه المقالة هل نصبت لنا فعلا مواقع التواصل الاجتماعي فخا ونحن بدورنا وقعنا في شباكه طيعيّن ؟ الإجابة ستكون بنعم لقد وضع لنا السُم في العسل وانتهى العسل وصرنا نلعق ما تبقى من الطين في الجرّة .

مقالات ذات علاقة

ماذا كان سيحدث لو تزوجنا أربعة؟

عمر الكدي

سُــلْطَةُ الصُّــورَةِ!

خالد السحاتي

أسئلة في العملية التعليمية

يوسف الشريف

اترك تعليق