المقالة

هل نحن دولة ممكنة؟

من أعمال الفنانة التشكيلية “مريم الصيد”

في الواقع أن هناك الكثير من الضبابية يلفنا برداء التخلف الحضاري حول السبيل الممكن لنهضتنا التي تواجه الكثير من المصاعب التي ليست هناك سبيل ممكن حلها بأيدينا في الظروف المتواجدة من حولنا.. نظرا لكثير من العوامل المصادفة التي تعيقنا عن التقدم.. والوصول الى التنمية.. نحن نعيش في عصر متسارع ويرنو الى العالمية في التحرك من الصعب النفاذ اليه من خلال ما نملكه من أدوات متخلفة عن عصرنا الحاضر بسنين طويلة.. اليوم اننا مجرد دولة لا تبتعد عن وصف إحدى الدوقيات التي عفي عليها التاريخ و لازال التخلف الحضاري يبعد عن واقعنا اليوم.. أننا لا نفترق كثيرا عن أي دولة نامية من حولنا وقد أصابها العجز عن أسعاد شعوبها.. وطفقت شعوبها الى هجرة لم تكون سابقة عن تاريخنا الحضاري للوصول الى الشاطئ الحضاري.. فليبيا مجرد دولة (طبوسياسية) مثلها مثل أكثر من 80%من الدول حول العالم التي تعاني الفاقة والتخلف.. حتى الدول النفطية العربية بثروتها الهائلة ليست الا دول كاركتورية ليست لديه صورة دولة متوازنة وقادرة على الدفاع عن ثرواتها.. فنحن لا نملك أي أمكان اقتصادي أو سياسي لنكون دولة كافية ذاتها اقتصاديا وسياسيا.. فمؤسساتنا الاقتصادية بعيدة عن تعريف مفهوم الاقتصاد فهي مجرد صورة واهية عن مفهوم الاقتصاد.. فمؤسساتنا المالية مثل المصرف المركزي ووزارة المالية هي مجرد صور غير حقيقية بل مجرد محكاه للدول الأكثر تقدما.. مصرفنا المركزي مجرد خزنة للحكومة الليبية ولن يكتب لها الاستقلال المالي عن العملات الحاكمة حول العالم فهو يعمل كمجرد صراف للعملات الأجنبية.. وحتى نقودنا مجرد ورق لا يحمل قيمة في ذاته كما تعمل النقود الحقيقية.. فنحن لا نملك أي أمكان لصناعة دولة ذات استقلال كامل.. لا يمكن لأي حكومة محلية أن تصنع أي سياسة مالية واقتصادية لشعبها المحلى.. فهي في ظل الظروف الحالية لا تتوافر لديها الأدوات في أن تجعلها تخدم شعبها.. أن سيطرت الدول الحاكمة لا يترك مجال للدول القزمية أن تعيش وتنهض وأن تكون الصورة الشائعة اليوم هي الأكثر وضوحا أنها تعيش تحت سيطرتها.. فهي تخوض معركة خاسرة بكل الأبعاد.. فهي تظل عاجزة عن فعل أي شيء يخدم شعبها؟؟ أننا نرهص الا في اللا جدوى.. ونحن شعب نسير وراء صحراء التيه والسراب.. فالشعارات تظل كاذبة لا تحمل أي فحوى حقيقة في ذاتها أنها أحلام اليقظة.. عندما يركن أحدنا الى الفلسفة الاقتصادية ليحمل مصباحا في ضوء النهار ليكتشف حقيقة وضعنا يرى الحقيقة بوضوح كما دأب (ديماغوس) الفيلسوف اليوناني حمل مصباحه في وسط النهار ليقرر حقيقة أن ما يحيط بنا يعجز رؤيته بوضوح.. الإعجاز الذي يصادفنا اليوم يتركز في هيكلين أساسين: هما الهيكل الاقتصادي والسياسي.. اقتصادنا الكلى في أيدي غيرنا وسياستنا في ظل تحكمات خارجية تفوق عنا قدرة.. نحن دولة نعيش على بحر من رمال.. خبزنا نلتقطه من خارج حدودنا.. وتحويلها الى قدرة زراعية تحتاج الى تقنية في تحويل مياه البحر الى مياه جارية وليس بالأمر الممكن أنيا.. سياسيا لا نملك القوة الممكنة لمواجهة تطورات السلاح المتسارعة في كل دقيقة للدفاع عن أنفسنا.. أن القدرة الحاملة لأرضنا لا يمكن أن توازى نمو سكاننا.. نحن لا يمكننا ان نسلم أنفسنا لقدر التخلف الذي مر بنا قرونا عديدة.. ولازالت العملات الحاكمة ندور في فلكها ولا نستطيع الفكاك عنها.. أنها المصير المحتوم لعبوديتنا.. لا يمكن لوزير المالية أن يستقل عن العملة الحاكمة ويظل مصرفنا المركزي في طبع أوراق يخيل لنا انها نقود وماهي بنقود بل مجرد ورق يطبع عليه صور قادتنا التاريخيين وحتى في مجال التجارة ليس لدينا سلعة قادرة على مزاحمة التجارة العالمية الواسعة لنطرحها في السوق العالمي…؟؟ سياسيا: في قضية الانعزال عن الاندماج ما حدث لإسبانيا الفرنكية وفي العالم العربي الحديث ما حدث في (العراق) و (سوريا) وكثير من الدول التي تراجعت عن الاندماج الحضاري مع الدول الأكثر تطورا.. أن العامل السياسي هو من عوامل النهضة والاستقلال.. و ننظر الى (كوريا الجنوبية ) التي تحولت مصنعا للتقنية الأمريكية و الى ( الصين ) و الى الدول القزمية في الاتحاد السوفييتي الذى جعل من الدول في شرق اسيا تتمتع بنوع من النماء ..فليس أمامنا سبيل للتنمية الا الاندماج حتى و لو كان سياسيا مع الدول الأكثر تقدما ..نحن نرى نماذج للتنمية حول العالم لنرى دول قزمية خرجت الى السطح و أخرى غارقة في التخلف قرونا مثل الصين التي استوردت التقنية الغربية ثم انتصرت عليها و استقلت عنها و كانت دعوة (ترامب ) للحرب على الصين بعد ايقاظ التنين من سباته العميق ..الرأسمال وحده لا يستطيع صناعة تقدم فما هي الفرق ما بين ( السعودية ) و ( إسرائيل ) ؟؟ الأول لا زالت تصنع حليب (المراعي) وهي لا تملك مراعى والثانية تصنع الطائرات؟؟

مقالات ذات علاقة

كُوْشةُ الشِّيب، وَعَشرةُ العِتقِ مِن النَّار!!!

رضا محمد جبران

أين ليبيا التي عرفت؟ (16)

المشرف العام

المثقفون الجدد والمشهد الثقافي (1)

الحبيب الأمين

اترك تعليق