الطيوب
نظمت الجمعية الليبية للآداب والفنون يوم الثلاثاء 2 أكتوبر 2021م مساءً ندوة ثقافية في دار حسن الفقيه حسن للفنون بالمدينة القديمة طرابلس، حيث نوقش فيها أحدث إصدارات دار الرواد للنشر والتوزيع وأدار وقدم الندوة الكاتب “مفتاح قناو“، وذلك بمشاركة نخبة من البُحّاث والأكادميين، وعرضت الدار على هامش الندوة باقة متنوعة من إصداراتها للبيع للجمهور الحاضر بتخفيض 20%.
إسقاط على الظرف الليبي الراهن
واستهل الندوة الدكتور “عبد الوهاب الحار” بتقديم عرض لأبرز ما جاء في كتاب (إصلاح الدولة الفاشلة- إطار عملي لإعادة بناء عالم منقسم) للكاتب الأفغاني “أشرف غاني” والباحثة الإنكليزية “كلير كلوهارت” ومن ترجمة “مالك عبيد أبو شهيوة” و” محمود محمد خلف” فعرّف الدولة الفاشلة مُسقِطا الحال على الظرف الليبي الراهن قائلا إن الدولة الفاشلة في ليبيا سببها يعود إلى اخفاق الدولة في عدم قيامها بأوجه التنمية المختلفة مؤكدا بأن الدولة تفشل عندما تغيب عنها مصادر القوة باحتكار القوة فضلا عن ضرورة بسط النظام والقانون على كامل تراب الدولة.
غياب الرؤية الموحدة
كما تناول الباحث إشارة مؤلفيّ الكتاب حول مسألة تبني الدولة لسياسات فاشلة كون إن بعض الدول تُصرّ على تكريس دور الراعي والمعين ولعب هذا الدور في ظل مجتمعات اقتصادياتها ريعية يجعل هذه الدولة عاجزة عن الإستمرارية، وعرّج الباحث على نقطة أوردتها الكاتبة في كتابها بخصوص التحديات الدولة في القرن الحادي والعشرين وتحديات عصر اليوم همّشت خصوصية المجتمع نظرا للتداخل التقني والرقمي وما فرضته معطيات العولمة على الدول من انتقاص في السيادة وسيطرة مفاهيم أخرى تنادي بالتعامل ما بعد الدولة الوطنية مضيفا بأن عالم اليوم يرغب في التعامل بمنطق مابعد الدولة القومية كما يتعامل العالم الأول مع ليبيا على خلفية غياب سلطة موحدة ورؤية موحدة مما يدفع بالعالم للتعامل مع هذا الوضع وفق هذا الواقع.
الحاجة لمشروع عملي
وركز الباحث على نقطة أخرى في الكتاب تتحدث عن الانفاق على رأس المال البشري وأن الدولة التي لا تتمكن من خلق رأس مال وحقوق حقيقية للمواطن ودعم السياسات الاجتماعية والدول العربية أمام محك وتحدي كبير وهذه الدولة تعاني من أزمة شرعية واختلالات في برامج السياسات الاجتماعية وقيم المواطنة وأضاف إن الحل بعد هذه التحديات هو مشروع عملي وبرامج عملية لبناء الدولة ترتكز هذه البرامج على رؤية موحدة شريطة أن تتفق أطياف المجتمع على الرؤية الموحدة فمالم يتم الاتفاق على مشروع وطني في حالتيّ الأمن القومي والهوية الوطنية فلن تستطيع الدولة تحقيق التنمية المأمولة.
عوامل قياس الإدارة الرشيدة
فيما قدم الدكتور “عبد الله حسين حديد” قراءة انطباعية لكتاب (بناء الدولة وحكومة القرن الواحد والعشرين) لمؤلفه الدكتور “فتحي بن شتوان” مضيئا على المنهج المتبع في جُل أجزاء الكتاب يقوم على أسلوب التجميع والبحث، ما جعلها منهجا غير مألوف في كتابة البحث العلمي، واسترسل أنه من الباب الأول وحتى الباب الرابع تناول الكتاب مفهوم الدولة وماهيتها وتاريخ نشأتها والباب الخامس تحدث عن بناء الدولة وكيف تبنى الدولة وفي الباب السادس عن الحكم ومؤشرات قياس الحكم الرشيد انطلاقا من عوامل تنمية ومعدل البطالة والانتاج والشفافية والمشاركة السياسية والمساءلة.
منهجية المؤلف المنفتحة
واعتنى الكتاب في البابين السابع والثامن على محورين التنمية والاقتصاد وتجديد الاقتصاد والتعليم وتطوير التعليم والتكنولوجيا في المنظومة التعليمية وكيف يواكب التعليم القرن الحالي ويتحدث في الباب العاشر والحادي عشر عن ليبيا واسقاط التنمية على ليبيا وتطويرها على الحالة الليبية وخارطة طريق لبناء الدولة، كما أوضح الدكتور عبد الله أن المصادر التي استند عليها المؤلف تنوعت صنفها إلى نوعين كتب كتبت باللغة العربية بنسبة 31% وكتب كتبت بلغات أخرى بنسبة 60% وهذا يعطي انعاكس أن الكتاب تجميعي وأضاف بان 15% من الكتب التي استند عليها المؤلف هي كتب ومقالات منشورة للباحث ذاته وهذا يدل على أن الكتاب تراكمي وبه تسلسل منهجي والمؤلف لديه منهجية محددة، وأكد الدكتور عبد الله أن الكتاب منفتح على الثقافة الأخرى وغير محصور في ثقافة واحدة وأشار لاهتمام المؤلف بتعريف المصطلحات وبيان المفاهيم والتقسيمات والفروع.
عجز الكيان الليبي عن بناء الدولة
من جهة أخرى شارك الباحث “رضا بن موسى” بورقة حول كتاب (إصلاح الدول الفاشلة) للباحثة الإنكليزية “كلير لوكهارت”، موضحا بأن العديد من الدول الفاشلة والمتخلفة تشهد نتيجة لانتفاضات شعبية تغييرات توشك أن تؤدي لانهيارها بدلا من نهوضها من تعثراتها وإعادة بنائها مضيفا أنه فيما يخص المجتمع المحلي بليبيا أو الكيان الليبي فهو لايزال عاجزا عن انجاز المهمة الرئيسة المتمثلة في بناء الدولة الذي يحتاج مشروعها إلى مؤسسات تراتبية تمتلك الشرعية لتنتظم عبرها القوة والمعلومات والمال حسب ما جاء في الكتاب المذكور آنفا، مشيرا إلى أن عنوان فشلها يكمن في تفكك المؤسسات وغياب العدالة وتفشي الفساد بالإضافة للتعصب والجهوية والصراعات المسلحة.
صعوبة بناء المجتمعات المتخلفة لنظمها السياسية
وانطلق بن موسى في قراءته من عدة تساؤلات في الكتاب لماذا تفشل المجتمعات ومالذي يجعلها ناجحة أين الخلل ؟ لماذا تنهار الدول وكيف يمكن إعادة بنائها، وأوضح أن الفشل أو الانهيار لا يعني مجتمعا بعينه أو دولة محددة فهو يمثل تحديا عالميا للاستقرار وللسلام والأمن والتنمية، وأكد أن عملية بناء المجتمعات المتخلفة لنظمها السياسية ستكون طويلة وصعبة ومحفوفة بالمخاطر متسائلا في ذات السياق عن جدوى سريان الترتيبات الخاصة بالتجربة الرأسمالية ونهوض الدول على أنها قابلة للتعميم على سائر المجتمعات في كل زمان ومكان وكيف يكون بالامكان فهم مجتمعنا وثقافتنا دون معرفة شبكة العلاقات التي تربطنا بالمجتمع الأخرى.
تبعية الدول المتخلفة
وتابع أن وضعية الناس وظروفهم ونظمهم وثقافاتهم صارت محكومة بشكل متزايد من قبل الدول المتقدمة وأسواقها وترسانتها الحربية ودعا إلى أن هذا الأمر بحاجة لفهم أوسع للوقوف على نجاحات بعض الدول كالتجربة السنغافورية والنمور الأسيوية وكيفية تكيفها مع النظام العالمي متسائلا هل هذا الخيار متاح لنا بدون إحداث تغيرات ثقافية تمكننا من رفض استنساخ النماذج النظرية الجاهزة والبدء بالواقع الليبي من خلال الغوص في تفاصيله واستنطاق إيقاعه الاجتماعي والتاريخي علاوة على اكتشاف قوانين تطوره في ضوء القوانين العامة التي تحكم حركة التطور عموما.