يوافق هذا اليوم الـ2 من شهر يوليو الذكرى العشرين لرحيل الكاتب والشاعر “جيلاني طريبشان” المنحدر من سلسلة جبل نفوسة وتحديدًا ببلدة الرجبان عام 1944م، نشأ وترعرع وشبّ فيها وانطلقت بُحّة قصيدته التي ولدت لتُزهر الورود بأشواكها، البعض يتساءل من اهتدى للآخر أولاً جيلاني أم القصيدة؟ أم أنهما عاشا صيرورة اصطدم كونيّ ما انفكّت أن حققت خلاصها بالموت المؤكد، ومنذ انتقال الشاعر إلى مدينة طرابلس جموحه للحرية لم يُلجم أو يهدأ صار محمومًا بالانطلاق والانفلات حتى من القصيدة ذاتها، نشر جُل قصائده في كبريات الصحف والمجلات المحلية كما تحصل على إجازة التدريس من أكاديمية روما للفنون الجميلة.
لقد اتضح بمرانه الشعري حجم اتساع الشاعر وضيق العبارة! ما دعاه للمغادرة مغادرة الوطن والانخراط في مرحلة ما في صفوف المعارضة السياسية التي كانت تناهض النظام السياسي السابق.
ومن بغداد إلى أوروبا حمل محنته على ظهره وطاف بها الآفاق، يُصنف من قبل الشعراء والمهتمين بأنه قد شكل جسرًا ما بين شعر التفعيلة وبين الشعر الحر، شدة دماثته وعمق نقائه الإنساني دفع الشاعر العراقي “سعدي يوسف” للقول *(الجيلاني الصافي كجدول الماء)، يخبرنا أحد أصدقائه أن قد كتب أجمل وأنبل نصوصه حينما كان في مدينة دبلن الإيرلندية لكنّ هذه القصائد شاءت لها المقادر أن تجُرِّفها مياه النهر وبأيدي جيلاني نفسه في إحدى صرخات روحه ليأكل العدم حروف عمره!
صدرت له مجموعتين شعريتين الأولى بعنوان (رؤية في ممر) عام 1974م والثانية بعنوان (ابتهال للسيدة نون) عام 1999م وعقب رحيله جُمعت باقة مختارة من أعماله الشعرية المنشورة بين دفتيّ كتاب جاء بعنوان (مكابدات) عام 2019م.
ظروف وفاته قد جاءت مربكة ومفاجئة للجميع، ففي أحد الأيام الوادعة في الرجبان مسقط رأسه وتحديدًا في المسجد وأثناء سجوده وُجِدَ الشاعر في حالة احتضار وبكلمات هي الأخيرة له بدت متحشرجة بين فكيه سُمع يهس قائلاً (يا إلهي قليلاً من الراحة) وكأنه بهذي الكلمات يخطو نحو بوابة ميلاد جديدة، فيُسدل عام 2001م الستار عن آخر فصول الرواية.