خديجة زعبية
(القصة وببساطة تامة على النحو التالي، التقى مختار وهو ابن رجل بوليس ملكي سابق بفاطمة وهي ابنة موظف في الأوقاف، صحبة صديقين وصديقتين لهما في الحديقة ونشأت بينهما علاقة حب ثم هجرته وظل في الحديقة التي التقاها فيها لأول مرة ومضت فاطمة تبحث عن حياة مختلفة يكون المال أهم متطلباتها وأهدافها مما يوقعها في شباك الدعارة وكل ذلك والبلاد مشغولة تماما بالعلكة التي كانت تركيا أهم مصدريها لليبيا في تلك الفترة عبر تجار الشنطة).
الرواية من النوع القصير فهي محدودة الصفحات لكنها كاملة الحكاية. بأسلوب واضح وبسيط يبدأ الكاتب في سرد قصة البطل والبطلة كما أراد تسميتهم في الرواية تتنقل المشاهد بين تسمر مختار على كرسي الحديقة إلى الوقوف بجوار التمثال في المتحف ومشاهد أخرى في المزرعة مع وجود نفس الأشخاص في حالات مختلفة.
فاطمة من أسرة بسيطة ترغب في مستقبل باذخ فتتمرد على حياتها وتتخذ من العلكة وسيلة للوصول لأغراضها مهما كانت الوسيلة دفعت الكثير من أجل ذلك، في حين أن مختار ينتظرها على كرسي الحديقة أو يرافقها للمتحف أمام التمثال لعشر سنوات دون أن ينتبه أن هذه السنوات قد انقضت من عمره وأن حبيبته اتجهت لطريق آخر بحثا عن المال.
الحديقة ورغم ما مرت به من ظروف ظلت هي الركح الأساسي للمشاهد وأثناء القراءة تظهر أنماط مختلفة لها بين مكب للنفايات وما صاحبه من وجود للكثير من القصص الجانبية من لقاءات عشاق ومكان لبيع الممنوعات وملتقى خاص لسلوكيات أخرى، إلى المكان الأثير للباشا وحاشيته وأن فاطمة عندما اهتمت بها وزينتها بأنواع زهور ملونة كما أنها ذات الحديقة التي أرادوا استثمارها وفرض غرامات على الأهالي داخلها.
أرى أن الحديقة هي مسرح الأحداث جميعها وقد ربطت قصص الشخصيات وجمعتها في نقطة ما داخلها.
تتشعب القصص ف الرواية ليخبرنا الكاتب عن قصة المغنية الفزانية بين رحلتها من الجنوب وصوتها الشجي الذي سحر القلوب ورسم لها محبوها صورا من الجمال والجلال أما نهاية قصتها فكانت مفزعة جدا.
وقصة رحمة وكيفية وصولها للبلاد رغم أنها من بيئة مختلفة وحياتها مع مختار المختلف عنها جذريا سواء في التفكير أو طريقة الحياة وأن السيد مختار هذا كان ذا نفوذ في السابق ثم يفاجئ بسجنه والتحقيق معه ومن ثم يبدأ في حياته الخاصة التي في ظاهرها التدين وبين طياتها انحلال.
يتجه بنا الكاتب لعنصر آخر في روايته وهو وجود التمثال في المتحف ويسرد لنا قصة نحته وصموده رغم ما مر بالمنطقة من سياسات مختلفة كانت تشاهده بنظرات مختلفة يجعله الكاتب أحد أساسيات النص.
فعل التسمر في مكان واحد رغم ضجيج البيئة المحيطة يجعل من لوك العلكة استمرار لمتابعة المشاهد ونجد أن الكاتب استخدم لوك العلكة لأكثر من غرض أحدهما اشارة للواقع السيء تلك الفترة والآخر ارتباط العلكة برغبات شهوة مقابل ثمن ذلك.
تنتهي الرواية بمختار الذي تحول الى ذكرى سواء لأمه أو فاطمة أو كل من عرفه في الحديقة وسمع قصته.