في قراءة لمشهد السياسة في ليبيا أذكر أنه بمرة من المرات التي عملت فيها بوكالة أخبار ليبيا الآن والتي كانت وقتئذ عبارة عن المجمع الإعلامي برمته ..متشعبآ بوكالات أخبار لصحف نشأت إبان الثورة ….كتبت مقالا لإحداها ولا أدري لماذا لم يتم نشره للآن …جاء ذلك ردآ علي الاحزاب التي بدأت تتشكل وتنشأ ….ورأيت وقتها أثناء رصدي بعض آراء الشارع التي تعترض عن نشوء هذه الأحزاب …كنت في ذلك الحين أتساءل لماذا يقرر الليبيون هذه الخطوة المتأخرة جدآ ؟؟
وبصراحة الشعب الليبي شعب واع …جدآ يمكنك أن تختصر عليه مستوى الفهم إذا قررت الحكومة أن تحقق قفزات نوعية وكلنا توقع ذلك ..ولكن للأسف لم تحقق حكومتنا سوى الأزمات النوعية في أفكارنا خاصة نحن الشباب المتابعين للمشهد السياسي برمته .
عن كثب تابعتُ شخصيآ مستوى أداء الأحزاب السياسية ..وكنتُ أقف في كل مرة علي التصريحات التي تسوقها القنوات الليبية والعربية علي حدٍ سواء …ولم أجدها إلا تكراراً فاشلا لكل ما مرت به تونس ومصر والآن تمر به سوريا ..وحتي العراق من قبلها ..
فلماذا كررنا نحن ذات الخطأ ؟؟ خضنا في مخاض الأحزاب بدلآ من أن نترجم بذكائنا وفكرنا السياسي خطوة أكبر حجمآ و أقل ضررآ للدولة ؟؟
وللشعب
إن أداء الأحزاب داخل المؤتمر الوطني علي وجه الخصوص يعكس صورة مشوهة للحرية التي ناشدناها ..وكافحنا من أجلها …وماهي للأسف الشديد سوى صورة مكررة عن وجه قديم للنظام البائد ….تتبدى في سيطرة الأحزاب وعملية الشد والجذب ..والكر والفر واضحة خلف كواليس المؤتمر وقت ما قررت هذه الأحزاب التخلي عن حكومة مصطفي بوشاقور …في ذلك الوقت لمسنا فعليآ مدى فشلها ….وخلفت فينا خيبة أمل كبيرة وبشكل أكبر عندما تم تقاسم {الولاء للوطن } مقابل حسبة كبيرة بين الأحزاب …فهل هذه هي ليبيا التي يبشروننا بها ؟؟؟
بالتأكيد لانريد منهم ذلك .
و إن كانت حكومة زيدان التي توافقت عليها المعركة الحزبية ليست بالسيئة جدآ ..ولكننا لانريد أن تكون حكومة مصفدة من قدميها باتجاهات الاحزاب ..,لانريدها حكومة تتنازعها التكتلات ..ولانريدها أن تكون حكومة مكبلة بعيون هذه الأحزاب ..نريدها حكومة تنزل لمستوى الشارع الليبي وتختصر علينا سنوات التأخر الذي كنا فيه …نريدها حكومة تقرأ الموقف قبل أن تحدث النتيجة ..ومهما كانت النتيجة لانريدها أن تنصاع لضغوط حزبية معينه حتى لاندفع نحن ثمنها
وأتساءل …كم سنستغرق من الوقت كي نصل لمرحلة الوعي ؟؟
وكم ستأخذ هذه الأحزاب من الوقت كي تفهم الدور المنوط بها ؟؟
إن أي حزب تسول له نفسه مغادرة قاعة المؤتمر ..يعبر عن الفوضي الفكرية وهو التالي لايمثل الشارع مهما أخذ من شعبية …{لعل الشارع أُفتتن بها} ..وكذلك أي حزب يتمادي أخلاقيآ فهذه في معناه أن تسقط عنه العضوية الدبلوماسية ..لأنه لن مشرفآ له أن يمثلنا بدبلوماسية ليبية نناشدها علي مدي نصف قرن …
ليس علي المتفرحين علينا سوى أن يسوقوا علي المؤتمر الاندفاع السلوكي الذي لايمثل دولة في العالم .والذي يحدث علي مرمي ومسمع القانون دون محاسبة جادة من الشؤون القانونية ….
أحزاب تتنافس فيما بينها عن مقدرات ليبيا وتخدم أجندة خاصة بتوجهات معينة ..بعضها مشبوه المصب ..وبعضها يخدم تيارآ معينآ ….وبعضها يروج للمصالح الخاصة حري بنا أن نختصر الزمن ونسقطها كما فعلت تونس ومصر ..وليس أن نضطر لخوض تجربتها المستنسخة عن جاراتنا ثم نفكر في التخلص منها . ففكرة الأحزاب متأخرة جدآ وكان علينا اختصارها بما يتماشي مع ميول شعبنا
إن أول خطأ وقع فيه المؤتمر الوطني هو التسمية عينها ..فقد عكست لنا صورة بشعة عن النظام البائد ….و عززتْ فينا نوعآ من الرعب والإرهاب الثقافي حين أعاد عينا تسمية {أعضاء المؤتمر }من جديد ..وبخاصة أنه يحمل بين جنباته ممن ينطبق عليهم قانون الاستبعاد السياسي …
فكان حريآ به أن يكون مسماه {تجمع رابطة الائتلاف الوطني العام } بدلآ من المؤتمر الوطني العام ..
الذي كان المقبور يرصده لكل ليبي لقاء خزعبلات توثيق الرهاب الثقافي في عقولنا …
كم سنحتاج لوقت طويل كي نتعلم قراءة المواقف جيدآ ..وقراءة التسميات جيدآ …وقراءة فكرة وجود الأحزاب الحالية جيدآ ..ولوكنت أحد قادة هذه الأحزاب لتخليت فورآ عن فكرة انضمامي لأي حزب لأنها فكرة زائلة مع مرور الزمن ..وستنتهي بعد ربيعين أو أكثر من فبراير المجيد .ببساطة ليست هذه التجربة ناجحة عندنا …قدر ماهي وسيلة فرضت نفسها علي الليبيين لتكوين هيكل الدولة…