المقالة

تأملات محمدية

محمد صلى الله عليه وسلم

النبي الأكرم أسس دولته في المدينة بعد رحلة شاقة من الصبر وتعليم الناس المبادئ والقيم الجديدة لرسالته الشريفة. وعاش عشر سنوات هناك قبل أن يتوفاه الله، ولم يجلد أحدا ولم يرجم أحدا ولم يقطع رأس أحد ولم بنهر أو يضرب طفلا، ولم يكتب التاريخ أنه زجر خادما أو حتى دابته.

 لم يكن يعرف الغل ولا الحقد أو الانتقام ولا التشفي، ولم يسمعه أحد يتضرع إلى الله ويتمنى الهلاك والحرق في جهنم لمن لم يتبعه ويؤمن برسالته الشريفة، لم يسمعه أحد يلعن أحدا أو يشتم أحدا، ولم يشهد أحد أنه أرسل عسسه لاقتحام بيت منافق أو كافر في المدينة أو مكة.

عاش في سلام مع طوائف وأقر حرية الفكر والمعتقد، ولم يكن جبارا باطشا شتى، يهود ومنافقون ومشركون ومن حول المدينة من الأعراب، ولم يجبر أحدا على اعتناق دينه.

عاش رجلا طيبا نبيلا كريما شجاعا عطوفا طيب اللسان والقلب مفرط الحنان. ترك حرية الاختيار للناس وأكرم المرأة، وأكرم المرأة ورفع عنها الكثير من الأغلال، بل رسخ مبدأ المساواة التامة بينها وبين الرجل في كل مناحي الحياة.

كان يقول للناس لا إكراه في الدين، من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إن أنا إلا نذير، وكان يوصي الناس بالمحبة ومد يد الخير والإحسان حتى للدواب والبهائم، وكان يقول خيركم خيركم لأهله، ويقول عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل، وكان يقول أوصيكم بالنساء خيرا، ويقول ادفع بالحسنة السيئة تمحها وخالق الناس بخلق حسن، وكان يقول كلكم لآدم وآدم من تراب، ولم يقتل أو يشنق مرتدا خرج من دينه.

وحين قبض بعض أصحابه على رهط من قريش ارتدوا عن الإسلام بعد صلح الحديبية وأحضروهم أمامه مقيدين بالحبال قال لهم دعوهم واتركوهم يرجعوا لأهلهم فلا حاجة لنا بهم، ولم يأمر بقتلهم أو قطع رؤوسهم.

وحتى ما يقال على إنه حكم على بني قريظة بقتل الرجال وسبي النساء فهذا غير صحيح، وهذه الروايات إنما من الأشياء التي دُسّت عليه زورا ونسبت إليه وهو منها براء.  فبنو قريظة عندما أرادوا قتله غدرا ونكثوا بالمعاهدة التي أبرموها معه رفضوا حكمه وأبوا إلا أن يُحكّموا غيره، واختاروا سعد ابن معاذ ليحكم. فحكم فيهم بحكم التوراة كتابهم الذي يقول: أما أَعدائي، أُولئِكَ الذين لم يريدوا أَن أملك عليهم، فَأْتوا بهم إلى هنا واذبحوهم قدامي). فحكم فيهم سعد ابن معاذ بحكم التوراة، ولو رضوا بحكمه لكان خيرا لهم.

أدى رسالته ثم غادر هذه الدنيا عفيفا نظيفا طاهر الروح واليد. صلى الله عليه وسلم ما دامت السماوات والأرض.

مقالات ذات علاقة

آفاقُ الرَّخَاء

يوسف القويري

ليبيا!!!

قيس خالد

أخذوا الفديَة وتركُوا لنا إيبُولا…!

المشرف العام

اترك تعليق