من أعمال التشكيلي عادل الفورتيه.
المقالة

ليبيا!!!

من أعمال التشكيلي عادل الفورتيه.
من أعمال التشكيلي عادل الفورتيه.

هل يستطيع احد فهم ليبيا ؟ هل يستطيع احد قراءة هذا الكتاب المغلق ؟ هل يستطيع احد تفسير مشكلات ليبيا بدون أن يكون تفسيره في حد ذاته مشكلة ؟ تقريبًا ذلك لا يمكن لأي احد في العالم مهما بلغت عبقريته ، نظرًا لأن ليبيا بلد مجهول ، مغارة ملعونة و غامضة لا احد يعرف ما فيها إلا ما يقوله المنجمون حولها ، و التنجيم و قراءة الكف و التخميس و ضرب المندل كانت عادات بدائية للمعرفة و تحليل المستقبل حلت محلها عادة اخرى اسمها ” عداد البيانات ” و لعل ليبيا من الدول القليلة التي لا تملك مركز احصاء وطني شامل و مكتمل المرافق يفيد الحكومات و الباحثين و المفكرين و مصممي خطط التنمية في فهم اللغز القبيح الذي اسمه ليبيا…

و إذا كانت الولايات المتحدة توزع انظمة حصر الكتروني على المرافق الصحية لجمع المعلومات الطبية عن المواطنين الامريكان و اليابان العام الماضي ارسلت عددًا من مواطنيها الى دول اجنبية لغرض دارسة سلوك المواطن الياباني مع الاجانب في بلدانهم ، و بولونيا تبني ملفًا شخصيًا لكل مواطن يتعلق بأدق المعلومات الشخصية مثل متوسط ساعات النوم للمواطن البولوني ، فإن ليبيا مازالت مغارة مظلمة لا تتوفر معلومات دقيقة حولها إلا أنها مغارة عاصمتها طرابلس و عملتها الدينار و سكانها ستة ملايين ممتلئين بالمشكلات و لا يمكن حل مشكلة واحدة من مشكلاتهم نظرًا لغياب البيانات بصورة تامة…

فالعقل البشري لكي يفسر أي ظاهرة و يتعامل معها يحتاج إلى ارشيف بياني معقد يخص هذه الظاهرة و حين يتعذر الحصول على هذا الارشيف يصبح البحث عن المشكلات و محاولة ايجاد الحلول لها و التنظير السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي مجرد تنجيم و تبصير و تشبيح و خداع للعقول البسيطة مثلما يحدث الآن في ليبيا ، و ” عداد البيانات ” مثل عداد البنزين في السيارة لا يمكن للمرء أن يخطط لرحلته بدون الاعتماد على اشاراته ، لكن الليبيون بالذات يخططون لمستقبلهم متجاهلين تماما أنهم لا يمكلون عداد بيانات خاص بهم و ببلدهم ، لا يملكون ارشيفًا احصائيًا يمكن التعامل معه بالاساليب العلمية ، شعب مجهول و بلد مجهولة و إذ وقعت بلادنا في المشكلات فإنها لا يمكنها طلب الحلول إلا من المنجمين فهم وحدهم يقدرون على التعامل مع المجهول و رؤية ليبيا في دخان البخور و رقعة التخميس ، أما العلم فلا يمكنه مساعدتنا لأنه يحتاج الى المعلومة حول المشكلة لايجاد الحل لها ، و العالم ايضًا لا يمكنه مساعدتنا بدون أن يقيم دراساته العلمية علينا مثلما يقيمها على زمر الحيوانات و الاثار التاريخية في مختبرات مغلقة في وجوه المنجمين و محللي الفيسبوك و التلفزيونات…

مقالات ذات علاقة

اليوم العالمي للغة العربية .. والحالة الليبية المطمح

حسن أبوقباعة المجبري

ضرورة الاحتياط من التاريخ

محمد الترهوني

الفـراغ المـتاح

تهاني دربي

اترك تعليق