كنت قد قرأت رواية “صالح السنوسي” الاولى (متى يفيض الوادي) وانا بأحد سجون ليبيا منشورة في مجلة ليبية، اعتقد انها “الفصول الاربعة” واعتبرتها رواية عربية ناضجة.
وكان الملفت للنظر في تلك الرواية انها رواية كتبها ليبي يعيش في باريس عن “انتفاضة المصرين” التي سماها “انور السادات” بـ(انتفاضة الحرامية) تحفر في مصر بحثا عن اسباب وظروف انتفاضة الخبز تلك التي قمعت بقوة من قبل السلطات المصرية.
كان صالح السنوسي” في روايته الاولى تلك كاتبا متمكنا من ادواته الروائية وعلى معرفة ممتازة بالمجتمع المصري مما يجعل من لا يعرف انها روايته الاولى يعتقد انها ربما روايته الخامسة وانه كاتب مصري!
وظللت بالطبع اتابع اعمال “صالح السنوسي” فقرات روايته (لقاء على الجسر القديم) وهي رواية منفى (بمعناه الوجودي والحياتي) قدم عبرها “صالح السنوسي” آلام واحباطات المهاجرين من العالم الثالت الى اوروبا.
روايات “صالح السنوسي” لا تخرج عن تجربة الرواية العربية المشرقية وتبدو وفية للإرث الروائي العربي بالمشرق، طبعا لا تقل جودة عن افضل ما انتج المشارقة العرب من روايات.
عام 2008 قرأت رواية (حلق الريح) واعتبرتها ولازلت اعتبرها رواية “صالح السنوسي” الأهم، ففيها تتجلى قدرات “السنوسي” على كتابة (السرد الخاص)، حيث يحقق الروائي بصمته الفنية الخاصة ويكتب رواية مفارقة للمنسوخات الروائية العربية.
ينجز “صالح السنوسي” ذلك ليس عبر البناء الروائي الذي نقله المشارقة العرب عن اوروبا ونقلناه نحن عنهم، بل بمساهمة ليبية في البناء الروائي تتكئ على ميراث ليبي كبير من الخرافات والحكايات والملاحم شعرا ونثرا لتكون حلق الريح رواية ملحمية، تقف مع (حرافيش) “نجيب محفوظ”، كمساهمة عربية في فن الرواية العالمية، معمارا ولغة.