صور قديمة مبعثرة
مشاعر فائتة
مواجيد مسترجعة
في قفة الحسرة
كانت معلقة
على جدار التراث الأخير
لن يراها أصحاب
العقول المخدرة
مقاصل الحرف
ومجازر الألسن
شكت صانعي المحبرة
واتهمت الناطقين
بالكلمات المٌسَخَرة
صفحات الكتب البيضاء
مصابة بالبهق
الأقلام السوداء
في سوق النخاسة
من يعشق الوطن
لاتستهويه السياسة
يغمس الوريد في ذرات التراب
يمتص حديد الصمود
يداوي جراحات الوجود
يمسح الوجه المصفوع
برداء أمه
يتقدم ولا يلتفت
يرمي ألمه في أجرف النسيان
يهمس في أذن الوطن
ضمني ودعني أقبل جبينك
ياحصتي من الكون الفسيح
أحبك ……..
يبحث في كنز الجدود
عن تميمة الثقة وحجاب الصبر
يقسم بحفنة تراب وبرفات الشهيد
لسوف نذود لسوف نعود لسوف نجود
أنا السادن السرمد والهزار المغرد
الحائط المطلي بالجير والمطر
سجادة الصلاة والمسبحة
ومصحف الجد ناحية القبلة
الحصير الأصفر يزين خاصرة الدار
الزرابي والنمارق بألوانها المزركشة
تحكي قصة الأمس المزخرف
نخيلك والزيتون
حقول القمح والشعير
ومسارب التين والرمان
المراعي القشيبة
تحتفي بالخضار
وتمجد الأزهار
صاحب الغنم … الراعي
أوقد على الرابية ناره
وأطلق سراح أفكاره
الزقاق المعهود
معبر المارة الكرام
ملتقى الأبواب الستر
الوجوه الطيبة
مرت من هنا
الجدة المعطرة
مهووسة بالجاوي
جلست على العتبة
تنفخ من أنفاسها
في جمرات المبخرة
ضوعت ردائها
وأطلقت الباقي للريح
السقيفة الظل
مهبط الحكاية
ومهجع النسيم
حيث يسكن الفانوس
في صدى الأذان
هناك تتبرج سيدة الجمر
بحمرة اللهب
كانونة الشتاء
فاتنة الصقيع
صحن الدار
يستقبل الشمس
في رواق البزوغ
فيما الوطيس الداخن
ينشر روح الصحو
في دقيق النيام
أرغفة الخبز الأسمر
وإبريق الشاي
غواية القيام
الرِِِشَاء المعلقة
انقدت الدلو الغارق
من أحلامه الرطبة
حملته من أذنيه
ليسكب ماء رأسه
في بطون الجرار
المنضجة بالجفاف
حبل الغسيل
أقدم المصابين بالرعاش
مازال حياً يشرب الدفء
ويبتلع الريح
يسمي نفسه
أرجوحة الثياب
خيالات الملابس
المشدودة من خصورها
تغتسل في حمام الشمس
كوة النور مجللة بسواد
دخان المسرجة
وغدقت بدموع الشموع
رفات عيدان الأنجوج والند
صارت رماد
أرهط الزوار تدعو بالرحمة
للمرابط الحارس
وتنتظر كشف الكرامة
صاحب الحوت
يمخر القاموس
يستودع شباكه
صناديق الرزق
غدا يستأنف
رحلته إلي أبواب
الله صاحب الرزق
سبيل الماء
عند باكية الجامع
يسقي الناس البركة
ويروي ظمأهم للحلال
هناك يجلس
المتسول الجوال
والدرويش المبارك
أطياف روحانية تعيش
للأعطية الأجر والكلمة الصدقة
يحرسان الحي بالدعاء
للأموات والأحياء
طابية الطين المكللة
بالصبار المنصت
وسواقي من العذب الفرات
تعزف الخرير
في جنائن القصب
عصافير الغدير
كفت عن العبث بالماء
وشرعت في الغناء
النول المتصابي
يغازل حسان الصوف
ينسج دون وعي
ودون خيوط
من فرط الانتشاء
بعطر الحناء
ياموطن السحاب
وغارك المطر
لن تبلى الواح الهناء
ولم تقهرك مسامير النكد
لحافك الفرح القديم
ودثارك الفرج السعد
هم من يغشاهم السديم
ويطويهم السراب
من سفكوا الدموع
وخربوا الأعشاش
وكبلوا فيك أرواحا طليقة
يا وطن الطيور العريقة
كالطود باذخا بالمجد
طالت مآثرك القمر
اليوم يدعوك قدر البزوغ
وبرجك السطوع
يا فسحة الأرض البلد
حفي الشمس
ضمختك القرون الفوات
بالآس والظيان وأرج كباء الأمهات
رصعتك سواعد الزراع
بالقنوان المبارك
مباركا أنت بتسابيح الجدود
كرامات كل العهود
أدفأتك مسارد الشمس
فلم تخبو فيك مقابس النور
ولم تنطفئ فينا جذوة عشقك
الموقدة من ألقك …
يا حصني الجميل
أحميك
أنثر أسمك في الفضاء
أنظر صورك في داخلي
أذود عنك من النسيان
بصوت الهتاف
في أذن الكيان
منك أستصدر الهوية
وأنت هويتي يا ذاتي
أغريت قراطيسي
يشربك قلمي
يا حبري