استطلاعات

الفصول الأربعة تسأل: لماذا عجز الأدباء والكتاب الليبيون عن تنظيم أنفسهم، وإعادة رابطتهم، وخلق صوت موحد لهم؟

الفصول الأربعة تسأل:
لماذا عجز الأدباء والكتاب الليبيون عن تنظيم أنفسهم، وإعادة رابطتهم، وخلق صوت موحد لهم؟ وكيف هي السبل لتجاوز هذه الأزمة؟

استطلاع: خالد درويش

كثيرة هي المحاذير التي تستوقفني حال التعامل مع أدباءنا الكرام، ومثقفينا المبجلين ولكنني وبحكم عملي في عديد الملاحق الثقافية والصفحات الأدبية واحتكاكي المباشر بهم جعلني أستوعب تلك الحالة التي تحتاج مني إلي صبر وافر وكظم للغيظ كي تنجز الصفحات وتمتلئ السطور بإبداعاتهم المتألقة، فلويت عنقي وألقيت على عاتقي بمهمة أن أزورهم في بريدهم الإلكتروني وفيسهم وانستجرامهم وأن أبعثر خلواتهم برسالتي هذه التي حملت سؤالين اثنين عن عجز الأدباء والمثقفين في تنظيم أنفسهم ولم شتاتهم وتكوين وحدة لهم ومكان يجمعهم وصوت يعبر عنهم في اتحاد يصنعونه ويكون لهم اتحادا وقوة، منبر يطلون من خلاله
 

ولم أنس تلك التركة الثقيلة لرابطة الكتاب وما حدث بشأنها ومن خلالها ولها، وكانت جولات في هذا المجال لا مجال لذكرها، لكن مضى زمن النظام الجماهيري البديع منذ ثمان سنوات أي ولايتين اثنتين لرئيس أوروبي ومضى من كان يقف في طريق حرية الكتاب وإبداعاتهم ومؤلفاتهم وأفكارهم التترى ومؤلفاتهم البديعة وصوتهم الذي كان مبحوحا مجروحا مخنوقا، بعض من ارسلت لهم سؤال هذا الاستطلاع تلكأ كثيرا ولم يرسل ردا ولعل المانع خيرا وأكثرهم جعل من الأستاذ “خليفة احواس” عقبة في سبيل مشاركته فوجوده غير شرعي على حد قولهم، واستحالة ان نكون في موقع يشغله ولست أدري لماذا صبروا عليه 8 سنوات، والبعض أحال الأمر إلى فبراير ونكبتها وأنها هي سبب البلاء والبعض اعتذر بمشاغله اليومية والبعض كتب لي: خررررف أما رابطة وأما مثقفين. وأنا شخصيا أشاركه الرأي ولكنني مجبر على السير في الطريق حتى نهايته أي حتى يكون للمثقفين الليبيين (اتحادهم) وأعني: اتحاد الكتاب الليبيين.
لقد اتصلت بأكثر من أديب (وصل العدد إلى 56 مثقف وكاتب) يهمهم الشأن العام ومحسوبون على الثقافة ولكن من بين كل هؤلاء اهتم للموضوع  16فقط ووصلتني إجاباتهم وردودهم المشكورة وأنا إذ أحييهم فإنني أعترف بفضلهم علي وجميل وصالهم الباذخ فها هي آراؤهم وتشخيصاتهم لموضوع الرابطة وموقف الكتاب وغيابهم وغياب الموقف والصوت. ويبقى الأمل مستمرا.

مجلة الفصول الأربعة العدد 119.
مجلة الفصول الأربعة العدد 119.



خالد نجم: أعتقد أن الكتاب انفصلوا عن الواقع بإرادتهم لترفعهم عن المشهد القائم و لصراع السياسي الذي أدى بالبلاد لما هي عليه، وبالتالي هم يَرَوْن أن دخلوهم في أي تجمع بِسْم الرابطة أو الاتحاد ربما يجرهم الي الانحياز السياسي و بتالي يتم الاصطفاف مع معسكر ضد معسكر لذلك اخذو خطوة للخلف  احتسبت عليهم و كائنه موقف سلبي مما يحدث ويعتقدون ان دخلوهم في هذا الصراع حتى بالرأي ربما يشوه المشهد الثقافي والأدبي،  رغم العديد من المحاولات للتجميع لبناء رابطة واتحاد ولكن عزوف الكثير أدى بيها الي توقف هذه المبادرات عند الاجماع عليها وأخذت موضع الشخصنة. أما بالنسبة لصناعة واقع جديد نحتاج الي إرادة فعلية  لكسر حاجز السلبية والولوج الي الواقع المعاش ربما لتخفيف واقع هذا الصراع والمساهمة في لملمة الشتات وبناء اتحاد للكتاب قوي عليه الاجماع والتوافق  ومبني على مشهد ثقافي حقيقي وفعلي بعيداً عن المزايدين والنفعيين.

عبدالله زاقوب: ليس خافياً على أحد المدى الذي وصلت إليه الأمور والوقائع، ومن ثم التداعيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، على الأرض، وما نجم عن ذلك من انشقاقات وصراعات مناطقية، أثرت بشكل ملحوظ على كافة المستويات، الأمر الذي حدا بمعظم الأدباء والكتاب إلى الناي بأنفسهم عن هذه الصراعات البلهاء والمميتة. وإن كنت أرى غير هذا، فقد أعلنت ذلك ونشرته أكثر من مرة، على صفحات التواصل. وألخص ذلك في. .ضرورة التقاء الأدباء والكتاب لإشهار اتحادهم واختيار هيئته الإدارية.

جمعة عبدالعليم: بداية أعتقد أن الخطوة الأولى في إعادة تأهيل الرابطة هي التئام مؤتمر جامعا للأدباء والكتاب أكثر من مرة وفي أكثر من مدينة ويحبذ أن يكون ذلك على هامش مهرجان للشعر أو للقصة القصيرة أو للمسرح. .بحيث يمتزج العمل مع التنظير وتتبادل الآراء وتتحد الخطى لأجل مناخ أدبي موحد يحيل إلى مشهد وطني موحد فالأدباء أولى بقيادة أوطانهم نحو الوحدة والتطور والإنتاج..
أما لماذا عجز الأدباء والكتاب الليبيين عن تنظيم أنفسهم وإعادة رابطتهم وخلق صوت موحد فأعتقد أن ذلك يعود للأسباب التالية:
أولا: حالة الفوضى التي نتجت عن أحداث 2011  وما تلاها من أحداث متلاحقة لم تزل مؤثرة سلبا في جميع نواحي الحياة.
ثانيا :الرقعة الجغرافية الواسعة وصعوبة التواصل..غياب التمويل وعجز الأدباء والكتاب عن توفير متطلبات حياتهم اليومية ناهيك عن السفر والتواصل والحوار..
ثالثا: سيطرة القوى العسكرية على الحياة السياسية والاجتماعية وتراجع أهمية المثقفين في مجتمع يدور فيه الحوار عبر فوهات البنادق..
رابعا: غياب المبادرات الجامعة للصوت الثقافي الليبي إذا استثنينا تجربة الشاعر “مطاوع” في تجربة شمس على نوافذ مغلقة.. وتجربة حواء القمودي في أنطولوجيا قصيدة النثر الليبية..
خامسا سيطرة القوى الظلامية ومقاومتها لتيار التنوير والتضييق عليه.

إبراهيم الامام..: ربما اصطف الكتاب والأدباء في المشهد الراهن ما جعل من اجتماعهم لتكوين رؤية موحدة صعبا واجتماعهم امرا صعبا
 الاجتماع ضرورة وليس من باب الترف.. الادب الذي ﻻ يؤثر في الوعي الجمعي لا حاجة لنا به.. على الكتاب الاحتماع لوضع رؤية جديدة لدور المثقف والكاتب.

نوري عبدالدائم: ربما الإجابة على هذين السؤالين.. يكمن في عدم اجتماعهم..

فرج العربي: أخي الشاعر خالد درويش.. اقدر دائما حماسك واهتمامك وحرصك على مشاركة الجميع في الهم الثقافي الليبي الذي يجمعنا وكذلك الدعوة الكريمة للمشاركة في الاستطلاع حول وضع الرابطة.. ويسعدني أن نتعاون معا ولكن نظرا لظروف خاصة اعتذر عن المشاركة… مع تمنياتي لك وكل الزملاء بالتوفيق والنجاح.. أكرر شكري الجزيل مع تقديري واحترامي ومودتي دائما

عزة المقهور: بالنسبة للرابطة، طالما أن مجلة الفصول الاربعة قد بدأت العمل بقوة وثبات فإنني اقترح حلا عمليا وهو ان تجهز وترعى لمؤتمر يضم الكتاب والادباء الليبيين يخرج بلجنة تسييرية وبتوصيات لتنفيذها. الوضع الحالي والانقسام السياسي ليس عائقا وقد اعطتنا هون ومهرجانها الأمل. ناهيك عن ان التكنولوجيا رحيمة بنا رغم جغرافيتنا الشاسعة ضف الى ما ذكرت ان المتوقع هو دور للكتاب والادباء من الشباب  عليهم ان يبادروا وان يجمعوا الاباء منا.
علينا ان لا نتوقع انفراجا في الوضع السياسي القائم الذي اصبح رهينة بالقرار الخارجي / الاجنبي والدولي.
علينا ان نحافظ على تماسكنا من خلال نسيجنا الداخلي واهم عقد هذا النسيج الادباء والكتاب الليبيين.

محمد المزوغي: كانت هناك رابطة أدباء وكتّاب وكانت هناك مجلة الفصول الأربعة ومجلة لا  وكانت هناك مهرجانات؛ مهرجان المدينة الثقافي ومهرجان الحريّة للشعر العربي كان هناك الكثير من الأنشطة التي تقوم بها أو تشرف عليها رابطة الأدباء والكتّاب ثم تدخلت السياسة فأفسدت كل شيء  اشُترطت شهادة الخلو من السوابق لإقصاء مجموعة بعينها تمّ التدخل في آلية عمل الرابطة وتنظيمها  عُمِل بمبدأ الولاء  فانهار كل شيء ووافق هذا هوىً في نفس الكاتب الليبي الذي يميل إلى العزلة والتواري بطبعه فتحولت الرابطة إلى مجرّد شكل لا مضمون حقيقي له كيف نتجاوز كل هذا وكيف نحاول النفخ مرّة أخرى في ما تبقى من رماد؟ أظنّ الوسيلة الوحيدة هي الحوار ثم الحوار ثم الحوار  لا أحد يُقصى  لا شلّة تستحوذ وتهيمن على كل شيء  لا إدانات مسبقة  الالتفات إلى المبدعين الشباب وإدخالهم في الخضم  والأهم أن يكون في قلوبنا قبل كلماتنا شيء من الحب وقليل من النوايا الحسنة  ورؤيا أبعد وقراءة جيدة للواقع المزري الذي نعيشه والذي يتطلب توحيد الجهود والتغاضي عن كثير من الحسابات الشخصية والحساسيات من أجل وطن هو بحاجة إلى كل أبنائه في محنته العظيمة هذه وبالأخص المثقف والأديب  الذي ينبغي أن لا يطول غيابه.

جمعة الفاخري: أنا لا أرى خلافاتٍ بين الأدباء والكتاب الليبيين.. كل ما في الأمر هو كسلٍ طويلٍ، أو حالة من اللامبالاة اعترت المعنيين بالأمر أقعدتهم عن القيام بمهامهم.. وبإمكانهم الآن إعادة تنظيم رابطتهم، ومواصلة العمل من أجل الحضور الأدبي الليبي تمثيلاً وإدارة فيك كلِّ المحافل. وبعد كلِّ هذا الوقت المهدور.. وخسارة التمثيل اللائق بليبيا وأدبائها، على الأدباء والكتاب الليبيين الشعور بالمسؤولية لتدارك ما فات.. وإصلاح الأخطاءِ.. واختيار الأفضل للقيام بمهام إنقاذ سفينة الرابطة المترنَّحة وسط موج الإهمال، وينبغي العمل على مستوى القاعدة باختيار ممثَّلي فروع الرابطة بكل مدينة، ومن ثمَّ اختيار الأمانة العامَّة.. دون محاصصة، وإنما بالنظر للخبرة والكفاءة.. وإعطاء الفرصة لوجوه جديدة يمكنها العمل المنجز خدمةً للمشهد الأدبي الليبيِّ.

فتحي نصيب: كيف السبيل الى تجاوز هذه الازمة؟
 اولا أن يسعى الادباء أنفسهم الى اعادة تنظيم الرابطة وعدم التعويل على اية جهة رسمية وذلك من خلال جمع التبرعات او البحث عن جهة اهلية داعمة في البداية على الاقل.
 ثانيا ان تعقد اجتماعات في كل المدن والمناطق التي يتواجد بها عدد من الكتاب وكذلك الكتاب الذين خارج البلد تمهيدا لعقد اجتماع عام موسع ينتخب اعضاء جدد لتسيير الرابطة.
 ثالثا الاتفاق على اصدار ميثاق شرف للرابطة بحيث تكون اشبه بالنقابة التي تدافع عن الاعضاء وان تكون رابطة جامعة لا مفرقة سياسيا او جهويا وذلك بهدف أن يشعر الجميع بالانتماء الى جسم يمثلهم فعلا دون الارتباط بأية توجهات تعرقل عمل الكاتب.
رابعا إصدار بيان بشأن الترشيحات والايفاد الى المحافل والمناشط الخارجية أن تناط الى الرابطة هذه المهمة وليس الى وزارة الثقافة.
خامسا لتحقيق النقاط السابقة يتم الاتفاق على إصدار بيان عام يسجل به الكتاب والادباء ليكون قوة معنوية يمكن من خلاله ان تفرض الرابطة وجودها على ارض الواقع وتحقيق الامل بإعادتها الى الوجود

خالد المغربي: العجز سببه تناقضات المشهد العام سياسيا واجتماعيا ليس الأدباء فقط من عجزوا عن تنظيم أنفسهم هم جزء من فوضى الأمر الواقع التي حدث لسبب أو لآخر.. كل الشعب الليبي عجز عن تنظيم نفسه بسبب تناقضات ما حدث وهذه التناقضات تتمثل في الهوة بين مطالب التغيير وآليات التغيير التي حدثت عام 2011.
إن الأدب رسالة سامية في مجملها ترتقي بالمستوى العام ولكي يرتقي الأدب بذائقة العامة لابد وأن يرتقي من يسمون أدباء إلى المستوى الحقيقي لمفهوم الأدب ألا وهو المصداقية التي هي أساس نجاح كل عمل، فقدان المصداقية في الرسالة الادبية عزز من تمكن تناقضات المشهد وتأثيرها السلبي على الأدباء مما جعل بعضهم يجد في الانسياق والاندماج في المشهد الليبي الجديد بهذه التناقضات إساءة لنفسه ولثوابته الوطنية الرافضة لآليات التغيير التي حدثت مهما حاول إقناع نفسه بضرورة التغيير يجد نفسه قد ألزم ببشاعة آليات وكيفية ذلك التغيير بالابتعاد مما جعل المشهد الأدبي بعد أن دخلت عليه أصوات جديدة اندمجت مع التغيير الجديد بعقلية ذات اتجاه واحد في سياق ذلك التغيير مسفهة كل ما كان قبله بل وحتى الشخصيات الادبية المخضرمة التي كانت مندمجة في المشهد العام للنظام السابق وكانت جزء منه تخطت كونها جزء من سلبيات المشهد قبل2011  إذا جزمنا بسلبيته فهي قد كفّرت ما كانت أداة من أدوات الدعوة له وعندما تغيرت معطيات التغيير نحو الأسوأ اتخذت مسارا حياديا وتخلت عن دورها وعن رسالتها وعن أهمية مصداقيتها تجاه الواقع قناعة منها بأنها جزء لا يتجزأ من تناقضات المشهد وفشله العام وهنا يكمن العجز.. فمن عجزوا عن جعل رسالتهم الأدبية جزء مهما من تسيير دفة الأحداث لتكون الامور نحو كل ما يعزز دور الادب في التمسك بثوابت الامة أي ثوابت عظمة اللغة التي يصعدون من خلالها سلم الادب.. للأسف جعلوا هذه اللغة سلما يصعد به اعداء الامة على أمتهم..

الصديق بودوارة: كنت سعيداً بهذه السطور التي وصلتني عبر خاص الفيسبوك، وذلك لأني استشعرت فيها رائحة مطر قريب، مناخ رطب دافئ ربما سيخلق لنا بعضاً من ربيعٍ طالما تمنيناه وحلمنا به.
سعدت  برسالة صديقي الشاعر ” خالد درويش”، مبدع تلك القصيدة التي أيقظت فينا ذات يومٍ شعوراً رائعاً بالفخر، قصيدة ” أنا الليبي متصل النشيد “،التي سمعتها منه للمرة الأولى في معرض الكتاب الدولي في طرابلس وبالتحديد في فندق الواحات ذات سنةٍ لم أعد أعرف الآن كم مضى على مرورها من سنين.
حسناً، سأبدأ الآن في الاستجابة لهذه الغيمة المتخمة بمطر التواصل من جديد، وسوف أبدأ من السؤال الأول مستمتعاً بالكتابة في مواضيع هي الأفضل والأروع من غيرها بطبيعة الحال.
(لماذا عجز الأدباء والكتاب الليبيون عن تنظيم انفسهم وإعادة رابطتهم وخلق صوت موحد لهم ولماذا لم يجتمع الأدباء الليبيون لتحديد مصير رابطتهم؟ (
الجواب هنا مفخخ، تماماً مثل السؤال، فالأديب الليبي ليس كائناً هبط من المريخ لتوه، إنه ابن هذه البيئة، ووليد هذه الظروف، ونتاج هذه المحلية المغرقة في انغلاقها على حدودها القصوى من مساعد إلى رأس جدير.
وباستثناء الأدباء والكتاب المرتزقة، الذين اعتادوا تسول سفرياتهم وسهراتهم من هنا وهناك، من عاصمة قريبة أو أكثر بعداً عنها بقليل، ولا يهم الموقف، ولا يعني ماء الوجه، مادامت الاقامة مضمونة وماء الشراب وفير.
باستثناء هؤلاء، يظل الأديب الليبي داخل حدود الوطن رهينةً للوضع الداخلي المتأزم، هذا الوضع الذي انفجر فجأة على خلاف تؤججه خلافات الدول الأوربية التي لم تتفق بعد على حلٍ واحد بخصوص المشكلة الليبية، وبانتظار أن يتفق “الخواجات”، سوف يظل الداخل الليبي ملتهباً كجمرةٍ في موقد.
الأديب الليبي لا يستطيع أن يخرج من هذا القمقم يا سادة، إنه رهين محبسين، تماماً كما كان أبو العلاء المعري ذات يوم، فلا هو سياسي يملك أن يلون مواقفه ويستبدل ولاءاته كما ترغب الظروف، ولا هو مقاتل يمتلك سلاحه الذي يدفع به غائلة الاعتداء عن بدنه ورزقه وأسرته.
عن أي صوت موحد يتحدث السؤال؟ وقد أصبحت البلاد مقسمةً فعلياً إلى ثلاث دول؟ وإن لم يُعلن ذلك على رؤوس الأشهاد، للشرق موقفه، وللغرب موانعه، وللجنوب معاناته مع الاجتياح والتدخل والعبث.
هذه هي الحقيقة التي لازلنا نكابر في الاعتراف بها، أننا لسنا دولةً واحدة أيها السادة، وهذه ليست دعوة للانفصال، بقدر ما هي قراءة للواقع.
وفي ظرف كهذا، كيف يمكن لما أن نتصور رابطة واحدة، وكيف يمكن أن نطلب من أدباء ليبيا أن يعلنوا موقفاً واحداً، قبل أن نتأكد من أنهم فعلاً على نفس الموقف؟
هذه المرحلة يا سادة تختلط فيها السياسة بالثقافة بالأدب، ومن اختار منا نحن الأدباء أن ينأى بنفسه عن إعلان موقفه، سوف يظل غريباً في منفاه، وسط ضجيجٍ ما آن له أن يصمت بعد.
ولكن، هل هذا كل شيء؟
سأفاجئكم الآن بأني لست متشائماً إلى هذا الحد، بل أني أطالب بتجمع كبير وحاسم لأدباء ليبيا، نعلن فيه موقفاً واحداً بخصوص تشكيل رابطة موحدة، ولكن، هل يمكن أن نعلن موقفاً واحداً بخصوص إنشاء رابطة واحدة بدون أن نعلن موقفاً واحداً من ما يجري في البلاد؟
هل يستطيع الأدباء الليبيون فعلاً أن يعلنوا على الملأ موقفاً واحداً مما يجري؟ وهل موقفهم فعلاً هو موقف واحد؟
سأنتظر الجواب، ولن أمل الانتظار.
السؤال الثاني هو:
كيف هي السبل لتجاوز هذه الأزمة والمرور إلى صنع واقع غير هذا الواقع المتشرذم للكتاب والمثقفين الليبيين الذين لا يمثلهم إلا السيء أو الأسوأ في المحافل الدولية نتيجة غياب الفاعلين منهم والانقياء.
والجواب هنا سيكون مؤلماً كالسؤال، فالكتاب الليبيون فعلاً لا يمثلهم الآن سوى الأسوأ، والسبب هو أن هؤلاء) الأسوأ (هم الذين تناغموا مع النتاج السياسي) الأسوأ) بدوره، فالمؤسسات السياسية التي أنتجتها مرحلة ما بعد فبراير كانت مؤسسات كارثية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وهذه لم تتكرم على المشهد الليبي إلا بالفاشلين الذين استدعوا بطبيعة الحال الحالات الشاذة من الكتاب والمثقفين الذين تسولوا مواقعهم كما أشار السؤال، وأصبحوا ممثلين دائمين للغالبية الشريفة من الأدباء، هذه الغالبية التي تتوارى الآن في الظل احتراماً لأدميتها على أقل تقدير.
ولكن، يبقى السبيل رهيناً بخروج البلاد من مأزقها السياسي، أو باقتناع المسؤول السياسي بشرعية ” السيرة الذاتية “. وهو اختراع بسيط كان من شأنه لو تم الأخذ به أن يجنب البلاد شر تصدير نماذج سيئة وتصدرها للمشهد الثقافي كما يحدث الآن.

عبدالله الماي: ما اعرفه عن رابطة الكتاب في ما مضى انها مسلوبة الارادة و لا تستطيع القيام بدورها الحقيقي وهو مناهضة النظام السابق والوقوف في وجه المظالم التي جاء بها, رغم انها قامت بدورها الثقافي في اقامة المنتديات و المهرجانات والمحاضرات، ولكن الآن نرى ان دورها الحقيقي يمكن لها ان تمارسه اذا تم انتخاب لجنة لتسييرها بعين العقل المبصر لا بعمى العاطفة ولك كامل ودادي

أحمد البخاري: أن شكل ما يعرف برابطة الكتاب الليبيين هو شكل تقليدي كلاسيكي لا يوجد إلا في الدول السلطوية والبوليسية.. فهل سمعت برابطة الكتاب الأمريكيين.. وهل سمعت باتحاد الكتاب الألمان.. لا يوجد لسبب بسيط.. هو أن حرية إنشاء الروابط هو حرية فردية والدولة غير مسؤولة عن اتحاد أو رابطة واقتران الدولة أو تمويلها أو اتصالها بهذا الشكل يعني السيطرة التمويل المحاباة المحسوبية وحسابات أخرى للولاء والتوجيه..إذن اتفقنا أن كل شخص أو مجموعة لهم حرية تشكيل رابطة أو اتحاد أو تجمّع.. ولا يمكن بحال من الأحوال توحيد الأضداد فللكتاب توجهات مختلفة سياسية وفكرية وحتى كمدارس أدبية.. فلا يمكنك تجميع اليسار مع اليمين مع الخضر مع الحمر.. فلكل مجموعة من الكتاب أيدولوجيتهم وأهدافهم التي يدافعون لها والتي يتفقون من أجلها أو يعملون عليها..تقول أننا نريد رابطة تجمع الكل للدفاع عن حقوق الكاتب بشكل عام.. وللتمثيل الموحد للدولة.. بالنسبة للشأن الأول فيمكن بعد أن تكون كل مجمعة من الكتاب روابطها أو اتحاداتها أن تجتمع فيما بينها وتتفق على مبادئ عامة للدفاع والضغط.. وهكذا سيكون العمل أسهل.. أما عملية تمثيل الدولة.. فكما قلت.. من المفترض أن ينتهي هذا التقليد البالي.. الدولة يمثلها الناجحون بأسمائهم وليس من اشترت ولائهم.

عبد الفتاح البشتي: كل ما آمله ان تتكون الأمانة منكم انتم الشباب ذلك ان جيلنا والذي قبلنا (مضروبين) اَي صلاحيتهم منتهية اذا كان مش كلهم فأغلبهم ولا أقول لكم الا كما قال جوته: كن رجلا ولا تتبع خطاي , وفي هذه الحالة خطاهم

أيوب عمر قاسم: إن عجز الأدباء والكتاب الليبيون عن تنظيم أنفسهم وإعادة رابطتهم وخلق صوت موحد لهم هذا راجع إلى التركة الثقيلة، والإرث الثقافي الموروث من النظام السابق المبني أساساً على فرق تسد، وعلى صنع أبواق ثقافية، وليس أصواتاً أدبية، وواقعاً ثقافياً حقيقياً تبنى عليه ثقافة شعب وميراث أمة، ويصنع مناخاً صحياً يجمع المثقفين ومن بينهم الأدباء والكتاب للارتقاء بالثقافة وخلق الوعي المجتمعي وربط جسور التواصل بين الماضي والحاضر للمضي نحو المستقبل بزاد ثرّ وارضية صلبة يقف عليها المثقف والأديب والكاتب وكل مبدع بثقة واعتزاز وبروح فريق تشده إلى الوطن وإلى النخبة المثقفة للارتقاء بالجموع والالتقاء بها لما فيه رفعة الوطن والمواطن والسير نحو غدٍ افضل وأبهاء..
ولهذا لا يستغرب ما نلقاه من تشظي وعجز وعدم القدرة على تنظيم الذات سوى الاتفاق على خطاب موحد وسطي النبرة وذي أهداف واضحة وجلية متفق عليها تتعلق بقضايا الوطن العليا، وتتبنى بناء الإنسان والارتقاء به وتعبر عن أحاسيس وأفكار الأديب والكاتب، وتنطلق من رؤية الأدب كمنبر إنساني وقيمي يعبر من خلاله نخبة محددة من البشر على لوعج الإنسان وتجليات الحياة في داخله وفكره.
أما لماذا لم يجتمع الأدباء الليبيون لتحديد مصير رابطتهم؟
فهذا حسب رأي يعود لعدة أسباب أهمها:
1- الانقسام السياسي وتهافت الكثير من الأدباء والكتاب واصطفافهم مع هذا الطرف او ذاك وهذا يصعّب عملية اجتماع الأدباء والكتاب واتفاقهم على رؤية موحد، ورابطة واحدة؛
2- الوضع الأمني المضطرب وتواجد مجموعات متناحرة وذات أيديولوجيات متضاربة وفكر متعصب تجعل من الكلمة الحرة والمستقلة وذات اتجاه إنساني وفلسفي وجمالي وقيمي محدد أداة غير مرغوب فيها بل تجرّم أحياناً، وبالتالي يغدو كاتبها تحت الفوهة مهدداً في حياة وغير أمن عند التعبير والراي..
3- الكثير من الأدباء والكتاب رغم أنهم اصحاب اقلام وأفكار تجدها نيّرة ومبدعة إلا أنها لا تزال ترزح تحت أعباء القبيلة والجهوية والطائفة وغيرها ولا تستطيع أن تعمل خارج مظلاتها، وربما ظهر عند بعض هؤلاء انحراف في النهج والتفكير باتجاه كل ذلك لدواعي الخوف او الطمع او الاصطفاف..
4- عدم وجود جهة ثقافية وأدبية رسمية قوية وموثوق فيها، وتعبر عن كافة الأدباء والكتاب في كامل ربوع الوطن، وهذا يصعّب عملية اجتماعهم وتلاحمهم وتوحدهم على جسم اعتباري يمثلهم لشدة الاصطفاف الجهوي والفئوي على حساب القيم العليا للكلمة والأهداف السامية للأدب التي غدت في هذا الخضم – وفق تنظير خصوم الكلمة والأدب – ترف وعالم برجعاجي لا يمت للواقع بصلة..
5- غياب الأدباء والكتاب، والمناشط والمنابر الأدبية عن الساحة طوال السنوات الماضية أوجدت منابر عملت بشكل سلبي على الوسط الثقافي والادبي وزادت من الفجوة بين الأدباء والكتاب – خاصة أولئك الذين ينهجون نهج الاستقطاب والاصطفاف – من جهة وبينهم وبين المتلقي، الذي كان من الأصل كسيحاً وكثير العلل..

مفتاح قناو: انا مع عودة الرابطة حاليا بشكلها القديم كرابطة للأدباء والكتاب، على أن ينعقد مؤتمر عام للرابطة ويناقش عودتها تحت تسمية اتحاد الأدباء والكتاب الليبيين، لأن القانون الوحيد الذي صدر في السبعينيات هو قانون إنشاء اتحاد الأدباء والكتاب الليبيين، أما الرابطة فلم يصدر لها قانون خاص بل تم دمجها في البداية مع نقابة الفنانين تحت مسمى الرابطة العامة للأدباء والكتاب والفنانين، ثم انقسم الكيان ليكون رابطتين الأولى للأدباء والثانية للفنانين، وتم تجاهل القانونين الخاص باتحاد الأدباء والكتاب و الخاص بنقابة الفنانين، والصادران عام  1976م… وأن تقتصر العودة في المؤتمر الأول على الاعضاء حاملي بطاقة العضوية القديمة والمسجلين في سجلات الرابطة، وبعد انتخاب مجلس إدارة جديد للاتحاد، يشكل مجلس الإدارة لجنة لقبول الأعضاء الجدد ممن تتوفر فيهم الشروط المكسبة للعضوية.

____________________________
مجلة الفصول الأربعة العدد 119 – ديسمبر 2018.

مقالات ذات علاقة

ناشرون ليبيون: تزوير الكتب تحول من مشكلة إلى ظاهرة مرعبة

المشرف العام

كل موجة عنف تعصف بليبيا يدفع الصحافيون جزءا من ضريبتها

المشرف العام

ترجمة القصائد بين الاقتراب والاغتراب

منى بن هيبة

اترك تعليق