في كتابها “الرحلة الأصعب” تتحدث الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان في سرد لسيرتها الذاتية منذ عشية حرب الأيام الستة أو ما عرف بالنكسة (يونيو 1967م) والتي التهمت فيها اسرائيل الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة وسيناء والجولان، راسمة ملامح الهزيمة الكبرى والمرارة التي عاشتها مدينتها (نابلس) غداة اجتياحها من قبل الجيش الإسرائيلي.
كما تتحدث عن بداية لقاءاتها بالشاعرين محمود درويش وسميح القاسم داخل الارض المحتلة والمعاناة التي كانت تكابدها لتستطيع نشر قصيدة أو أن تحصل على مطبوعة أدبية سواء صحيفة أو مجلة نظرا لإغلاق جيش الاحتلال أي منفذ يمكن لشعاع ثقافي عربي أن يعبر منه أو أن يتصل من خلاله مثقفو الداخل المحتل بالخارج.
تروي فدوى طوقان قصة قصيدتها التي يبدو أنها اثارت جدلا واسعا حينها في الأوساط الصحفية الاسرائيلية وكان عنوان القصيدة (آهات أمام شباك التصاريح )، و تورد في سياق ردها على ذلك مقتطفات لقصائد متطرفة لشعراء يهود امثال ابشلوم كور و افرايم تسيدون.
كما تتطرق للحديث بشجاعة عن صداقة اقامتها مع بعض اليهود الذين كانوا ينادون بضرورة منح الفلسطينيين حقوقهم ومن بينهم الشاعرة راحيل فرحي والمحامية فليتسيا لانغر وتنشر مراسلاتهما البينية.
غير أن أهم لقاءاتها في تلك المرحلة ( وربما في حياتها) كما يبدو في الكتاب كان مع موشيه دايان (وزير الحربية الإسرائيلي آنذاك) الذي التقته مرتين الأولى كانت في منزل دايان في احدى ضواحي تل ابيب والثانية في فندق الملك داوود في القدس، و لقائها الفارق مع الرئيس جمال عبد الناصر في بيته. وفي هذا الصدد أرجو ممن يقرأ هذا المنشور ألا يلقي باللائمة أو يصدر احكاما مسبقة على الشاعرة المناضلة على الأقل حتى يقرأ كتابها حيث تشرح فيه تفاصيل وملابسات تلك اللقاءات.
ترصد فدوى طوقان أيضا في كتابها نشاط المرأة الفلسطينية عقب الاحتلال مباشرة من خلال انخراطها في حركة المقاومة ومن خلال الجمعيات النسائية والاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، وتذكر عدة اسماء لمعتقلات فلسطينيات من مدينتها نابلس في سجون الاحتلال في تلك الفترة من بينهن:
عبلة طه
لطيفة الحواري
وكذلك الشقيقات الثلاث (سعادات و رندة و هبة ) ابراهيم النابلسي ، واللاتي صدر قرار من سلطة الاحتلال بنسف بيتهن.
كما تورد رسالة مهربة من السجن وهي مشحونة بالشجن والعذاب النفسي والجسدي كتبتها رندة النابلسي لشقيقتها تصور فيها معاناة المرأة الفلسطينية داخل المعتقلات واصرارها على الاستمرار في الكفاح مهما طالت المعاناة.
واليوم وبعد مرور 52 سنة على النكسة مازالت المرأة الفلسطينية تعطي قضيتها كل ما تملك وتدفع في سبيل ذلك النفس والنفيس ،، فتحية لها ولنضالها المتواصل.