.
وكان من زمان
في سنة التكوين .. كل ما يكون
إذ تغرق العيون في الحنين
وتولج السنين حسها بخاطر السنين
وتطلع الأعشاب من مرور طفلة ضحوكة
وتعشق المياه في الكؤوس ما في زرقة البحور
ويرسل الصباح ألف مركب مجنح .. إلى الجفون .. والغصون .. والدروب والخدور
ويغرق الذباب في الطنين
.
أظل أحكم الذين أحكموا المقال
بالصحائف السخية الأطراف رأسه
وهزه بلا انفعال
وسحب الكلام في انحدارة جليلة
من دون عون من يديه أو مساعد – تراه عين –
مستبشراً
مدى استطالة انحداره على اللسان
مطيباً بطيب الأنباء
مسارح الإصغاء
منتبهاً لأيما تلفت
ملاحقاً نسائم الشرود
لكي يضمها إلى شهيقه بقدرة
محاذراً دخول شبهة إلى كلامه
مكبلاً طيور زرقة ملولة الجناح .. في ضنى التحسس الممض
والتململ الرزين
متكئاً على وثارة التحدث المكين
ليدفق المواعظ المذخورة الأجسام مثل اللوز في الحكاية الطويلة:
..
تبختر الطاووس في سمو كبرياء
..
بالأمس كان محض ضفدع
وكان ياما كان
ينق بين جندب وضفدعة
وحاله كحال أي كائن .. بنفسه الجوعانة .. الشبعانة .. الفرحانة .. الملوعة
يلاحق الأحلام كي تطوف حوله
ويلحس الذباب
..
ومن يظن أن هذا الحال لا يزول عن سكونه الطويل
يكون واهماً .. وجاهلاً .. ومظلم الخيال
ومغلق الجمجمة .. الجمجمة اللعينة
..
من قال أن كل ضفدع يظل
على مدار عمره – إن طال أو ما طال – ضفدعا ؟!
ألا يجوز أن يصير المعدن الرديء معدناً
تقصده النساء في توله
ويعتلي منصة العملات والمعادن الرفيعة ؟!
**
فثم من له خيال
يرى الذي يراه صالحون في المنام
وما يراه الشاعر الذي تمر من لسانه بأعرق الذي بليله من خالص الزمان .. قهوة .. بها تحرق النهار بعدما طوى بحلقه اختلاجة من الضياء ..
ذوبت شقاء من حزن
وحس من مشى وصدره مشعشع
بصدح أن سيلثم الغداة جبهة النهار فوق أول ابتسامة تبثها
على سمائها التي تنام فوق هدبه الندي نجمة الصباح
..
ومن دعت لطفلها بأن سيصنع الزمان منه كوكباً .. يضيء في زحام منشدين
غدائراً من اللحون
بكل صدر من صدورهم حمامة .. تفوق ما تضمه ذخائر الظنون
لها في طوقها علامة الحنين .. تدورت من وقفة عتيقة بهيكل المحن ..
وسحت الكروم في نشيدها
وأقلعت .. وسافرت ..
وطالعتها في تعجب عيون عالم يرق إذ يرى ..
فيرسم العلامة التي رأى .. على هوائه .. ( وطن )
..
وثم شاحب الدماء .. رقرقت .. في جدول .. وقال من تدفقت من صدره
في آخر الوقوف .. آه .. إنني أصير نخلة .. كما منارة .. بل جبلاً ..
وإنني أضج مثل أعذب الملاحم .. التي تقال .. ليت أمي .. حينما ترى تضرجي
تصيخ لانهمار ألف وردة
فهكذا .. فؤاد كل من نمت بصدر طفلها الشموس .. بالشموس تمتحن
وللورود من نزيفها المجيد ترتهن
.
.
على حواف ما نما في عطش .. بحيرة بها ستلعب الشجون مثلما الأضواء
وينزف المطر ..
ومثله سيهرع الأناس في اعتناقهم حنينهم للحب والبحيرة الفسيحة
مدلهين بالضياء سابحاً بها .. وبالتلاعب العجيب فوق صدرها
بحيث تزخر السطور بالأشعة البديعة القوام
لكي ترى عيونهم ..
وتسطر السطور فوقها
بحبها لرقة الضياء إذ يعوم ..
ستطلع الظلال فوق مائها
وجوههم .. النرجس الرقيق .. وملمح النهار في السيولة التي سيحتفي بحبها المطر
فيعشقون ما يرون .. أن في الذي يرون كل هذا الأفق .. نابضا
وجوههم .. أشعة .. وأسطر تجيء ثم تختفي بسطحها لكي تعود .. كأنها المدار
وليس في المجال أن سترتقي البحيرة العظيمة الكريمة البهاء غير هذه الأضواء و .. النرجس البديع ..
بحيث يرقص المسيل بانسيابه الرقيق كي تطل أوجه العشاق .. كي ترى .. وكي تلوح فوقها ظلالهم .. كأنها معزوفة الصدى
.
.
وثم من ..
وثم من ..
وسائل الخيال قد تكون .. مرة كذا
ومرة كذاك
فلعبة هنا ..
وحيلة هناك ..
.
.
فلا تقل إذن
كيف ذا ميسر لذا
وكيف ذا
ميسر لذا
..
يصح أن ترى بجنة الأحلام
قرادة ..
وتسمع الكنار
وتكسر الرعود فجأة ضلوعها
لتخلق انثيالة مضيئة .. من فرجة الغمام
..
ويفقس الكمون من مغاور العناكب المبادة
وتهرع الكلاب نحو عظمها بلا انتظار
ويلمع النضار
برقة لأعين النضار
..
يقال كي يرى المشاهدون فوق أسطح صقيلة
فيدهشون .. يصمتون هانئين باندهاشهم
..
وكي يظل ما يظل في خيالهم
على وسائد السكون والهدى
..
وربما إذ يعمر الإيمان بالطاووس أرؤس الملاحظين
على حواف أفق فكرهم
سيشرعون ..
المالئو رؤوسهم بخطوة الطاووس في ترتيل ما يرون أنه
الحقيقة القديمة الجديدة العصية .. التي يحار في اكتناه سرها العويص نرجس ..
ومهجة السحابة التي لهت بقرب ما استطال من تدفق الأضواء .. حيث أغطست
جباهها الأشعة العنيدة السطوع والقمر ..
سيسدلون فوقها جسومهم .. وتنحني كواهل ..
وتهرع الجفون نحو أنجم البصر
بحيث يصعد الغناء من مدائن النفوس المتقنات القفز .. لاعبات بالحديث والصور
**
يستنسخ الكتاب ما يطيحه الطاووس في مآله الجديد من فنون لون
وما يطيح عنه إذ يجول
فإنه تمكنٌ لأهل هذا الدهر من زمانهم
وإنها براعة ..
وربما ..
كما يقول بعض ساسة البحيرة القصيرة الخصل
فإن هذا الحال – أي أوان هذا الطائر الرفيع – كان مضمراً في خاطر الأزل
وما تكورت بداية البداية
إلا لكي يطيب عومه .. وكي يطيح ما يطيح
وكي تذوب نفخة التفكر الضعيف – مهما شابها – من حال خضرة و زرقة رقيقة الشجون
أو دفيئة اللحون، أوتضرجت بما يسيل في عروقها الدفينة العميقة الأحلام في الدخان
فما لنفخة التفكر الضعيف .. كان طارئاً .. – تقول أسطر الحكايا –
إذ كان أول الأمور أن تخلق الطموح والمرايا
ومبسم لكي يعض كل فلة فريدة
وأبدع الحلال والحرام فوق صفحة مجيدة
..
وأسمي الممنوع والمحظور
وأسمي التحذير
وعين المحافظ الكريم
وأبدعت جداول الرتب
وذاك كان من زمان
من أوائل الحقب
وجفت الأقلام
..
ثم كان أن تفتح الحنان
وسال منه بعض حبر
وجاء أهل الأرصفة
وجاء أهل الوهم والمداخل المختلفة
فقطر الحنان في محابر
وكسرت أقلام
لكل كاتب كسيرة
ودمعة بحجم قطرة صغيرة
لكي ينال ما يعن من تعطف
وتنحني هناك قبة على شعوره ( الصوفي ) كي تدور
فراشة الأحلام
**
وهكذا .. فإن أول الزمان .. كان
أن تبختر الطاووس
..
فقرعت كؤوس
وقبلت عروس
أخية عروس
” تباركت – أختاه – هذه الخدود ..
ودام فوقها التضرج الحكيم والطلل
لكي تطيب كلما استدار كوكب الحظوظ بالقبل “
**
تراه ناشراً براءة على حنكيه
وراسخاً ..
مطوقاً بلمحة الرسوخ
والشمس في جنحيه
والمجد في عينيه
وبعض من يكون في خطاه صبية ..
وبعضهم مشعوذون يصطلون من سنا ألوانه
وبعضهم لهم مآرب .. حيية ملتحفة
وكلهم على مدار خطوه موسماً .. مدوماً يدوخ
**
تراه نائماً على وسائد الخيال في السحب
وبعض حين جائلاً وطارقاً معاقل المكاتب
مثقلاً بما غلا وخف في الزكائب
ومادحاً ذكاءه .. وبهجة السعادة الطلية السخية الكفين حينما تطيح جسمه المحظوظ في السماء ..
مبارحاً مدارج الشقاء والشناعة
أوعابراً برونق .. وهيبة .. إلى معارض الكتب
ليخنق انزواءه الطويل
ويسكر الأيام بارتخائه على مفاتن البراعة
..
هناك حيثما إذاعة
مصور
وفسحة تذوب في عروشها عنادل الرجاء
.
.
فلاحق الطاووس
إن أردت بعض مجد
وكي تهيم في انسياب خطوك الرؤوس
ولح هناك – حيثما عروش فسحة تذوب في غصونها عنادل الرجاء –
وفض بشحم بطنك .. البطين وامتليء
وكن مروَّق الجبين .. طافر ( الجناح ).. حيث يرقد الدولار
كي تعود بعدما تطيب
في نفسك الظمأى إلى النعيم ..
مهامه القفار .. ويهدأ السعار
وعد بلا تعجل
لكي تؤوب مبهجَـاً إلى الصغار
للمعوزين ..
ومن يرى إبطيه .. لا يرى
هناك غير نفحة من عرق ..
تهل فوق مثل لوحة عتيقة
من فتنة معشبة .. على ذخائر الثرى