شخصيات

إبراهيم الأسطى عمر: الشاعر الإنسان

 .

د. فتحي العكاري

 .

مولده ونشأته

ولد إبراهيم الأسطى عمر بمدينة درنة عام 1908 ميلادية وعاش بها يتيما فقيرا وعمل منذ نعومة أظفاره حطابا يخرج الى الجبال المحيطة بالمدينة ليجمع الحطب ثم يبيعه مقابل رغيف من الخبز، ثم عمل ساعيا فكاتبا في المحكمة كما أصبح عضوا بمجلس الاوقاف بدرنة. وكان من صغره مولعا بطلب المعرفة ووجد ضالته في الشيخ عبدالكريم عزوز قاضي محكمة درنة الذي اعتنى به وعلمه اللغة العربية والفقه، حيث كان يعقد حلقة في بيته لتعليم الشباب.

 

استمر في العمل بالمحكمة إلى أن سافر إلى مصر والشام وبعدها فلسطين حيث اشتغل بعدة وظائف صغيرة لكن كل همه كان موجها إلى التعرف على نتاج الأدباء والمفكرين من خلال القراءة أو اللقاءات، ولعل الله يسر له هذا الترحال كى يثرى فكره وشعره ويسمو بمشاعره حتى يعود الى مسقط رأسه فيلهب المشاعر ويجحذ الهمم من خلال نضاله السياسى.

حياة الجندية

خلال وجوده في مصر التحق بجيش التحرير الليبي تلبية لنداء الواجب فى الجهاد من أجل تحرير الوطن، وشارك في حصار طبرق وله قصيدة رائعة في حياة الجندي بعنوان: ” الجندي في ميدان القتال”

حالة الجندي في الميدان يأس وعناء

أهله .. أولاده .. أمواله .. ضاعت هباء

وهو للموت إذا ما أغمض الجفن غذاء

حتفه .. يرقبه ما بين أرض وسماء

ما الذي يرجوه في الدنيا وقد ضاع الرجاء

أترى يجبن والجبن سلاح الضعفاء

أم ترى يدعو إله الكون؟ أم لات دعاء

*****

ما له غير اقتحام الموت والموت حياة

مبدأ الجندي في الميدان نصر أو ممات

*****

هو في الخندق يكسوه رداء من جليد

رابض كالليث لا يعبأ بالبرد الشديد

رابط الجأش إذا قيل استعدوا يا جنود

هاهم الأعداء قيد الميل أو قيد بريد

رحب الجندي بالموت فداء للبنود

أن تكون مرفوعة خفاقة فهو يسود

أو يراها أنزلت، فهو شبيه بالعبيد

فليعش من عاش، فالجندي قد مات شهيد

*****

حسبه أن ينعم الأحباء من أمته بالطيبات

قد قضى في ذلك الميدان أسمى الواجبات

*****

مجدوه فهو رمز المجد بل رمز الفخار

واجعلوا من قبره المجهول تمثالا يزار

وانثروا الورد على القبر بصمت ووقار

واذكروا .. الجندي في الميدان لا يرضى الفرار

فضل الموت على عيش بذل وصغار

قد سقى من دمه الأرض فجادت بالثمار

واقتطفتم بعده ” حرية ” بالانتصار

يا له من ميت .. أحيا كبار وصغار

*****

ضاربا رقما قياسيا ببذل التضحيات

في سبيل المثل الأعلى بصبر وثبات

وقد صور لنا الشاعرفى هذه القصيدة ما يخالط قلوب الجند فى ساحات الوغى عند ما تلتحم الجيوش، فالمرء عندئذ ليس له خيار الا الثبات على الحق ولا يرجو الا النصر أو الاستشهاد. وقد جادت قريحته بهذه القصيدة عند حصار طبرق فهو يصف حاله ولا يستشعر حال الآخرين من بعيد، إنه صدق الشاعرية فى وصف الحال من عين المكان بين القتلى والجرحى والصامدين. وكم من شهيد سقط فى الميدان لا يعرف اسمه احد ولا يذكر دوره أحد ولكنه عند الله حى لا خوف عليه ولا هو من المحزنين فهنيئا له وطوبى لمن عاد بالنصر العظيم.

نضاله السياسى وتطلعه للحرية

مع نهاية الحرب ترك حياة الجندية، فهو لا يرضخ للقيود ويعشق الحرية. فعاد إلى درنة وعمل بمكتب الاستعلامات أيام الإدارة البريطانية فترة قصيرة ، ثم عين فى القضاء فى مدينة المرج وانخرط في العمل السياسي عاملا من اجل استقلال البلاد ووحدتها من خلال نشاطه في جمعية عمر المختار التي أصبح بمثابة الزعيم الروحي لفرعها بدرنة لدرجة أزعجت الإدارة البريطانية مما أدى إلى إقالته من عمله. وكان له دور بارز وهام فى نشاطات رابطة الشباب التابعة لجمعية عمر المختار بدرنة، حيث كان له العديد من المشاركات الفكرية والشعرية والمناظرات.

كانت له مكانة خاصة بين جيله من أبناء درنة وخاصة أعضاء جمعية عمر المختار، وكان يعرف كيف يتفاعل مع الأحداث فخلال أيام الإدارة البريطانية استطاع أن يحير الإنجليز ويؤرق مضاجعهم . ولقد حكى لي أحد معاصريه وهو من عائلة بدر أنه كان يضيء مبنى الجمعية لفترة طويلة من الليل موهما الإنجليز بوجود اجتماعات في المقر بالرغم من أن الجلسة تكون سهرة عادية. وعيون الإنجليز في المدينة عندما يرون جميع الأنوار مضاءة يصرون على الاستمرار في مراقبة المبنى إلى ساعة متأخرة من الليل، إنه أسلوب الحرب النفسية.

خطابه السياسى

عند ما أسس الامير ادريس السنوسى الجبهة البرقاوية وأبدى رغبته فى أن تكون القناة الوحيدة التى تخوض فى النضال السياسى من اجل الاستقلال وطرح الموقف الليبى فى المحافل الدولية وقع خلاف حول رغبة بعض قيادات جمعية عمر المختارو الكثير من أعضائها فى مشاركة الجمعية فى النشاط السياسى خاصة انها موجودة على الساحة قبل الجبهة البرقاوية. وكان من أبرز المساندين لهذا الرأى كل من عبد الكريم لياس وعقيلة بالعون وابراهيم الاسطى عمر. وفى اجتماع خاص لمناقشة هذا الشأن وبعد أن تحدث كل من عبد الكريم لياس وعقيلة بالعون تقدم الصفوف ابراهيم الاسطى عمر وسط تصفيق وهتاف الاعضاء فقال:

“نعم ان الجبهة الوطنية تمثل الشعب وتحوز ثقة الامير، ولكن الجمعية أيضا تحوز ثقة مشتركيها وتمثلهم وتحوز ثقة الامير. وهى قد سبقت الجبهة فى تأسيسها وفى العمل لهذه الاهداف. ولنا فى البلاد العربية قدوة حسنة .. فهذه مصر على سبيل المثال فيها من تعدد الاحزاب والهيئات ما فيها، وليس معنى تعدد الاحزاب واختلاف أساليب العمل للهدف الواحد دليلا على تشتت الشعب .. ومن هنا ظهرت فكرة تعدد الاحزاب فى الدول الديمقراطية، لانها هى الوسيلة الوحيدة التى تضمن للشعب بلوغ أهدافه والمحافظة على حقوقه، والا لو انفردت هيئة واحدة للعمل باسم الشعب لانقلب الوضع ديكتاتوريا، ولاستبدت هذه الهيئة أو هذا الحزب .. إن تعدد الهيئات ينتج عنه تعدد الاساليب وعن هذا ينتج تعدد الافكار، وإذا اصطدمت الافكار ظهرت الحقائق .. ونحن ننشد عهدا ديمقراطيا يرتكز على حرية الاجتماع والكتابة والرأى .. ولا يمكننا أن نسعد بهذا العهد الا إذا تعددت هيئاتنا، وفى تعددها مجال لتنمية الافكار وتقوية الشعورالوطنى والمنافسة فى المحافظة على حقوق الشعب”.

ولقد كان لهذا الخطاب الفاصل والغنى بالافكارالناضجة والقيم السياسية وبعد النظر الاثر الكبير فى نفوس الحاضرين فقرر الجميع أن تبقى الجمعية وتنطلق فى عملها السياسى مع تعديل لوائحها بما يناسب هذا الحدث وجرت انتخابات لمجلس الادارة الجديد واسفرت عن فوز: ابراهيم الاسطى عمر، عبد الرازق شقلوف، المبروك الجبانى، عبد الكريم لياس، مفتاح بو غرارة، عبد الله سكتة، محمد السعداوية، رمضان غنيم، عقيلة بالعون، محمد البنانى، فرج القهواجى، عبد الجواد عمير، منصور الجربى، عبد الحفيظ بو غرارة. ويمثل هذا المجلس غالبية أهالى مدينة درنة فى ذلك الزمان.

ولقد كان لجمعية عمر المختار دورا بارزا فى تحقيق استقلال ليبيا بفضل جهود اعضائها، كما كان لها الدور البارز فى بناء صرح ليبيا الحديثة، ولكن كل هذه الانجازات لم تشفع لها لدى الملك الذى ادار ظهره للحركات السياسية الوطنية بناءا على نصيحة السفير البريطانى وحلها جميعا ونفى بعض زعمائها.

شاعر الحرية

له قصائد ذات أبعاد فلسفية وإنسانية ووطنية وكان خطيبا مفوها ينظم القصائد للمناسبة التي يتحدث فيها فيلهب المشاعر ويحفز الهمم. وكان يمزج بين ثراء التعبير اللغوي ورقة المشاعر الإنسانية ليضفي على شعره بعدا حسيا رائعا كما نلمس من قوله وهو يخاطب الطائر في قفصه فيقول:

غير أني أيها الطائر الكئيب .. عاجز مثلك مغلول اليدين

في بلادي بين أهلي كالغريب .. وأنا الحر لو تدري سجين

فما أمرها من لوعة عندما يشعر المرء الطليق بضيق السجن أو عندما يفقد دفء الأنس بين أهله. إنها المشاعر الإنسانية والوعي بمرارة الواقع مع قلة الأنصار وفي غفلة من الناس، إنها الغربة بين الاهل والاحباب فمرارتها ليس لها نهاية إلا بفراق الدنيا.

كان ابراهيم رحمه الله رقيق المشاعر لينا مع الناس يحب الوحدة ولا يأكل اللحم خلافا لمعظم أبناء ليبيا والجهة الشرقية بصفة خاصة، وهذا ربما زاد في رقة قلبه وقديما قالوا: إن أكل اللحوم يقسي القلوب، فأكل اللحوم ينمي الغريزة السبعية في الإنسان بما تحمل في طياتها من القسوة في التعامل والميل إلى العدوان والعنف. وهذه المشاعر تتجلى كشمس الضحى فى قصيدته الاتية:

الطائر السجين

أيها المسجون في ضيق القفص

صادحاً من لوعةٍ طولَ النهار

رَدَّد الألحان من مرِّ الغصص

وبكى في لحْنهِ بُعد الديار

ذكَرَ الغصنّ تثنى

وأليفاً يتغنَّى

وهو في السجن معنّى

فشكا الشوق وأنَّ

وتَمَنّى

والأماني ما أُحيْلاها خيال

يتلاشى، أو محلكٍ في منام

لو صحا في روضةٍ والغصن مال

من نسيمِ الفجر، وانجاب الظلام

ومضى يصدحُ في دنيا الجمال

طائراً حراً طليقاً في الأكام

راويا للطير من تلك القصص

ما به هدى وذكرى واعتبار

كيف حازته أحابيل القنص

هو يبغي الحب في عرض القفار

ضاق ذرعاً بالأماني

وهو في نفس المكان

ويعاني ما يعاني

رَددَ الحزن أغاني

فرآني

شارد اللب إليه ناظراً

قال – ملتاعاً-: ألا تسعفني

قلت: لو كنت قوياً قادراً

لم تذق يا طيرُ مرَّ المحن

ولهدمت النظام الجائر

ولما استخذى فقير لغني

ولكان الشر في الدنيا نقص

ولكان العدلُ للناس شعار

رزقنا يقسم فينا بالحصص

لا غني لا فقير لا فينا شرار

هكذا تصفو الحياة

لجميع الكائنات

وتزول السيئات

سعينا في الحسنات

للممات

غير أني، أيها الطير الكئيب

عاجزُ مثلك مغلول اليدين

في بلادي بين أهلي كالغريب

وأنا الحر ولو تدري سجين

فلتكن دعواك للرب المجيب

نعم من يدعي وعون المستعين

وارتقب فالحظ في الدنيا فرص

ربما جاءت على غير انتظار

وأرتك اليأس وغرد في القفص

وتناساه وغني يا هزاز

آه لو يدري مقالي

لشجاه اليوم حالي

غير أني بخيالي

في رشادٍ أو ظلال

لا أبالي

أيها الإنسان ما ذنب الطيور

تودعُ الأقفاص هل كانت جناة؟

هل تمادت في ظلال وفجور

مثلنا؟ ما الحكم؟ أين البينات؟

أ من العدل ظلوم في القصور

وبريء سجنه من قصبات؟

ليس في المعقول والمنقول نص

يدعيه المرء في صيد الهزاز

هو غريد إذا غنى رقص

كل غصنٍ طرباً والكأس دار

بين أطيار وزهر

سكرت من غير خمر

وأنا وحدي بفكري

تائه يا ليت شعري

أي خسر

ولقد نسج صاحبنا فى شعره هذا همزة الوصل بين الرفق بالحيوان وحقوق الانسان فى دعوته لتحقيق العدل بين البشر مع رفع الظلم عن ضعاف الخلق والمخلوقات، لترتفع تغاريد الطيور بين تمايل الغصون والازهار فتحلو الحياة من جديد. أنه سمو المشاعر الانسانية التى تحس بالطائر الضعيف كما تشعر بحرقة المغلوب والمحروم من أسس العيش الكريم. فهو يدعو إلى مجتمع ليس فيه سيد أو مسود والكل ينال حقه من خير البلاد وبالتالى يختفى الاشرار مع إختفاء الحقد بين أفراد المجتمع.

الشاعر الانسان

مع نهاية الحرب العالمية الثانية وفي نشوة النصر أعلن القسم العربي بإذاعة لندن عن مسابقة شعرية تخلد حدث انتصار الحلفاء على قوات المحور سنة 1946م. وقبل أن تخرج إلى العالم حركات السلام ودعوات حقوق الإنسان سمت مشاعر الشاعر إبراهيم الأسطى عمر فوق الأحداث وتطلعت إلى مستقبل يسوده السلام والعدل والتعاون من أجل خير البشرية فبعث بقصيدة أسميتها ” صحوة الضمير الإنساني ” أو نشيد الانتصار عندما ينتصر المنتصر على نفسه ليعترف بما ارتكب في حق البشرية فقال: نشيد النصر.

هتف الجندي من أعماقه: خلوا السلاح!

يا رفاق الحرب .. هيا نحتسي أكواب راح

نخب نصر قد ربحناه بصبر وكفاح

رب كأس تذهب الحزن وتأتي بالمراح

وانخذال الخصم في الميدان معناه النجاح

فاشربوا كأس المدام

واهتفوا عاش الحسام

وفى هذه الابيات يصور الشاعر حالة الجند الذين لا يعرفون الا طاعة الاوامر وتنفيذ المهمات وينتظرون المكافأة من قريب، وهكذا تجلت فرحة الجنود بانتهاء الحرب العالمية الثانية فهم قاسوا منها الويلات كما أذاقوا خصومهم مرارة الهزيمة فكانت الدعوة للاحتفال بالنصر ونجاتهم من الدمار.

فتخطى قائد الجيش ونادى في الجنود

أن هلموا .. واسمعوا أنباء ذا الفوز الجديد

سلم الأعداء من غير شروط وقيود

وانتهت ” حرب ” كوت كل قريب وبعيد

قد كسبناها ” بذرات ” ونار وحديد

فأجدنا الانتقام

وانتصرنا والسلام

أما الابيات الاخيرة فتصور موقف القائد النتصر والذى يحاول أن يملى على التاريخ ويسجل مدى انتصاره ومدى قوة جبروته، ويستثمر ذلك النصر محاولا كسب المزيد من الامتيازات من خلال تفوقه على خصمه باستخدامه أفتك الاسلحة، فلأول مرة تعرف البشرية السلاح الذرى وفضاعة تأثيره على العالم.

فبدا حينئذ- من بين حشد السامعين

عسكري فقد العين ورجلا واليمين

قال:- هذا ليس نصرا؛ إنه درس ثمين

إنه بدء ” طريق العدل ” بين العالمين

فهو حد للخصام

وهو أس السلام

هكذا لو فهم ” الغالب ” معنى الانتصار

وقضى بالعدل في “المغلوب” رشدا واعتبار

لرأينا الناس إخوانا يراعون الجوار

همهم، تفكيرهم، بل سعيهم، نحو العمار

فإذا الكون نعيما – وإذا للناس خيار

يشمل الناس الوئام

وعلى الأرض السلام

وينبرى بين الجموع من جند وقادة من استوعب الدرس وصحى ضميره ليذكر الجميع بانهم لا زالوا جميعا بشرا وبأن المنتصر والمهزوم أخوة فى البشرية والهزيمة النكراء إنما تكون باندثار الشعور الانسانى. ثم يختم حديثه بتحذير أجيال المستقبل من العودة للظلم والطغيان الحربى فى أشكال الاستعمار المختلفة وتحت مختلف التسميات.

وإذا ما نسي الإنسان ” درسا ” قاسيا

ذاقه ” ستا ” تركن كل مبنى خاويا

وانبرى يبعث شبح الحرب طورا ثانيا

فإذا الكون جحيما ويبابا خاويا

ويكون المرء في دنياه وحشا “ضاريا”

وفـاتـه

شارك في انتخابات البرلمان البرقاوى التى جرت قبيل الاستقلال مباشرة؛ وفاز بأحد مقاعد مجلس النواب عن مدينة درنة في أنظف انتخابات عرفتها درنة من حيث الشفافية والبعد عن التعصب القبلي والعائلي فلقد فاز صاحب المبادئ الفقيرماديا والغنى بحب الناس بعضوية البرلمان، ولكن تشاء الأقدار أن يتوفاه الله بعد فترة وجيزة حيث مات غرقا في البحر عند شاطئ أدليس بمدينة درنة ولعل الله كتب له الموت غرقا ليلقاه طاهرا من كل ذنوبه في رابع أيام عيد الأضحى بتاريخ 26 سبتمبر لسنة 1950 م بعد أن حضر جلسة واحدة للبرلمان. وبهذا الحدث طويت صفحة عظيمة فى تاريخ النضال السياسى والنهوض الفكرى لمدينة درنة وأهلها لعدة عقود من الزمن، ولم يبرز على الساحة من له شفافية ابراهيم وصدقه واسلوبه الشعرى والشاعرى فى تأليف القلوب قبل لم الجموع.

وقد شارك في تشييع جنازته كل المدينة مع وفود من بنغازي وطرابلس والمناطق المحيطة بدرنة في موكب مهيب لم تعرف المدينة مثله من قبل أومن بعد، والله ندعو أن يتقبله في عداد الشهداء فهو مات غريقا والغريق شهيد، فلقد كان لسانا للحق وشمعة أضيئت على درب الحرية لشعبنا الكريم فى دياجير الظلام. وبالرغم من وفاته مبكرا إلا أن شعره وفكره لا زال ينبض بالحياة وكأنه يسطع مع شمس كل صباح جديد ويدعونا لمواصلة المسير من اجل غد أفضل لبلادنا ومستقبل أفضل لشعبها.

كانت هذه باقة عطرة اختلطت فيها المشاعر الانسانية السامية بالشعر الرقيق تغنيا باجمل آمال الشعب فى الحرية والرفاهية والمساواة فى ظل نظام إنسانى خال من الظلم والاحقاد. وقد التقت هذه القيم فى حياة زعيم مدينة درنة الروحى الشاعر ابراهيم الاسطى عمر رحمه الله، أزفها لمن يبحث عن قيم الرجال وقادة النضال الذين يولدون ويترعرعون فى الميدان. وأحمد الله الذى مكننى من أن أوفى هذا الشاعر حقه وأرد بعض الجميل لدرنة وأهلها مع شكرى الجزيل لكل من ساهم فى هذا العمل.

_________________________

أهم المراجع:

1- مفتاح الشريف، ليبيا نشأة الأحزاب ونضالاتها، دار الفرات، 2010م.

2- محمد محمد المفتى، سهارى درنة، 2007م.

عن موقع جيل ليبيا

مقالات ذات علاقة

«جنقي» الذي مات في الحبّ: خليفة الفاخري… نحّات القصة الليبيّة

المشرف العام

رضوان أبو شويشة البحار العتيد

عزة المقهور

في ذكرى التي لم تعد وحيدة (2/2)

حواء القمودي

اترك تعليق