لا عذرَ للشعر إنْ لم ينتفض غضبا *** وينفث الحرف عن أنفاسه لهبا
وأنْ يُبارك كفّاً أطلقتْ حجراً *** في وجه من سلب الأوطان واغتصبا
وأنْ يُبلسم في أعماق أُمّتنا *** جرحاً تمادى عليه الدهر فالتهبا
وأنْ يُؤبِّن طفلاً ضمّ والدُهُ *** رفاتَه.. وبكى كالطفل مُنتحِبا
راعوه.. فارتاع واستذرى بوالدهِ *** لكنّه عن قضاء الله ما احتجبا
هوى كسوسنةٍ فيحاءَ قد عصفتْ *** بها الرياح وهزّتْ غصنها الرَّطِبا
تبّتْ يدا مُجرم أودتْ رصاصتُهُ *** به وتبّتْ مساعيه، وما كسبا
وشاهَ شارونُ وجهاً بانتفاضتهم *** وساء «باراكُ» في مسعاه مُنْقَلَبا
وفتيةٍ هزئوا بالموت واصطبروا *** كأنّهم في مجال الموت نَبْتُ رُبا
تألّقوا في سماء المجد واحتشدوا *** واسّاقطوا فوق ساحات الحِمى شُهُبا
لا يُرهب البغي والطغيان من عقدوا *** عَقداً مع الله ألا ينكصوا هَرَبا
ولا يُمارون محتلاً على وطنٍ *** رأوه في ما رأوا – أُمّاً لهم وأبا
الحقّ فوق الذي خالوه يُرهبهم *** لا يُرهب الباطل الحقّ الذي وجبا
ما زادهم عَنَتُ الباغي وسطوتُهُ *** إلا يقيناً بأنّ النصر قد قَرُبا
تلك الصواريخ ما هدّتْ إرادتهم *** وإنْ تكن هدّتِ البنيان والقببا
ولم تهزَّ يقيناً في عزائمهم *** ولم تُمِتْ فيهم الإصرار والدَّأَبا
هم عصبة كأنّ حزب الله حزبهمو *** هيهات يَغْلِب حزبَ الله مَنْ غَلَبا
لقد بكينا كثيراً ثم آنَ لنا *** ألا نرى الدمع في الأجفان مُضطربا
مَسْرى النبي، ومِعراج النبوّة هلْ *** نُبقيه للعابدين العِجل والذَّهبا؟
ماذا نقول له إنْ قام يسألنا *** عنه.. ويُوسعنا من أجله عَتَبا؟
فهل سنزعم أنّ القوم قد غَلَبوا *** لأنّ سادتهم مدّوا لهم سببا؟
ونستكين – كأنّا لم نكن عرباً *** أو مُسلمين وكنّا قبلها عربا
فبارك الله والأحرار صحوتكم *** لا يهدأ الثأر حتى تبلغوا الأربا
فأجّجوها وأَصْلوهم جواحمها *** وأطْعِموا النار من أشلائهم حطبا
فخلفكم تهتف الدنيا لصيحتكم *** وتستخفّ بمن مارَى ومَنْ شَجَبا
لا مجدَ إلا لمن ألقى بمهجتِهِ *** فيها.. وجشّمها الأخطار والتّعبا
والآخرون قُصارى جهدهم خُطَبٌ *** ناريّة ضمّنوها الزَّيف والكذبا
لا تقبلوا من مُشير أنْ يصدّكمو *** عمّا بدأتم فإنّ الصبر قد نَضَبا
المنشور السابق
المنشور التالي
حسن السوسي
حسن أحمد محمد السوسي (1924-2007) شاعر فصحى من ليبيا يلقب شاعر الوطن وشاعر الغزل الخجول.
ولد عام 1924 بالكفرة - جنوب ليبيا هاجرت به أسرته إلى مصر لما اشتدت وطأة الاحتلال الإيطالي على الشعب الليبي؛ فترعرع في مرسى مطروح في القطر المصري، وتأثر كثيراً بالمجتمع المصري ؛ وكان كثير من اللاجئين الليبيين قد نزل مرسى مطروح ؛ كبعض أفراد السنوسيين ؛ الذين اتصل بهم وكانت بينه وبينهم ألفة ومودة.فتلقى تعليمه الأولي في مصر ؛ وحفظ القرآن علي يد والد وغيره من المشايخ ؛ وتأثر بالفكر السنوسي ؛ وترقى حتى حصل على الشهادة الأهلية الأزهرية عام 1944م ؛ وتنقل بعدها في بعض البلدان العربية ؛ كلبنان وتونس لحضور دورات تربوية هناك، فاكتسب الكثير من المعرفة ؛ وصقلت موهبته الشعرية ؛ ولعل الحنين إلى الوطن ؛ مع ما ألحقه المحتل الغاشم ببلاده وشعبه كل ذلك أثر فيه ؛ في نفسيته وشاعريته ؛و نشأ الشاعر عفيفاً ؛ متواضعاً طوال حياته. استمرت به الحياة حتى عايش دولة الثورة لأكثر من ثلاثين عاماً حتى توفي في يوم الأربعاء 21 من شهر نوفمبر 2007م في إحدى مستشفيات العاصمة التونسية ؛ ثم نقل إلى بنغازي ليدفن فيها يوم الخميس 22 نوفمبر 2007 ؛ وذلك عن 83 عاماً قضاها في الدعوة إلى الفضيلة.
إصدارات:
الركب التائه 1963
ليالي الصيف 1970
نماذج 1981
المواسم 1986
نوافذ 1987
الفراشة مركز دراسات الثقافة العربية، الطبعة الأولى، عام 1988.
الزهرة والعصفور ،الدار الجماهيرية، الطبعة الأولى, عام 1992.
الجسور ،الدار الجماهيرية، الطبعة الأولى، عام 1998.
الحان ليبية ،الدار الجماهيرية، الطبعة الأولى، عام 1998.
تقاسيم على أوتار مغاربية، الدار الجماهيرية، الطبعة الأولى، عام 1998.
مقالات ذات علاقة
- تعليقات
- تعليقات فيسبوك